زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - لا يخرج وزير الداخلية الأردني الأسبق والمثقف مازن الساكت عن ‘النمطية’ المعتادة في التفكير البيروقراطي وهو يتحدث مجددا عن مؤثرات داخلية وأخرى خارجية في الأزمة التي تدحرجت ولا زالت تتدحرج في أكبر صحف الحكومة وهي ‘الرأي’.
الساكت عين رئيسا لمجلس إدارة الصحيفة الأولى في البلاد بعد موجة إحتجاجات للعاملين أطاحت للمرة الثانية بإدارة المؤسسة السابقة وقام بزيارة خيمة الإعتصام وإستمع لمطالبات جدية من المحتجين دفعته للإعلان عن مؤثرات لم يحددها لفتت النظر خصوصا في الجزء المتعلق منها بالمؤثر الخارجي.
حصل ذلك في الوقت الذي تسعى فيه كل الأطراف لإحتواء أزمة الرأي بإعتبارها معيشية ومطلبية خصوصا بعدما رفض المحتجون كل الحلول الوسط التي طرحتها الإدارة السابقة.
الأزمة بدأت عمليا عندما رفضت مؤسسة الضمان الإجتماعي وهي المالك الأكبر لأسهم الصحيفة الإلتزام بإتفاقية عمالية تنص على راتب شهر إضافي للعاملين كحافز إداري.
المؤسسة إعتبرت أن خطتها في مجال خفض الإنفاق المالي تتطلب ربط راتب الشهر الإضافي المشار إليه بوجود حالة تحفيز حقيقية، الأمر الذي رفضه المعترضون قبل التحول إلى حراك بهتاف سياسي يطالب بإسقاط رئيس الوزراء الدكتور عبدلله النسور.
واضح تماما أن الساكت تقصد الإشارة للجانب السياسي وعكس تفكير مطبخ النسور بالمسألة عندما تحدث عن عوامل ‘خارجية’ بمعنى الإشارة بغموض لوجود تأثيرات من خارج المؤسسة على حالة الإعتراض التي كانت مطلبية ثم تحولت لسياسية، الأمر الذي يعكس مجددا تنامي حالة صراع بين مراكز قوى داخل مؤسسة القرار علق وسطه العاملون في أهم صحف البلاد.
العاملون في ‘الرأي’ خاضوا معارك شرسة لصالح النظام وخيارات الدولة خصوصا عندما يتعلق الأمر بالموقف ضد الأخوان المسلمين والدفاع عن قرارات الحكومة والإتجاهات الرسمية ويتصورون بأن إدارة الصحيفة تحاول الإتفاق على حقوقهم والمساس بأرزاقهم كما قال الكاتب الصحافي فيصل ملكاوي وهو يشرح سبب الإحتجاج للقدس العربي.
لذلك أعلن المحتجون في بؤرة الرأي الحراكية أن قرار تعيين الساكت كأنه لم يكن مما يوحي بأنهم ليسوا مطمئنين لوعود الرجل التي قيلت لهم بعد ساعة من تعيينه رئيسا للإدارة في خيمة الإعتصام حيث تقول مصادر داخل الصحيفة أن راتب الشهر الإضافي يعني بلغة الأرقام توفير نحو 650 ألف دولار إضافية ستدفع من حقوق المساهمين بالإتجاه المعاكس لخطة ترشيد الإنفاق.
ما حصل بـ’الرأي’ يمكن إعتباره هزة إرتدادية للتفكير التقشفي السائد في أوساط المطبخ الحكومي على جميع الأصعدة لكن العاملين في الرأي يتحدثون عن عدم وجود عدالة في الرواتب وعن قطط سمان بين الكتاب تحصل على رواتب كبيرة بدون معدلات قراءة موازية وعن عمليات فساد وتوسع في إستثمارات وتعيينات لا مبرر لها مع تقليص حقوق العاملين.
عمليا لا يمكن معرفة حجم التفويضات المالية التي قفزت بالوزير الساكت رئيسا لإدارة هذه الصحيفة فقد سبق للعاملين أن أسقطوا مجلسا أخر للإدارة ترأسه زميلهم فهد الفانك قبل نحو عامين .
لكن الأزمة في ‘الرأي’ أصبحت أزمة إرادات متضادة وإتجاهات سياسية متعاكسة داخل الصف الرسمي في الوقت الذي تتراجع فيه الصحف اليومية الورقية على نحو واضح على مستوى التوزيع او على مستوى الترتيبات المالية.
الحديث عن مؤثرات ‘خارجية’ يبدو أنه لا يفيد في تهدئة الأوضاع الملتهبة داخل الصحيفة والساكت أعلن أنه من المبكر له القول بإحتمالية الإنسحاب عارضا التفاوض والتحاور على كل التفاصيل ومن المرجح في السياق أن من عين الساكت رئيسا لمجلس إدارة ‘الرأي’ خطط لإبعاده عن موقع أخر مهم كان مرشحا له وهو رئاسة الهيئة المستقلة للإنتخابات.
القدس العربي