يزخر أردننا الحبيب بمدارس كثيرة متميزة، ولكن أن تجد مدرسة متميزة جمعت المجد من أطرافه، وحازت قصب السبق في كل مضمار، فتلك هي مدرسة هند بنت عتبة الثانوية للبنات في منطقة السخنة التابعة لمديرية الزرقاء الثانية، فأينما وجهت نظرك وبحثت تجد ثمة تميز وإبداع لافت للنظر: في نتائج الثانوية العامة، في المسابقات الثقافية والرياضية، في الأنشطة، في خبرات المعلمات وقدراتهن، في الانضباط، في الإدارة القديرة، ففي كل مجال للمدرسة نصيب وافر من الفرادة والتميز .
تأسست المدرسة سنة 1954 باسم مدرسة السخنة للبنات، وكانت تطل على نهر الزرقاء (سيل الزرقاء حالياً)، حيث تعانقت الحياة على ضفاف النهر مع الحيوية وتربية النشء في جنبات المدرسة. ثم انتقلت المدرسة إلى موقع جديد قبل ثلاث سنوات باسم هند بنت عتبة، وتضم حالياً الطالبات من الصف السابع إلى الثاني عشر الأدبي والعلمي والإدارة المعلوماتية، بالإضافة إلى روضة للأطفال، ويبلغ عدد الطالبات 720 طالبة، وعدد المعلمات والإداريات 51، وتستقبل المدرسة بالإضافة إلى السخنة طالبات الصالحية وأم الزيغان ودوقرة والقنية والرحيل، كونها المدرسة الثانوية للبنات الوحيدة في المنطقة.
وعند تصفح السجل الذهبي للمدرسة تبهرنا إنجازاتها ونتائجها على مختلف الصعد وفي جميع المجالات، ففي نتائج الثانوية العامة تسجل المدرسة سيطرة شبه تامة سنوياً على مستوى المديرية، حيث حصلت الطالبة الأولى على معدل 97 في السنة الماضية، وفي الدورة الشتوية حصلت الطالبة الأولى على معدل 97 في الفرع العلمي و96 في الفرع الأدبي، وقد احتلت المدرسة المرتبة 22 على مستوى المملكة في نتائج الثانوية العامة في السنة الماضية، والمرتبة الأولى على مستوى مدارس محافظة الزرقاء بمديرياتها الثلاث (الزرقاء الأولى والزرقاء الثانية والرصيفة).
وفي المسابقات الثقافية تبوأت طالبات المدرسة مراكز متقدمة على مستوى المديرية والإقليم والمملكة في الشعر والقصة والمقالة والرسم وحفظ القرآن الكريم والحديث الشريف، وكان لهن نصيب أيضاً في مسابقات ثقافية دولية ومحلية.
وفي البطولات الرياضية كان للمدرسة حظ كبير في بطولة الريشة واللياقة البدنية وألعاب القوى وغيرها.
وقد شاركت خمس معلمات من المدرسة في جائزة الملكة رانيا العبد الله للتميز التربوي، على أمل الفوز والترشح لأدوار متقدمة.
وللمدرسة إسهامات متعددة في الأنشطة المختلفة والحصص التطبيقية المصورة ومحكات التفكير والمسابقات الداخلية والأندية التي تستقطب اهتمام ومشاركة الطالبات، وآخرها النادي الإسلامي الذي نظم مسابقة أجمل أنشودة وأجمل صوت.
كما تنظم المدرسة سنوياً مجموعة من المعارض الوطنية والعلمية، كان آخرها معرض الصور الخاص بالهاشميين، والمعرض الفني، ومجسمات وطنية، وبيت الشعر الأردني الذي يمثل التراث العربي الأصيل.
وتنفذ المدرسة مجموعة من الأنشطة المتميزة سنوياً، كان آخرها البرلمان المدرسي لمدارس المنطقة، وحفل ضمن خطة النهوض الوطني.
وتعد المدرسة مركزاً للعديد من الأنشطة والفعاليات على مستوى المديرية؛ لما تتمتع به من إمكانيات وقدرات على الاستقبال والتنظيم وتوفير الأجواء المناسبة.
وعن سر تميز المدرسة تقول الطالبة آلاء العزام من الصف التاسع أن المدرسة ككل تلعب دوراً كبيراً في التميز بما فيها من معلمات قديرات وإدارة رائعة تشجع على التميز والإبداع.
وتؤكد الطالبة سامية عصام من الصف الأول الثانوي الأدبي رأي زميلتها مركزة على دور الإدارة المتميز وقدرتها على فرض النظام بما يساعد على الرقي بالمستوى التعليمي، ولا تنسى دور المعلمات المهم والمقدر في هذا المجال.
المعلمة إخلاص حتاملة تعينت قبل أربع وعشرين سنة في المدرسة وما زالت رغم أنها من سكان مدينة الزرقاء، ولا تفكر بالانتقال منها لأن المدرسة مريحة ومنضبطة، ويتوفر فيها جميع ما يساعد على النجاح، وخاصة الإدارة المتميزة، وعلاقات العمل مع الزميلات ونوعية الطالبات.
أم صالح إحدى الأمهات ترى أن المدرسة متميزة جداً لما تلمسه من تعاون وتواصل من المدرسة، وحسن تفهم للطالبات، والاحترام الكامل مع الحزم في التعامل مع الجميع، وعدم وجود أي نوع من المحاباة أو الشللية.
الدكتور مازن صباح أحد أولياء الأمور أكد أن المدرسة متميزة وجادة من حيث الإدارة والمعلمات القديرات، وأن المدرسة تعمل بإخلاص، ويوجد تنافس شريف بين المعلمات من أجل مصلحة الطالبات.
تقول مديرة المدرسة سهاد الكيلاني أن المدرسة تهدف إلى إتاحة الفرصة للجميع طالبات ومعلمات للوصول إلى التميز والإبداع، وإظهار القدرات الكامنة في جميع المجالات، وتؤكد أن سر التميز الأول للمدرسة هو الخبرة الطويلة والقدرات العالية للمعلمات اللواتي لا يوفرن أي جهد في سبيل الرقي بطالباتهن، وتعبر عن اعتزازها بالمدرسة وفخرها بها وبجميع معلماتها وإدارياتها وطالباتها، وتشير إلى أنه رغم التعب والجهد الذي تبذله وجميع كادر المدرسة إلا إنها تشعر بالسعادة لحجم الإنجاز المتميز في جميع المجالات.
وحول المشكلات التي تعاني منها المدرسة أشارت الطالبة سامية عصام أن موقع المدرسة على شارع رئيس وعلى منعطف حاد وعلى طريق مرور الطلبة يشكل خطراً وعاملاً مقلقلاً للطالبات.
وتؤكد مديرة المدرسة على أهمية العلاقة مع الأهل والمجتمع المحلي، وهي تأمل بتعاون أفضل من أولياء الأمور، وأن يكون تواصلهم أوثق مع المدرسة لمصلحة بناتهم تحصيلياً وسلوكياً.
وقد لاحظت من زياراتي المتكررة عدم وجود حارس نهاري للمدرسة، وإمكانية أياً كان الدخول من الباب الخارجي والوصول إلى أي غرفة بسهولة، وعند سؤال مديرة المدرسة عن ذلك، أكدت أن وجود حارس نهاري ضروري جداً، وهي تأمل بتعاون مديرية التربية وتعيين حارس نهاري، وأشارت أيضاً أن الحارس الليلي مشترك مع المدرسة المجاورة وهذا لا يفي بالغرض.
وحول مشكلة قاعة المسرح المعطلة منذ افتتاح المدرسة قبل ثلاث سنوات كونها مستخدمة كمستودع كتب للمديرية، أشارت أن المشكلة في طريقها للحل، وأنه تم إخلاء معظم الكتب، على أمل أن يوظف المسرح في العام الدراسي القادم لخدمة الطالبات ونشاطاتهن المختلفة، بعد تجهيزه وتوفير الأثاث اللازم.
معلمات المدرسة بدورهن طالبن بتخصيص حضانة للمدرسة تخدم أطفالهن وأطفال المدارس القريبة، حتى يشعرن بالاستقرار والاطمئنان على أطفالهن، خاصة وأنه يوجد غرفة فارغة مناسبة، ويأملن من المعنيين العمل على تحقيق هذا الطلب البسيط، وتوفير كافة المتطلبات والإجراءات اللازمة، مساهمة منهم في تخفيف العبء عن المعلمات.
وبعد ... فإنَّ الزائر للمدرسة لا يشعر أنه في مدرسة بل في بيت للعبادة لما يلمسه من هدوء ونظافة ونظام وانضباط، ولا عجب فإنَّ مدرسة هند بنت عتبة تعتبر نموذجاً للمدرسة المتميزة بكافة مكوناتها، وخاصة العنصر البشري الرائع الذي يعمل بأقصى طاقاته من أجل الارتقاء بالطالبات، وإيصالهن إلى أفضل مستوى ممكن، وتكمن فيها أهمية الإدارة الإنسانية التي تراعي المصلحة للجميع دون أي تحيز أو محاباة، والأمل أن تجد هذه المدرسة الدعم والإسناد من المجتمع المحلي للاستمرار في تأدية رسالتها ودورها المتميز في التربية والتعليم.
mosa2x@yahoo.com