التخلف الحضاري التحضر والتخلف مظهران من مظاهر الإنسانية ، وهما مرتبطان بسلوك الإنسان ، وعن طريقهما يمكن تصنيف الأفراد أو الدول أو الجماعات بأنها متحضرة أو متخلفة حسب السلوكيات الصادرة عنها ، فالسلوك الحضاري يوصف بأنه سلوك يتميز بالرقي والسمو كسلوك المحافظة على النظافة ، وطريقة التعامل ،واحترام النظام ،أما سلوك التخلف فيمكن وصفه أيضاً بأنه سلوك مناقض للسلوك الحضاري كسلوك الفوضى والعشوائية ، وسلوك العنجهية والغوغائية وعدم التقيد بالنظام ، وتعطيل المصالح العامة لصالح المصالح الخاصة ، واستخدام العبارات النابية في التخاطب مع الآخرين ، وتختلف المعايير المتعلقة بالتحضر والتخلف من ثقافة إلى أخرى ، لكن هناك قواسم مشتركة لكل الثقافات والمجتمعات من خلالها يتم وصف المجتمعات بأنها متحضرة أو متخلفة، وفي هذا المقال سوف أركز على السلوكيات العامة . وبناء على ذلك هناك سلوكيات حضارية تخلينا عنها في حياتنا المعاصرة رغم إدعائنا أننا متحضرون ، وهناك ممارسات سلوكية من أبسط السلوكيات نقوم بها جهاراً نهاراً رغم قولنا أننا متحضرون ، ومن هذه السلوكيات على سبيل المثال لا الحصر سلوك النظافة ، فنظرة سريعة إلى واقع النظافة في أسواقنا وشوارع مدننا وتجمعاتنا السكانية في القرى والأرياف ، وفي الحدائق ، وفي المدارس ، وفي الساحات العامة ، وفي المكاتب العامة حيث ترى مخلفات السجائر وبقايا الطعام ، وعلى جوانب الطرق الداخلية والخارجية ، ونحن نقول : النظافة سلوك حضاري !! ولكن الواقع خلاف ذلك ، فهل نحن متحضرون أم متخلفون !! . ومثال أخر على هذه السلوكيات التي تعد معايير للحضارة أو للتخلف قواعد السير ومدى التقيد بها ومراعاتها من قبل السائقين والمشاة ، فنظرة سريعة إلى طريقة اصطفاف السيارات ، والفوضى العارمة في معظم أسواقنا وشوارعنا ، وفي الأماكن العامة ، وإغلاق الشوارع من قبل السيارات تجعل المرء يطرح السؤال المرير هل نحن متحضرون ؟ ومتى يمكن الوصول إلى حالة السلوك الحضاري الذي نشاهده في بعض البلاد الغربية والأجنبية التي طبقت تلك السلوكيات الحضارية بدوافع من ذاتها أو تحت رقابة القانون ؟ . ومن الأمثلة على السلوكيات التي لا تمت للحضارة بصلة ما نراه من فوضى في الأسواق التجارية حيث تغلق الشوارع العامة بالبسطات و الباعة المتجولين ، وقد تحولت الشوارع إلى أماكن للتسوق لكل من يتعدي على القانون دون مراعاة لحرمة الشوارع والطرقات ، ودون دفع للضرائب للبلديات ، ودون ترخيص أو مراقبة بصورة عملية ، وكل ذلك يتم أمام كل الجهات القانونية والرقابية والأمنية ، وكأن هذه الجهات عاجزة عن تنفيذ القانون وحماية الطرقات من هذه الفوضى العارمة ، فهل هذا السلوك سلوك حضاري أم ماذا ؟ . ومن نماذج السلوكيات المخالفة لأبسط معايير الحضارة والتعامل الحضاري الراقي ما نراه من تطاول الناس بصورة فجة على النظام العام في المؤسسات العامة وفي وسائل الإعلام ، ولم يعد هناك حرمات أو حدود يتم الوقوف عندها ، ويتم تعطيل القانون خدمة لبعض الخارجين على القانون تحت مسمى " الخلوة " أو خدمة لبعض المتنفذين تحت عنوان " المحسوبية والفساد " والحقيقة المرة إلى متى تستمر هذه السلوكيات ؟ وهل المجتمع الذي تسوده هذه الممارسات يسير نحو مرحلة الحضارة أم أنه يتراجع نحو التخلف ؟