زاد الاردن الاخباري -
ألقى الباحث الأردني سامر خير أحمد، يوم الأحد الماضي، محاضرة في معهد تاج كونفوشيوس لتعليم اللغة الصينية، التابع لمؤسسة طلال أبوغزالة، محاضرة حول كتابه \"العرب ومستقبل الصين\" الصادر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم في العام 2009، بحضور عدد من المهتمين وأفراد الجالية الصينية في الأردن، تقدمهم سفير جمهورية الصين الشعبية في عمّان، يو هانغ يانغ.
تناولت المحاضرة إجراء مقارنة بين أسباب نجاح التجربة النهضوية الصينية المعاصرة، وأسباب تعطل المشروع النهضوي العربي، واستنتج المحاضر أنه إذا كان لنا أن نلاحظ المبدأ الأساسي في تجربة النهضة الصينية المعاصرة، فإننا سنجده \"البرغماتية على أساس ثابت\"، أي البحث عن الحقيقة والأخذ بها من دون أوهام أيديولوجية، ما دامت تخدم هدف الإنهاض، وهو ذاته المبدأ الذي تبناه المشروع النهضوي العربي في مرحلته الأولى، في طروحات رفاعة الطهطاوي وتطبيقات محمد علي باشا.
وأوضح المحاضر أنه في قصة النجاح الصيني، شهدت الأسس التي قامت عليها عملية التنمية والنهضة، تطويراً وتعديلاً مستمراً، منذ العام 1978، بل إن \"التعديل\" ظل بمثابة الأساس الثابت في عملية الإصلاح، بمعنى أن القيمة لم تكن للفكرة، بل للنتيجة، وهو أمر انسجم مع المبدأ الذي أطلقه دينغ منذ مطلع العام 1978، ومفاده أن \"التطبيق العملي هو المعيار الأوحد للحقيقة\"، شاملاً أفكار الإصلاح نفسها، بما فيها \"نظرية دينغ شياو بنغ\" المسماة \"اقتصاد السوق الاشتراكي\"، إذ شهدت هي الأخرى تعديلات كانت جذرية أحياناً.
البعد الآخر الذي تناوله المحاضر، هو الدعوة للتحضير لما سيكون عليه مستقبل العالم بعد بضعة عقود، حين تنجح الصين في تعظيم حضورها العالمي، انطلاقاً من حضورها الاقتصادي. وقال المحاضر إن التعاون الحالي بين العرب والصين، يعاني مشكلات أساسية، أهمها أنه يتركز في البعد التجاري، وأن العلاقات بين الطرفين تأخذ طابعاً نخبوياً، ما يعني أن كل طرف ما يزال يمثل للآخر، ما يشبه \"العالم البعيد المجهول\"، وأهم عامل في هذا المجال هو اختلاف اللغة، وسيطرة الثقافات الغربية على العالم العربي مبكراً، بشكل لا يترك مجالاً متاحاً لدخول ثقافات أخرى.
ورأى المحاضر أن ما يمكن أن تقدمه الصين لعالم عربي طامح باستعادة خطواته النهضوية، يفيض عن مجرد الدروس والعبر والتجارب، لأن ثمة في الصين منجماً من الفرص المستقبلية، لا بد للعرب أن يعوها ويحسنوا إدارتها، بما يوفر لهم أجواءً دولية عادلة لحل المشكلات التي ما فتئت تعيق تقدمهم الحضاري، وهو أمر –بحسب المحاضر- مرهون بحسن إدارة العلاقة مع الصين، فالتقارب العربي مع الصين الذي يُدار بمنظور التجارة، قد يجلب المال، لكنه لا يحقق مصالح استراتيجية كبرى، كتلك المتعلقة بمهمة مثل النهضة.
ودار نقاش حول مضمون الكتاب بعد المحاضرة، فيما قدم السفير الصيني مداخلة مطولة حول العلاقات العربية الصينية مؤكداً أنها تتجه للتعزيز يوماً بعد يوم.