زاد الاردن الاخباري -
يبدو أن مناكفات أفراد الفريق الحكومي التي طفت مؤخراً على السطح بدأت تظهر نتائجها على أرض الواقع بعدما كانت محصورة داخل قاعة اجتماع مجلس الوزراء في الدوار الرابع بالعاصمة، منذ لحظة تشكيل رئيس الوزراء عبد الله النسور لحكومته الثانية .
ومن المنطقي أن تقع اختلافات عديدة في وجهات النظر بين أفراد الفريق الحكومي، لكن أن يؤثر ذلك على المصلحة الوطنية، وأن يستأثر كل بقراره، ويحاول تنفيذ وجهات نظره عبر أدواته المتنفذة بالدولة، رغما عن أنف الآخرين، فهذا غير مقبول .
رئيس الوزراء يدرك، أمام نفسه على أقل تقدير، أن عددا من فريقه الوزاري يغردون بسربه، لكن ثقل من هم خارج سربه وعلاقاتهم المتشعبة من المؤسسات السيادية الأخرى، إضافة إلى أواصر الصداقة الوثيقة، وقربهم من الديوان الملكي، يجعل كل ذلك حجر عثرة أمام الرئيس من أجل التخلص منهم، أو إغفال قراراتهم .
التجاذبات الكامنة تحولت إلى قرارات على أرض الواقع، فبعدما فاجآ النسور محكمة أمن الدولة بقرار الإفراج عن معتقلي الحراك قبل أسبوعين تقريبا بعد مشادة كلامية وقعت بين أحد وزراء الوزارات السيادية الذي كان يصر على ضرورة الاستمرار في سجنهم، ووزير آخر طالب بالإفراج عنهم، تسلم رئيس الوزراء الملف، وقرر آنذاك الإفراج عنهم بعدما صدح قرار مجلس الوزراء في وسائل الإعلام قبل أن تعلم به المؤسسات الرسمية الأخرى .
واستمرت عجلات كل طرف بالتقدم للمضي برؤيته، لكنها لم تنتظر طويلا حتى تعثرت بمشاجرة جامعة "البلقاء" التطبيقية، التي استطاع من خلالها أحد وزراء الوزارات السيادية الرد السريع، ومفاجأة رئيس الوزراء بتحويل عدد من الطلبة لمحكمة أمن الدولة .
ورغم أنني مع محاسبة كل شخص يثبت تورطه في المشاركة بالمشاجرة بعض النظر عن الوسيلة، إلا أنني ضد تحويلهم أيضا إلى محكمة أمن الدولة لأنني أعتقد بأن القضاء المدني قادر على منح كل مظلوم حقه، ومحاسبة الخارجين عن القانون.
رئيس الوزراء، باتصال هاتفي الخميس الماضي، وعد أحد كبار وجهاء مدينة السلط، العين مروان الحمود، بالإفراج عن المعتقلين صباح الجمعة الماضي، لكن إلى الآن ما زالوا قيد الاحتجاز، ولم يعد سراً القول إن النسور لم يعد قادرا على تنفيذ كافة أفكاره .
ويعلم صاحب قرار تحويل المتهمين إلى محكمة امن الدولة، وعدم الإفراج عنهم حتى الآن، أن هذا القرار، وإن كان ظاهره المصلحة العامة، يحرج النسور أيضا في عقر بيته، خاصة أن وجهاء كل من الطرفين، العبابيد والسلطية، طالبوا الحكومة بالإفراج عن المتهمين مؤقتا، ومتابعة النظر في القضية .
المطلوب الآن من كافة الأطراف احترام الدستور، وأن يعملوا بما تمليه عليهم ضمائرهم لمصلحة الوطن في ظل قرح الجبهة الشمالية التي يعاني منها الأردن، وزيادة الأخطار الخارجية التي تقترب منه، إضافة الى تحسين أوضاع الأردنيين بعدما بات عدد كبير منهم يحلمون بامتلاك شقة، وبعدما أصبح شبح الغربة يطاردهم داخل أوطانهم.. فالقصة بعين الشعب جسدت مثل الأردنيين القائل: "القصة مش رمانة القصة قلوب مليانة".
سكاي نيوز عربية