ان كان صحيحا ان أن ما يجري من خلاف وصل حد تهديد تيار الحمائم الاستقالة من كل الهيئات التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي إذا ما تم انتخاب السيد زكي بني أرشيد أمينا عاما لحزب جبهة العمل الإسلامي فهو تعبير غير ديمقراطي او شوري يتخذه التيار المعتدل ( ذو التوجه الحكومي غالبا ) وذلك بسبب مواقف الرجل \" الصلبة \" تجاه الحكومات الأردنية ونقد سياساتها وكذلك تصريحاته المساندة لحركة حماس والتي عبر عنها كثيرا إثناء قيادته السابقة لحزب جبهة العمل الإسلامي وما إثارته تلك المواقف والتصريحات المؤيدة لحركة حماس من خلافات واسعة طالبت البعض بمحاكمته وإبعاده عن قيادة الحزب وطالبت بضرورة الفصل بينها وبين الحركة الإسلامية في الأردن ، فظهر الخلاف حينها على انه صراع تيارين مؤيد ومعارض لحركة حماس ، في وقت لم تشهد فيه السياسة الإسرائيلية حينها مواقف جادة واستفزازية كما تشهدها ألان في اعتبارالاردن وطنا بديلا للفلسطينيين ، وهو الأمر الذي يعارضه الأردن ويتصدى له وكذلك حركة حماس وقوى الرفض الفلسطيني باعتباره مشروعا يستهدف الدولتين والشعبين .
ففي ضل الهجمة الصهيونية على الأردن هذه الأيام وإطلاقها تصريحات ومشاريع قوانين تناقش في الكنيست في اعتبار الأردن وطنا بديلا للشعب الفلسطيني وما يترتب عليه من تهجير أكثر من مليوني مواطن فلسطيني وإعادة ترسم البلاد بما يلغي الهوية الأردنية برمتها ويهدد استقرار وحتى بقاء النظام الأردني ، فأن الحاجة تكمن في و ضرورة للتقرب من القوى الفلسطينية الرافضة للمشروع وعلى رأسها حركة حماس و التنسيق معها وليس إبعادها نحت ذرائع غير مقنعة تخدم المخططات الصهيونية التوسعية على حساب الأردن وحساب الشعب الفلسطيني نفسه .
فسوا أكان التيار المعتدل يدرك أو لا يدرك حجم وخطا ما يطالب به من إبعاد حركة حماس عن تنظيم الإخوان في الأردن وذلك بإبعاد رموزه والمتعاطفين معه داخل التنظيم الاردني رغم قرار الفصل بين التنظيمين الذي اتخذ قبل اقل من عام ، فعليه أن يعي أن الأردن الذي يعمل ويحيا من اجله يحتاج إلى كل جهد و رص للصفوف وتوحيد المواقف من اجل مواجهة المشاريع التوسعية الصهيونية على حساب الأردن وإفشالها بالتنسيق مع قوى الرفض الفلسطيني ، ولا يتم ذلك عبر التصريحات والمواقف الإعلامية للمعتدلين في الحركة الإسلامية في الأردن ، بل التقدم أكثر من ذلك ورفع سوية التنسيق والتشاور للتصدي لذلك المشروع الذي يستهدف الجميع وليس طرف دون طرف والتوقف عن المطالبة بإبعاد حركة حماس وفصلها تنظيميا عبر إبعاد او إضعاف المتعاطفين معها داخل التنظيم الاخواني بحجة تدخلها في الشأن الداخلي للتنظيم ، بل انه يأتي وللأسف من اجل مغازلة الحكومات الأردنية وتلبية مطالبها لإضعاف الحركة وتطويقها وهو الأمر الذي بثلج صدور الصهاينة والخصوم من المتمسكين بالمبادرات الأمريكية وسياسة المفاوضات الهزيلة .
إن كانت حماس تمثل مشروعا عربيا وإسلاميا متقدما في مواجهة المشروع الصهيوني في فلسطين ، فأنها تمثل كذلك مشروعا عربيا وإسلاميا في مواجهة المشروع الصهيوني لاعتبار الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين ، الأمر الذي يتطلب التقدم أكثر باتجاه الحركة ومد يد العون والدعم لها بقدر ما نستطيع رسميا وشعبيا وتنظيميا ، ولا يعقل أن يطالب البعض من داخل الحركة الإسلامية أو خارجها بضرورة الفصل عن الحركة بحجج وذرائع كان يمكن لها ان تكون مقبولة لو أن إسرائيل احترمت اتفاقياتها مع السلطة منذ أوسلو او أن السلطة الفلسطينية أنجزت الحد الأدنى من بناء الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية و دفنت توجهات إسرائيل بالتوسع ، لكن الحلم الإسرائيلي بات أكثر وضوحا ، وباتت مخططاتها تستهدف الأردن أكثر من أي وقت مضى كل يوم دون أدنى تقدير او احترام لاتفاقياتها مع الأردن بل وتعلنها بكل جلافة و بربرية العقل اليهودي وتسعى الى مأسسة القرار داخل مؤسساتها ، فالمطلوب من الجميع وعلى رأسهم ما يسمى تيار الاعتدال مما يعني التوقف عن استرضاء الحكومات الأردنية والتساوق مع سياساتها بإبعاد قوى الرفض الفلسطيني التي تتصدى للمشروع الصهيوني الذي يستهدف الأردن وفلسطين وتحجيم قوتها ، وهي حكومات غارقة أصلا بعجز اقتصادها وفساد أجهزتها وضعف أدائها وعدم قدرتها على مواجهة التحدي الصهيوني ، وضرورة الابتعاد عن التلويح بالاستقالة والانسحاب من العمل السياسي في مواقف غير ذكية وغير مدروسة تخدم في النهاية المشروع الصهيوني في مواجهة القوى الرافضة للمشروع في الأردن وفلسطين ، فإضعاف الحركة الإسلامية ليس من مصلحة الأردن وليس من مصلحة فلسطين كذلك