زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - لا يمكن قراءة الزيارة الأخيرة التي قام بها العاهل الأردني الملك عبدلله الثاني لمسقط أمس الأول خارج سياق المشهد الإقليمي المتصاعد المفتوح على كل الإحتمالات.
عمان وجدت نفسها سياسيا عالقة تماما في زاوية المطبخ السعودي ‘التأزيمي’ بقيادة الأمير بندر بن سلطان الرجل النافذ جدا على الحدود الأردنية السورية عشية معركة درعا المرتقبة.
لتخفيف حساسية الموقف قرر الأردنيون السير في إتجاهين خلف الأضواء والكواليس، في الأول فتحوا الباب على مصراعيه أمام تنمية التقارب والإتصالات مع المطبخ الإماراتي الذي يقوده رجل أبوظبي القوي الشيخ محمد بن زايد.
وفي الثاني كان لابد من التوقف على محطة سلطنة عمان أملا في تأسيس مسافة آمنة بدون تكلفة مع ‘أصدقاء’ إيران في المعادلة الخليجية خصوصا بعدما شكر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري علنا مسقط لإنها ساهمت ولمدة عام في إستضافة مفاوضات سرية لإنجاز الإتفاق النووي الأخير مع طهران.
يعرف الأردنيون كغيرهم بأن سلطنة عمان هي الحلقة الخليجية الأقرب للإيرانيين وعليه يصبح تأمل تطورات المشهد مع مسقط خطوة تكتيكية تبقي عمان ‘في الجو’ وتلفت النظر ضمنيا لإنها لا تتفق تماما’مع صقور الحكم السعودي من المصرين على إسقاط النظام السوري وعلى التنديد بكل اللغات بالخذلان الأمريكي الأخير بعد إلاتفاق النووي.
إيران في وضع متصدر في المنطقة وفقا للسياسي الأردني المخضرم طاهر المصري فيما النظام العربي الرسمي سيتعامل مع حقائق ووقائع الوضع الجديد بدون هوامش إضافية أو متعددة من المناورات.
والشعور داخل مؤسسات القرار الأردنية مستحكم بصعوبة التعبير عن أي تقارب علني مع إيران خصوصا بعد رفض مبادراتها بخصوص الإستثمار والحج السياحي الديني في الأردن والسبب كما يرجح جميع المراقبين هو إستقرار المناورة الأردنية سياسيا وإقليميا في حضن المطبخ السعودي الصقوري خصوصا بعدما إتخذ الأمير بندر العاصمة عمان مستقرا له.
لاحظت الدبلوماسية الأردنية مؤخرا أن القيادة القطرية جاملت إيران وقدمت لها التهنئة بالإتفاق النووي الأخير ولاحظت أن وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدلله بن عيسى سافر إلى طهران وزارها على نحو مفاجئ بعد ساعات فقط من ليلة كاملة قضاها الأمير بندر بن سلطان في أبو ظبي إلتقى خلالها بقيادات إماراتية نافذة.
تلك كانت إشارة إلى أن زيارة الشيخ عبدلله بن زايد لطهران جزء من عملية الإستشعار بالتنسيق مع السعوديين وهو وضع يدفع عمان للإسترخاء قليلا وهي تحرص على البقاء في أقرب نقطة ممكنة من الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي قبل رسائل التهدئة مع مسقط.
أصدقاء الأردن في النادي الخليجي وهما البحرين والسعودية فقط في دائرة التصعيد ضد الخيار الأمريكي في الإتفاق النووي مع إيران والسعودية لا زالت وحدها الممول المالي الوحيد والأبرز الذي يدفع رئيس الوزراء الأردني عبدلله النسور للإعلان عن ثبات وقوة وصلابة الدينار الأردني.
وقد عبر النسور عن ذلك عدة مرات وبوضوح عندما إلتقته ‘القدس العربي’ مسجلا أن العلاقات مع الرياض في أحسن أحوالها وبأن الأردن جزء من الإستراتيجية السعودية العامة دون الخوض في التفاصيل.
لكن مصادر مستقلة موازية تؤكد بأن الأردن يحافظ على علاقات تحالف ترقى أحيانا لمستوى الخضوع تلقائيا للبوصلة السعودية دون أن يعني ذلك التورط في تفاصيل وحيثيات خطة الأمير بندر التصعيدية في سورية ومع إيران.
ومع قواعد اللعبة التي يفرضها الإماراتيون في مسألة الدعم والإسناد المالي للأردن تبقى عمان مستسلمة عمليا لوضعها الحالي حيث البقاء في دائرة الحرص الشديد على تجنب إغضاب السعودية أو حتى تجنب المجازفة بالإبتعاد عنها مع الحرص على ‘التباين’ قدر الإمكان مع إتجاهات التصعيد التي يتبناها الأمير بندر ومراعاة حساسيات السيادة والأمن على الحدود مع سورية.
بعد إعلان بشار الأسد أن المعركة مع السعودية ستبقى مفتوحة تضيق أكثر الزاوية الحساسة والمعقدة التي وجد الأردن نفسه فيها فهو ليس بصدد التباعد أو التقاطع′مع التصور السعودي كما يفهم من منطوق كلام النسور وليس بوارد المجازفة حدوديا أو أمنيا مع بشار الأسد.
لذلك فقط وبدلا من البقاء في دائرة ‘الوحدة’ التي يؤسسها المنطق السعودي إقليميا تقرر عمان البحث عن مؤانسة أو مجالسة أو مناقشة من أي نوع مع شركاء ولاعبين آخرين في المنطقة، الأمر الذي يفسر الوقفة التأملية مع مسقط والرهانات على أبو ظبي فكلاهما عضو في منظومة الخليج بكل الأحوال«’.
القدس العربي