زاد الاردن الاخباري -
أثار مشروع قانون محكمة أمن الدولة لسنة 2013، الجدل مجدداً، وسط توقع انتقال الجدل حوله إلى مجلس النواب اليوم.
وينقسم النواب بين مؤيد ومعارض للمشروع، في وقت أكد فيه قانونيون على أنه، يشكل عقبة في طريق الاصلاح، وأن الغاءه مطلب رئيس، برغم حصر اختصاصات المحكمة في 5 تهم فقط، استناداً إلى التعديلات الدستورية.
وتنص المادة (101) من الدستور في بندها الثاني بعد تعديلها على أنه "لا يجوز محاكمة أي شخص مدني في قضية جزائية، لا يكون جميع قضاتها مدنيين، ويستثنى من ذلك جرائم الخيانة والتجسس والارهاب والمخدرات وتزييف العملة".
عضو اللجنة القانونية النيابية مصطفى ياغي، والتي أقرت لجنته المشروع كما جاء من الحكومة، خالف قرار اللجنة، مطالبا برده.
ويدرج تحفظ ياغي للمشروع على جدول أعمال جلسة النواب اليوم، لأنه بحسبه كان "مقصورا ومجزوءا ومعارضا لجوهر العملية الاصلاحية، المستندة للتعديلات الدستورية التي تقوم في جوهرها على احترام سيادة حكم القانون، وتعزيز منظومة الحريات وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ مساواة المواطنين امام القانون".
وأكد على أنه يخالف التوجه الإصلاحي الذي نادى به الملك في خطبة العرش، عند افتتاح الدورة العادية للمجلس.
وبين ياغي ان قانون محكمة أمن الدولة رقم (17) لسنة 1959 وفي مواده الاثنى عشر، يخالف روح الدستور، ويتعارض مع المعايير الدولية للمحاكمات العادلة، ولا يحقق الحدود الدنيا في حق الدفاع والتقاضي.
كما ان قانون المحكمة، وفق ياغي، يبعث على التعسف في استعمال سلطة التحقيق والتوقيف، وفق ما تقضي به المادتان (7و8) منه، ويخالف قرينة البراءة المنصوص عليها في الفقرة الرابعة من المادة (101) من الدستور.
ولفت ايضا الى أنه يخالف مبدأ مساواة المواطنين امام القانون، وذلك بالنظر الى مشروع قانون محاكمة الوزراء المقدم من الحكومة، وصوت عليه المجلس في مستهل الشهر الحالي.
وبين أن مشروع القانون، والذي اعتبر الوزير في مرتبة أعلى من المواطن، يخالف حكم المادة السادسة من الدستور.
وخالف ياغي حكم اللجنة، بإقرارها لحكم المادة الثالثة/ البند الثاني في الفقرة (ج)، المضافة من المشروع، والتي أبقت على حق المحكمة في النظر بالجرائم التي تخرج عن اختصاصها بعد نفاذ أحكام القانون.
وأشار الى ضرورة تعديل النص المقترح من الحكومة، لينسجم مع النصوص الدستورية، إذ حصر اختصاص المحكمة بالجرائم المحددة في الفقرة الثانية من المادة (101) من الدستور ولا تتعداها.
واضاف ياغي "لا عبرة لبقاء القضايا التي تخرج عن حدود اختصاص محكمة أمن الدولة لدى المحكمة عينها، ولا يغير من ذلك شيئاً ان تنظرها هيئة مدنية، فما فائدة بقاء قضاة مدنيين لدى حرم المحكمة للنظر في قضايا، تخرج عن حدود صلاحياتها واختصاصاتها، ما دام الإسناد أصلا يتم من خلال مدعي عام عسكري".
من جهته، اعتبر نقيب المحامين الأسبق صالح العرموطي، وجود المحكمة غير دستوري، فبالأصل يجب أن تستقل السلطة القضائية، كونها الحجر الرئيس في عملية البناء الإصلاحي.
وقال العرموطي إن "وجود محاكم استثنائية يتعارض مع آخر تعديل دستوري فيما يتعلق باستقلالية القضاء، وبموجب طريقة التعيين للقضاة العسكريين".
ولفت الى أن المطالبات الدولية والمحلية بإلغاء المحكمة، لم تلق بالا لدى اصحاب القرار، ولم يلتزم الاردن بالاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي وقع عليه، ما يعني أن الاصرار على إبقاء المحكمة ومحاولات دسترتها، تشير الى عدم جدية الدولة بالمضي في الإصلاح وجعل المحكمة بمنزلة سيف مسلط على رقاب الاصلاحيين.
وأشار العرموطي الى ان "المحكمة بهيئة مدنية، يعني تحايلاً على القانون"، مشيراً الى أن التعديلات الدستورية حظرت محاكمة أي شخص مدني في قضية جزائية، لا يكون جميع قضاتها مدنيين، باستثناء جرائم: الخيانة والتجسس والإرهاب والمخدرات وتزييف العملة. وقال إن "ما ورد في الدستور عن المحاكم الخاصة، لا ينطبق على محكمة أمن الدولة؛ لأن المحاكم الخاصة يجب أن تكون مشمولة ضمن ولاية المجلس القضائي".
وأشار إلى أن محاكم الجنايات الكبرى وضريبة الدخل والجمارك، جميعها محاكم خاصة، لكنها تخضع للمجلس القضائي، خلافا لمحكمة أمن الدولة، ما يخالف المبدأ الدستوري بالفصل بين السلطات، ويفضي الى تغول السلطة التنفيذية على القضائية، والاعتداء على استقلال القضاء.
وأشار العرموطي إلى أن المحكمة "لم تكن دستورية، وهي غير معترف بها في المعهد الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمركز الوطني لحقوق الإنسان".
ودعا العرموطي المجلس الذي يناقش التعديلات التي أقرتها الحكومة على قانون المحكمة للمطالبة بإلغائها، واستقلالية القضاء.
من جهته، قال الخبير القانوني الدكتور غازي الذنيبات ان "وجود محاكم استثنائية يتعارض مع آخر تعديل دستوري فيما يتعلق باستقلالية القضاء، وبموجب طريقة التعيين للقضاة العسكريين.
واضاف الذنيبات ان "الاستمرار بالقضايا المنظورة في محكمة امن الدولة، يعتبر انتهاكا صارخا للدستور"، مضيفاً " كنا نأمل ان تأتي التعديلات على قانون المحكمة، بما تتطلبه المرحلة السياسية التي تستلزم إلغاء المحكمة من أصله".
وقال "بما أن الحكومة لم تقرر إلغاء محكمة أمن الدولة، كان عليها على الأقل إلغاء محاكمة المدنيين أمام تلك المحاكم".
وأكد الذنيبات أن استمرار النظر في القضايا المنظورة امام تلك المحاكم في التعديلات على القانون مخالفة للدستور، مشيراً الى ان المادة 101 من الدستور، تضمنت عدم محاكمة المدنيين امام أمن الدولة الا باستثناءات، ولكن المشروع الجديد للقانون يشرعن محاكمة الجميع من دون استثناء.
وبين ان التعديلات الدستورية التي مضى عليها نحو عامين، حصرت محاكمة المدنيين في أي قضية جزائية أمام قضاة مدنيين، لكن الحكومة اجتهدت في تفسير النص بما يسمح بالإبقاء على اختصاصات محكمة أمن الدولة كاملة من دون المساس بها.
الغد