زاد الاردن الاخباري -
((بســم الله الرحمـن الرحيــم))
"حُـكومـة الرَّجــل الواحِــد"
"21In 1"
بقلم: الأستـاذ عبد الكريــم فضلـــو العــــزام
منـذ أن تـأسّست الدَّولة الأردنيـة لم يَـشْعُـر المُواطنون بِمَسؤولٍ مُتعنِّتٍ في رأيِـه كما يَـرَون اليوم، فالرَّئيس يَحمِل في حقيبتِـه مَجموعةَ أفْكَـار وخِبـرات جَمَعَها على مدى سَنوات عُمـره مُقتَنِع بها ومُحصَّنة من العُيوب والنَّـقـد ولا تحتاج إلى عرضِها على مَجلس الوزراء، أمّا إذا عُرِضـت على المجلِـس فيكـون عرضُها للعِلـم فقـط ، لأن حديث الرَّئيس لا اعتِـراض عليه ولربَّما رأيـتُ مِثـل هذا في أغلبِ مؤسَّساتنا، إذا تحدَّث مُـديـر المؤسَّسة ولا أقُـول قائِدها فما على الحُضور إلا السَّمع والطَّاعـة، وإطلاق عبارات الثَّناء على قولِه وفِكرِه لأن سُلطاته في الأذى قد تكون مُطلقة ولا يعفِي السَّامعين من أذاه إلا خفض الجَناح وعقـد الألسُن فلا تنطِق إلا ما يُـرضِيـه ويتماشَى مع فِكـرِه.
مِمَّا سَبَـق نًـرى كًـم من القَـرارات الفَـردية الخائِبَـة التي تَصْـدُر عن مؤسَّساتنا، صَغُـرت أم كَبُـرت. قرارات يُصدِرُها إمّا شَخـص مُتعصّب في رأيِـه أو شَخص قَليـل الخِبـرة والتَّجـربة أو شَخص سَرق موقِعاً لا يستحِقُّـه بالطُّـرق المعروفـة.
هذه القرارات يُصدِرونَها مُغطَّاة بِقُـوة السُلطَـة لِتُطْـبًّـق في المَيدان فتَـترك أثَـراً وضَرراً قد يمتد إلى عُـقود وتكون بِذرة الخَراب ومَرض عُضال يَستعصي على العلاج.
إليك أخي القاريء أمثِلـة كَـشواهد لا للحصر:
1- متى عَـرف الأردن الإضرابات كالتي يَشهدها الوطن حالياً؟ فلعلَّنا جَميعاً لم نَكُـن نَعرِف يَـوماً الإضرابات ولا الامتناع عن العمل، ولكن مَوقفاً لوزير سابِق وتعامُلِه مع مُوظَّفِـيـه دفَعهم إلى الإضراب؛ هذا الإضراب الذي صار سُنًّـة تُقلّـده كُل المؤسَّسات والدَّوائر حتى المواطنين؛ صارت الإضرابات يستخدمها الزَّوج مع زوجته وأولاده.
2- أحكام الإعدام بِحق المُجرمين الذين يَـقتُـلون مع سبـق الإصرار والترصُّد؛ هذه الأحكام التي عُلِّـقت ولم تُنَفَّـذ مُنذ قُـرابة عَـقد من الزَّمن، ماذا كانت نتائجها على المواطنين؟ صرنا لا يمر يوم إلا ونسمع عن جريمة أو أكثر حتى أصبحت الجريمة مُستساغَـة من طُـلاب المدارس والجامعات الذين ما زالوا بعمر الورود، فكيف عند ذوي الأسبقيات.
3- قرار يبدو بظاهره بسيط ولكن نتائجه وخيمة.
قرار الحكومة الحالية بعدم الرُّجوع للتَّـوقيت الشَّـتوي في فصل الشِّتاء، قرار اتّخذه الرئيس واليوم رأينا ونَـرى أنَّ الشَّعب كُل الشَّعب ومجلس النُّـواب في أغلبِه وأهـل السَّموات والأرض يَستجدُون دَولَـة الرئيس بالعودة للتَّـوقيت الشَتـوي ولكن لا حياة لمن تنادي؛ فكانت النَّتيجة أطفال يخرجون إلى المدرسة في العتمة وجرائم و جُنَح حتى أصبح الشَّعب في واد والحكومة في وادٍ آخر.
4- ما يُعرض اليوم على شاشات التلفزيون من أن دوائر الدولة اتخذت قراراً بالعودة مُجتمِعَـةً إلى التوقيت الشتوي مُخالِفَـةً بذلك قرار الرئيس وحكومته.
الآن أسأل: بالله عليكم عندما تصل المؤسسات إلى هذا الحد من القرارات والخروج على رأي الحكومة حتى لو كان فاشلاً، فماذا بقي من هيبة الحكومة. والأهم والمخيف أكثر أن يُصبِـح التَّمـرُّد على قرارات الحكومات لاحقاً سُنَّـة مُتَّبعـة، كما حصل معنا في الإضرابات وغيرها.
الأمثلة كثيرة، ولكن اسمحوا لي أن أختـم حديثي بالقـول إن عصـرنا الذي نعيشُـه لا يحتمل التسلُّـط وقيادة الرجل الواحد، ولا يحتمل الإعجاب بالرأي، كما أن العصـر ما عاد يحتمِـل أن تكون مؤسساتنا بدءاً بـرئاسة الوزراء وانتهاءً بأصغر المؤسسَات، لم تعُـد تَحتمـل أن تكون كالفصل الدراسي يشمل طلبة متكتِّفيـن يَنظُـرون إلى اللوح وأمامهم مُعلم يَشـرح؛ يُمَـدِّد عصاه على الطاولة، يخاف الجميع عقوباته التي تبدأ (بالتجحير) مروراً بالعبارات النَّابيـة والمسخـرة وانتهاءً بالطرد وقطـع لُقمـة العَيـش.
أدعُـو الله أن يَتذَّكر مسؤولونا أننـا في القرن الحادي والعشرين وأنَّ وطننا بحاجة لأناس يجمعون مع العلـم الخِبـرة والدِّراية والإصغاء لنبض الشارع لأن الموظفيـن ما وُجدوا إلا لِخدمَــة الوطـــن.
الكاتـب: الأستـاذ عبدالكريـم فضلــو العـــزام