بين جيل ( وداعتك ) الله ( يما )... وجيل (باي يا ماما باي) يطيب لنا أن نأخذ الدروس والعبر ، فالأم في ذاك الزمان عندما كانت تستودع ولدها المسافر لطلب العلم تدعو الله له بأن يستودعه في حفظه ولا تنسى أن توده ( بصرة ) تجمع فيها ( الميرمية ) و( الجعدة ) وبعض أرغفة تلذذت بخبزها مع طلعات الفجر الاولى من ( بيت الطابون ) لتكون لولدها بمثابة ( الموونة ) التي بلا أدنى شك ستشعر ولدها بانها معه في جوعه ومرضه وحله وترحاله وما ان تقبله على وجنتيه مودعةً تربت على كتفيه في يديها الحانيتين لا تنسى بان توصيه على دينه ونفسه وعلمه وانها اعدته رجل والرجولة بالنسبة إليها لن تكتمل إلا بعلم وحكمة يزين ولدها لتستقبله بعد هذا كله بزغرودة تبرئ ذمتها أمام الملأ جميعاً بانها وفت ما عليها من إمانة عله يحقق حلمها بان يكون كوصفي أو هزاع أو حابس.
في ذاك الزمان يا سادة ، الام كانت تزرع وتحرث وتحصد أرضا" وتربي وتنشأ رجالأً تستقوي في هاماتهم وشموخهم على قسوة الحياة ، حيث كانت تعلم أبناءها حتى في طفولتهم البريئة عندما يشكو ا الألم بكلمة ً آخ " تنهرهم بقولها " الرجل ما بحكي أي أو آخ " فالولد تعلم منها الحصاد وكيف يرعى ويحلب الغنم وعلى ضوء الفانوس المطعم برائحة الكاز يقرأ ويطالع كتبه لا يجزع ولا يشكي بل كان يدرك بأن ذلك كله سيكون مردوده في النهاية بانه سيكون رجلا" في زمن لم يعرف إلا الرجال والرجال في ذاك الزمان كانت حتى الكلمة التي تخرج من أفواههم تعني إلتزام أما الخلق والنخوة والكرم فكانت تعني شجاعة ، إنها كيمياء الحياة التي فقدنا معادلتها في جيلنا الحاضر المأسوف على شبابه !
فجيلنا او جيل الماما والبابا الحالي ....والذي ما زلنا نتباكى كل يوم عليه ، أنشغلنا عنه لا لنلبي له أساسيات الحياة بل أنشغلنا عنه لنوفر له كماليات باتت أساسيات ، فالام والأب يكدان في معترك الحياة لتلبى مطالب أبناؤهم من ( موبايل ) و ( لاب توب ) وتوفير مصاريف لسهرات ( الكوفي شوب ) والجيل ضائع وتائه بين المواقع الإلكترونية الهابطة أو القنوات الفضائية الساقطة ، ليخرج جيلاً منعما ( بالواكس ) ومزهواً بأغاني الهب هوب والراب ، لتضيع الهوية في هذا الزمان الرديء فأضاعوا الدين والدنيا فلا أم تربي ولا أب يوجه أو يقوًم !
لقد جعلناهم يعتادوا بان طلباتهم اوامر يصعب رفضها أو ردها ولم نربيهم على ان الأشياء في الحياة كلها التي نعيشها لها ثمن بل والأدهى من ذلك والأمر لم نغرس فيهم روح المسؤولية بان يساهموا في الحياة التي نعيشها بعمل في العطلة الصيفية أو الأسبوعية يدر ولو دخلاً بسيطاً يغطي متطلباتهم اليومية من مصاريف وليتعلموا معاني قيم البذل والعطاء ، فبات جيلاً يأخذ ولا يعطي ، وأصبح الوالدان في هذا الزمان يشكوان " بطلنا نمون على أولادنا " لتنتقل المشكلة إلى المجتمع وليطفوا على السطح مفاهيم ومصطلحات " العنف المجتمعي ، إنتحار الشباب ، مخدرات ، إجهاض .." ولنعلق مصائبنا على حكوماتنا متناسين دورنا الاهم والأبرز باننا لم نقوم بواجبنا نحوهم في الإصلاح والإرشاد !
وما اجمل مقولة عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله – ً الصلاح من الله والأدب من الآباء ً لذا فانه من الرجولة علينا كآباء في هذا الزمان ان ننهض من سباتنا لنتدارك أجيالنا من هذا الضياع لنجعل من مقولة ً الـــــرجال لا يـــــولدون بل يصنعــــــون ً واقعا ومستقبلاً مشرقا بالخير والعطاء ، وإلى حين ذلك أقـــــــول " وداعتك " الله يا أجيال الغد ....!