عندما بدأ صلاح الدين الأيوبي طريقه لتحرير بيت المقدس كان على قدر من الوعي لترتيب أوليات طريقة، فقد كان واحداً من أبناء جيل أحس بالمسؤولية الملقاة على عاتقه في تحرير ما اغتصب من أرض ومقدسات، لم يكن بعيداً عن أفراد جيله ولم يكن بعيداً مخططات أسلافه الذين بذلوا جهوداً جبارة في السير نحو التحرير.
أول خطوات التحرير كانت بوضع اليد على الجرح، وضميده قبل الانتقال الخطوة الفاصلة، لقد عاشت الأجيال التي سبقت صلاح الدين حالة مزرية من الانقسام والنتافس وما تبعها من تعصب لمذاهب وآراء أول ما تفتك بصاحبها، وأضيق من أن تتسع لأجسام حامليها، متناسين المبدأ الأساس الذي قامت عليه الأمة، فكان جرح الأمة في انقساماتها وتعنصرها لآرائها وكان تضميد الجرح في الوحدة والتجمع حول هدف واحد وفكرة واحدة.
الحال هذه الأيام أشبه ما يكون بذاك الحال، تفرق وإعجاب كل ذي رأي برأيه، ازدواجية في المعايير وتعنصر حول إقليميات ضيقة، وأسوأ من ذلك تعصب لأفكار وأشخاص قد لا تستحق ( سمّة البدن ) الناتجة من هذا التعصب. وفوق ذلك كله ننادي أننا نريد التحرير.
إن هذا النداء في ظل هذا الحال أشبه بالنداء في قعر بئرٍ فارغ، لن نجني منه سوى الصدى، ولن نحقق منه سوى الإزعاج للقاطنين قرب ذاك البئر.
إن فلسطين أرض الأنبياء الذين دعوا أقوامهم للتمسك بالتوحيد ونبذ الشرك، وفلسطين أرض الجهاد والجهاد لا يقوم على من يطلق السهام باتجاه أخيه أو أمه وأبيه، وفلسطين رئة وقلبٌ لأمة والرئة لا تخدم الجسد بهواء ملوث والقلب يقتل صاحبه إن استمر بضخ الدم الفاسد.
لذا فإني أنصح من يدافع عن فلسطين بـ (جعجعة ) وتنافر وتناحر وتسخير الجهود لتشتيت الجهود، أنصحه وأتمنى عليه أن يترك فلسطين لجيلٍ قادم من هنا وهناك، لن تكونوا أنتم أشياخه ومنظريه، همُّ هذا الجيل الوحدة والتوحيد، يرى في فلسطين حق مهضوم لا مصالح ومكتسبات، يستطيع أن يتنازل عن رأيه ورأي شيخه لرأي الأمة، يتطلع لرفعة الدين والانتصار للمظلومين ،وينمي في نفوسهم هموم الكبار في وقت عز فيه الكبار.
www.facebook.com/qudah1