وتعود بي الذاكرة إلى أكثر من ربع قرنا قد مضى ... إلى هناك إلى بيت جدي عندما حلت به العاصفة الثلجية كان البيت يزخر بكل سبل الخير أكياس القمح البلدي تعانق سقف البيت وخزانة من الطحين مملؤه للحنايا ( اكواره ) وضبيه من اللبن الطازج وجميع أنواع المكاديس ابتدأ من دحابير اللبنة وانتهاء بمكدوس الزيتون ناهيك عن فرن الطابون الذي تشتم منه راحة الخبز المحمص ومدفأة حطب يزين هامتها إبريق شاي يكفي لمعسكر كامل أما خارج البيت فحدث ولا حرج زريبة من الماعز والأبقار وحصيرة من الدواجن البدية وبئر ماء فيه من الخير ما فيه أما جدي فقد توسط البيت ومد رجليه ومن يمدد رجله لا يمدد يده ولا يستجدي احد ... لا حكومات ولا... شركة كهرباء و لا ... بائع الغاز لم يكن هذا حال جدي فقط بل كل أهالي القرى الأردنية والبوادي .
وما أن انتهت العاصفة الثلجية حتى خرج الجميع شبابا وشيوخ كلا يحمل في يده كريك او مجرفة وما هي الا ساعات حتى اجهزو على الثلج وفتحوا الطرقات وسلكو الاقنية ولم يلعنوا الحكومات لآنها تأخرت في فتح الشوارع كما هو الآن .
اليوم أتسأل لماذا أقفرت بيوتنا وانعدمت همتنا حتى أمسينا بهذه ألصوره المخجلة بعد هذه العاصفة الثلجية التي كشفت الغطاء وفضحت المستور .
باختصار شديد قبل سنوات جاء أعداء الأمة على شكل منظمات وهيئات دولية ليقدموا لنا مشاريع بديلة وبدعم سخي ليصرفونا عن زراعة الحبوب وتربية الماشية لزراعة أشجار الزيتون والتفاح والعنب حتى أصبحنا لا قمح ولا ماشية ... وكأني اسمع قهقهة أعدائنا اليوم وهم يقولون اشبعوا تفاح وعنب .
بالك .... هل يوجد بيت أردني فيه عشرة كيلو طحين بلدي