فزعة وطن

نقرّ ونعترف وهذا ما لا تنكره حكومتنا الرشيدة من وجود تقصير لدى بعض الجهات الخدمية المعنية بمواجهة العاصفة الثلجية .. وقد وجّهت الحكومة حسب متابعتنا لتداعيات الأزمة بفتح ملف بذلك ومحاسبة المقصّرين في مسئولياتهم وفقا للقانون وبتوخي أعلى درجات العدالة .. كما اعترفت الحكومة وعلى لسان دولة الرئيس الدكتور عبدالله نسور بأن حجم المشكلة فاقت كل التوقعات وكانت الحالة أكبر من الامكانات المتاحة والطاقات المتوفرة لدى وزارتي الاشغال والبلديات .. لكن السؤال الذي يتعين علينا أن نبحث الاجابة عليه هو دور المواطن في العملية التشاركية في خدمة الوطن ونصرته وانقاذه ..

فخلال تجوالي في العاصمة وعدد من المدن الاردنية كنت أشاهد أكواما كبيرة من الثلوج أمام المحال التجارية والبنايات السكنية ومنازل بعض المواطنين حيث ينتظر بعضهم من البلدية وغيرها من الجهات ان تبعث لهم الاليات والكاسحات لازالة الثلوج من امام واجهات محالهم وبيوتهم .. وفوق هذا وذاك يبقى كثير منهم واقفين لساعات طويلة كاتفي الأيادي يتلفتون يمينا وشمالا وألسنتهم لا تهدأ ولا تكف عن النميمة والانتقاد للدولة وأجهزتها ومسئوليها دون ان يبذلوا جهدا ويشمروا عن أذرعهم لدقائق معدودة لازالة تلك الأكوام الثلجية الجاثمة بين أقدامهم ..

وعلى الوجه المقابل هناك مواطنون شاهدتهم بنفسي بادروا منذ اللحظة الأولى لحدوث العاصفة بالقيام بواجبهم تجاه بيوتهم ومحالهم ومناطق سكناهم وحينما بدأ تساقط الثلوج وأفاق أهل الحي صبيحة اليوم التالي على اغلاق الشوارع وتسكير الطرق كان أحدهم قد أحضر آلية على نفقته الخاصة وآخر يتفقد الحي بيتا بيتا لتقديم العون والمساعدة للجيران وتوزيع الخبز لمن نقص عليه .. حيث أفاق الجميع على صوت الجرافة تقوم على تنظيف الثلوج من أمام بيوتهم وتفتح الطريق لسياراتهم حتى لم يشعر أحد من سكان الحي طوال الموجة بأنه في عزلة عن العالم الخارجي مثلما أحسّ غيرهم في أحياء ومناطق أخرى ممّن حجزتهم العاصفة ..

ومن هنا نتوجه بالتحية والتقدير والعرفان لكل النشامى المتحمسين .. ونزجي التحية كذلك لكل المخلصين الغيورين على هذا الوطن المعطاء الذي قدم الكثير الكثير لأبنائه في مختلف الظروف والأحوال ولا ينتظر منهم الا خدمة أنفسهم في وقت المحن والشدائد .. وهناك أيضا حالات فريدة تبعث على الفخر والاعتزاز ممن تجلت لديهم روح الايثار والعطاء ومبادرات ايجابية من مؤسسات عامة وخاصة تعكس مسئولية اجتماعية وطنية يجب تعزيزها والبناء عليها نحو عمل تطوعي مؤسسي بعد ان مارست هذه المؤسسات عملها بكل مهنية وحيادية وموضوعية.