الحمد لله الذي هدانا الى التوحيد ،ونجانا من الشرك والتنديد ، ووقانا شر البدع ، وعلمنا ان الخير كل الخير فيما شرع ، والصلاة والسلام على القدوة في الدين والتوحيد ، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه الغر الصناديد ، .......................................................وبعد
فلقد قرأت قبل ايام مقالا لأحد الاشخاص يطالب فيه ببناء مسجد وقبة على كومة من الحجارة ادعى انها قبر للنبي ايوب عليه الصلاة والسلام ، ويبدو ان هذا الكاتب ومن حيث انه قد صرح في مقال له آخر أنه ليس عالما ولا مفتيا ، فقد اعتبرت ان ما دفعه الى ما فعل هي عاطفته حيث ظن ان هذا من إكرام الانبياء عليهم صلوات الله ، لذلك صرح بهذا الطلب ، ثم بينت ان ما يطالب به افك وضلال مبين ودعوة الى الشرك من حيث لا يعلم ، وأوردت أدلة شرعية لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ،ولا تحتمل التأويل لوضوح دلالتها على بطلان ما يطالب به ، وهي (1):عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد متفق عليه. وزاد مسلم \"والنصارى\".. (2)..وهذا الحديث له شاهد في الصحيحين ايضا من حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهما وهو قوله صلى الله عليه وسلم (لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد ،.............. وعند مسلم من حديث ابن مرثد الغنوي..(3).. (لا تصلوا الى القبور ولا تصلوا اليها...(4)...وفي حديث جندب بن عبد الله انه صلى الله عليه وسلم( اوصى قبل موته بخمس :الا إن من كان قبلكم اتخذوا قبور انبيائهم وصالحيهم مساجد فلا تتخذوا القبور مساجد فاني انهاكم عن ذلك) ........ (5)..وفي الصحيحين أن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما ذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال صلى الله عليه وسلم: \" أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله \"..(6)عن الحارث النجراني قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول : ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك..(7).. عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
\" إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم احياء ومن يتخذ القبور مساجد \"...وأكتفي بهذا القدر من أحاديث النبي صلى الله عليه ،وهي كما اسلفت واضحة الدلالة ولا تحتمل التأويل في تحريم بناء المساجد والقبب على القبور حتى لا تكون ذريعة الى الشرك ،وهناك احاديث أكثر تبلغ في مجموعها حد التواتر المعنوي الذي يفيد التحريم ،ويقطع الطريق على كل القبوريين وأهل البدع والخرافات من المتصوفة الذين ،يتمسحون بالقبور والاضرحة ويطوفون بها ،ويحلفون عندها ،ويذبحون النذور تقربا على أعتابها ،وهم يعلمون ان هذا هو شرك ابي جهل وابي لهب الذي بعث النبي صلى الله عليه وسلم لإزالته ومحاربته ، وتحمل في سبيله الاذى والتكذيب والحصار فقتل أصحابه وشردوا في الارض ومزقوا كل ممزق ، ثم يأتي من يفتري على الله كذبا انه أمر بتعظيم القبور والتوسل بها ، وقد ظننت ان يعود كاتب المقال الى الله بعد ان قرأ أحاديث النهي عن البناء على القبور ، ولكن للأسف لم يفعل لا هو ولا من قرأ أحاديث النهي ، الله أكبر الهذا الحد يكون العناد ،هل بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم قول وهل بعد رأيه رأي ، والعجيب ان أحد الاشخاص قد بعث تعليقا يشجع الكاتب فيه ويشكره على هذا الطرح ،وقد اسمى نفسه بمفتي البلقاء ، ومما يظهر من التعليق انه صاحب لوثة صوفية ، فقد قال بالرغم من وجود الادلة المحكمة على التحريم ، قال بأن البناء على القبور وتعمير الاضرحة جائز وذهاب الناس لزيارتها والصلاة عليها ايضا جائز ، ثم استند لانعدام الحجة عنده ....الى ان النبي صلى الله عليه وسلم مدفون في المسجد النبوي ،وأن الناس هناك يصلون ولا جناح عليهم ، وقال بأن الله تعالى قال (واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى ، ثم لما فرغت جعبته من معاندة الاحاديث ،عمد الى شواذ من بعض اقوال العلماء واهل الترحال ،ثم خلط الكلام تمويها وتضليلا ليحادد الله تعالى في امر محكم مجمع عليه عند أهل العلم ولا يوجد لهم فيه من مخالف الى من أعمى الله بصيرته ، وللرد على شبهات هذا المفتي نقول ..اولا ...ان مقام ابراهيم عليه السلام قد ورد ذكره في كتاب الله تعالى ، وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم مكانه الذي تعارفت عليه قريش قبل الاسلام ،فهذا الاقرار دليل شرعي عملي على تحديد المكان ،ثم ان مقام ابراهيم ليس قبرا ،وانما هو موضع كان يقف فيه ابراهيم عليه السلام وينظر منه الى البيت الحرام ،كلما انتهى من بناء جزء منه ليشرف على هيئة البيت ،فكلما اتم جزءا من البناء تقهقر ووقف في هذا الموضع لينظر الى ما انتهى اليه عمله ، وهذا هو سبب تسمية الموضع بمقام ابراهيم عليه السلام ، ولم يقل أحد انه قبر او ضريح ،ثم انه لم يبنى عليه ، فلماذا هذا التمويه باستعمال الاية كدليل على جواز اتخاذ المساجد على القبور ، ثم ان النص في اتخاذمقام ابراهيم مصلى نص خاص وهو يعين حكما خاصا بموضع الصلاة عند الكعبة ،ومثل هذا النص الخاص لا يستعمل للقياس ،فهو امر تعبدي لا قياس عليه ،والله سماه مقام وأما تسمية القبور بالمقامات فلم يقل به الا المبتدعة القبوريون ،فلا حجة هنا في الاستدلال بل لا يوجد موضع للإستدلال ،وانما هو الباس الحق بالباطل إضلالا لعباد الله كما انه يلزم من هذا القياس الفاسد عند تعميمه ان كل مقام قام فيه نبي او وقف فيه ، فيجب على الناس ان يتخذوه مصلى ،فهل يصح هذا شرعا ،وهل يجوز ان يحتج به في جواز البناء على القبور، وهل يبطل هذا القياس الفاسد كل الادلة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الواضحة في منطوقها ودلالتها والتي تحرم البناء على القبور وتعتبره ذريعة الى الشرك ، طبعا لا ولكن الجدل وقلة التقوى عند عباد القبور تجعل قول الرسول صلى الله عليه لا وزن له امام اوهامهم وهرطقاتهم وتخلفهم ، ثم ان هناك ما هو أدهى وهو ان الانبياء كأيوب ويوشع وشعيب وموسى وهارون عليهم صلوات الله وسلامه ،يفصلنا عن أدناهم منا مدة ،أكثر من أربعة آلالاف سنة وقد اختلف على هذه الديارفي الفترات الفاصلة بين الانبياء من الناس أمم من المشركين قبل ان يفتحها الله تعالى على المسلمين ،فكيف حصل التواتر بين هذه الامم على تعيين مواضع هذه الاضرحة ،ان هذا مستحيل شرعا وعقلا وانني اتحدى ان ينبش قبر من هذه المقامات الشركية فيوجد فيه نبي ، فان قال قائل فان وجدنا جثة فكيف نعرف انها ليست لنبي ، فعندئذ نقول ان الانبياء عليهم صلوات الله قد حرم الله لحومهم على الارض كما اخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم ، فان كانت الجثة لنبي فانها ستكون على الهيئة التي دفن عليها ، ثم اننا لسنا بالمكلفين شرعا أن نبحث عن أضرحة الانبياء والا الصالحين ،وحسبنا شرع الله الذي اتمه وبينه وجعله هدى للعالمين ،
وانك والله لن تجد دليلا ماديا او شرعيا على اثبات مكان ضريح واحد مما ينسبه القبوريون للأنبياء ، فاذا كان هذا هو الحق فما الفائدة من البناء على كومة من الحجارة ،لقد عجز الشيطان ان يعيد هذه الامة الى عبادة اللات والعزى وهبل ،فوسوس الى اوليائه من المتصوفة واهل البدع ان يقيموا أوثانا ،وحتى لا يلزمهم احد بحرمة عبادة الحجارة اخترعوا أضرحة للأنبياء وبنوا عليها وفعلوا عندها ما كان يفعله ابو جهل وابولهب ، ولكن هذه المرة كان بحجة تعظيم الانبياء اضفاءا للشرعية على اعمالهم الشركية ، وكل هذه الاضرحة يثبتون اماكنها ومواقعها عن طريق احلام رآها اشياخهم الذين كانوا يزاولون الشعوذة والسحر ،وما تم اثبات ما يسمى بمقام النبي جادور الا بهذه الطريقة حيث يروي القدماء من اهل السلط ان شيخا من المتصوفة القبوريين قد رأى في منامه ان هذا ضريح نبي فأمر الناس بالبناء عليه ، وكذا كان البناء على كل الاضرحة في هذا البلد وغيرها من بلاد المسلمين التي غشيها التخلف حتى عادت الى عبادة الاوثان عن طريق بناء المساجد على الاضرحة ،
واما قول هذا المفتي ان النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه قد دفنوا جميعا في المسجد النبوي ،وأن الناس يصلون هناك ولا جناح عليهم ، فهذا والله قول عظيم وإفك مبين ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد وانما دفن في حجرة عائشة ولم تكن يومئذ في المسجد وانما شملتها التوسعة بعد ذلك للضرورة ، وهي ما زالت خلف القبلة ، ثم ان ضريح النبي قد ثبت وجوده في موضعه الذي هو فيه ، وقد أحاطه الله تعالى بعناية خاصة يعلمها كل من زار المسجد النبوي حيث قد جعل الله تعالى على باب قبره من يذود الناس عنه ان ارادوا التمسح او توجهوا اليه بالدعاء ويمنعونهم من الشرك عنده، وهذا كان استجابة لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال ( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد من دونك ) فهل يوجد على الاضرحة مثل ذلك ، هذا بعد ثبوت مواقعها ، وقبر النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع اصلا عن الارض وكذا قبر صاحبيه ،كما أن موضع قبره قد خصص بنص خاص ، فما الحجة التي يريدها القبوري من هذا التلبيس ، واسمع لقول عائشة رضي الله عنها (انما فعل ذلك لئلا يتخذ قبره مسجدا ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدفن أصحابه بالبقيع وفعله اولى من فعل غيره ،وانما أصحابه رأوا تخصيصه بذلك ولأنه روي عنه صلى الله عليه وسلم (يدفن الانبياء حيث يموتون ) وذلك صيانة لهم عن كثرة الطراق تمييزا له عن غيره ..رواه البخاري ومسلم وأبو عوانة وأحمد والسراج في مسنده عن عروة عنها وأحمد والبغوي في شرح السنة عن سعيد بن المسيب عنها وسنده صحيح على شرط الشيخين ،.............. واما قول هذا المفتي بان بناء المساجد على القبور حقٌّ ضاربا بعرض الحائط كل الاحاديث التي تنهى عن فعل ذلك ،وقوله بأنه ينكر ما يفعله بعض الناس من التمسح والتبرك والطواف والتوجه بالدعاء لمن في القبر ، فنقول ان مجرد البناء على الاضرحة حرام ، وان ما يفعله القبوريون المتصوفة على القبور من الشرك لا يمكن التحرز منه ، وهو مشاهد ولا ينكره هذا المفتي الذي هب للدفاع عن اتخاذ القبور مساجد ، وانما حرم البناء على القبور لسد الذريعة لفعل هذه الشركيات على القبور ، واما ما أورده مجملا ونسبه للعلماء من القول بجواز البناء على القبور فهو مفترى وليس صحيحا ولا يوجد عالم واحد من علماء السلف الذين ذكرهم يقول بمثل ما يقول وانما هو التلبيس ،ولو كان قوله حقا لأورد قولا واحدا لهم وكل ما نقله فهو محض افتراء وتضليل ، فأمر تحريم البناء على القبور هو محل إجماع عند كل علماء السلف ، ولو قال عالم بخلافه فان قوله مردود عليه وذلك لوضوح وتواتر المعنى في نصوص النهي والتحريم ، وما اورده من الاحتجاج بأصحاب الرحلات فهؤلاء انما كانوا يصفون ما عليه الناس من الجهل عند زيارة المساجد التي بناها المتصوفة على القبور فأين الحجة واين الاقرار ،ولو اقروا ذلك فهؤلاء وغيرهم لا يعتد بقولهم في مقابلة النصوص الصريحة ، كل هذا يعلمه من كان له قلب او ألقى السمع وهو شهيد ، ولكن من طمس الله على قلبه وأعمى بصيرته واستعاذ بشيطانه فلا سبيل عليه الا ان يقصمه الله تعالى لمعاندته ودعوته الى الشرك ، وهنا أحذر اخواني واقول ان الصلاة مجرد الصلاة في هذه الابنية المقامة على الاضرحة هي حرام حرام حرام ، ومن صلى عندها فهو آثم ، وان من ذهب اليها فانه لا يأمن على نفسه الفتنة ، واقول ايها الاخوة لا تستمعوا للقبوريين وتمسكوا بتوحيدكم واعلموا ان الله لا يغفر الشرك لمن مات عليه ،وهو خالد في جهنم ، وامر التوحيد معظم عند الله وما بعث الله الانبياء واباح دماءا وعصم أخرى الا بالتوحيد ، وما خلق اله الجن والانس الا من اجل ان يقيموا التوحيد ، واعلموا ايها الاخوة ان ربكم قريب سميع مجيب ولا يحتاج الى واسطة نبي ولا صحابي ليجيب دعائكم فتوجهوا اليه وحده واجأروا اليه وحده ، وتشددوا ما استطعتم في امر الشرك فان التشدد في التوقي منه عزيمة ، والابتعاد عما قد يؤدي اليه واجب ، اسأل الله ان يقيني ويقيكم الشرك ، وان يبعد هذه الامة عن التخلف والاعتصام بالقبور ، وان تتوجه الى ربها وتعتصم به حتى يستقيم امرها وتغلب عدوها ،وتعلوا بالحق رايتها ، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ..............رائد علي العمايره .............raidali1969@hotmail.com