أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
إقرار نظام الصُّندوق الهندسي للتَّدريب لسنة 2024 الموافقة على مذكرتي تفاهم بين السياحة الأردنية وأثيوبيَّا وأذربيجان وزير الدفاع الإسرائيلي لنظيره الأميركي: سنواصل التحرك بحزم ضد حزب الله تعديل أسس حفر الآبار الجوفيّة المالحة في وادي الأردن اختتام منافسات الجولة السابعة من دوري الدرجة الأولى للسيدات لكرة القدم ما هي تفاصيل قرار إعفاء السيارات الكهربائية بنسبة 50% من الضريبة الخاصة؟ "غرب آسيا لكرة القدم" و"الجيل المبهر " توقعان اتفاقية تفاهم عجلون: استكمال خطط التعامل مع الظروف الجوية خلال الشتاء "الأغذية العالمي" يؤكد حاجته لتمويل بقيمة 16.9 مليار دولار مستوطنون يعتدون على فلسطينيين جنوب الخليل أمانة عمان تعلن حالة الطوارئ المتوسطة اعتبارا من صباح غد أبو صعيليك : انتقل دور (الخدمة العامة) من التعيين إلى الرقابة أكسيوس: ترمب فوجئ بوجود أسرى إسرائيليين أحياء ملامح إدارة ترامب الجديدة في البيت الأبيض البستنجي: قرار إعفاء السيارات الكهربائية حل جزء من مشكلة المركبات العالقة في المنطقة الحرة ارتفاع الشهداء الصحفيين في غزة إلى 189 بالتفاصيل .. اهم قرارات مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة اليوم الصحة اللبنانية: 24 شهيدا في غارات على البقاع الأردن .. السماح للمستثمرين في مشاريع البترول بتقديم عروض دون مذكرات تفاهم كولومبيا والنرويج يلتزمان باعتقال نتنياهو
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة الوهابيون قبل قرنين / ح 2

الوهابيون قبل قرنين / ح 2

28-05-2010 10:04 PM

ملحوظات عن البدو والوهابيين قبل قرنين

ترجمة وتعليق د. احمد عويدي العبادي

كتبها الرحالة السويسري الانجليزي

جون لويس بيركهارت 1810-1817  

ربما لا يدعم متصفحك عرض هذه الصورة.

ملحوظات عن البدو والوهابيين

(1810-1817)

Notes on the Bedouins

And the Wahhabys

By

John Lewis Burckhardt

ترجمة وتعليق

الدكتور أحمد عويدي العبادي

(دكتوراه في العلوم السياسية والاجتماعية من جامعة كمبردج البريطانية)

 

الجزء الثاني 

ملحوظات عن الو الحلقة الثانية  ------------------ 

الباب الثاني 

شخص سعود وعائلته

Person and Family Of Saoud 

سعود هو الزعيم الذي نقل إلى ذريته Propagator تعاليم مذهب الوهابية، وهو الابن الأكبر لعبد العزيز الذي لقي حتفه غيلة Assassinated في عام 1803 وهناك شقيقان لسعود هما عبدا لرحمن وعبد الله، وثلاثتهم أبناء عبد العزيز من زوجته إبنة الشيخ عبدالوهاب· وقد مات سعود في نيسان عام 1814 بعدما أصابته حمى أثناء وجوده في الدرعية عن عمر يناهز الخامسة والأربعين أو الخمسين· ويعزى إلى موته وغيابه عن الساحة ما حلّ بشعبه من سوء الطالع الذي حل بهم بعد إنتقاله إلى الرفيق الأعلى مباشرة ·

ويقال أن سعود المذكور كان رجلاً وسيماً handsome man بشكل مميز بالملامح والسيماء التي تميزت بها عائلته، حيث كان ذو لحية طويلة بما يزيد عن المعتاد لمن هم حوله من البدو، فضلاً عن الشعر الكث حول فمه، إلى درجة أنًّ أهل الدرعية أطلقوا عليه اسم أبو الشوارب ·

ويمتدح العرب جميعاً، بما فيهم أعداءه، حكمة سعود في إبداء الرأي والمشورة، ومهارته في فض النزاعات، كما أنه كان فقيهاً مثقفاً في الشريعة الإسلامية· أما صرامته ودقته Rigor في العدالة فقد حببته إلى السواد الأعظم من العرب، رغم أنها كانت تبعث على تقزز القادة من حوله· ومنذ أن شرع في الحروب والمعارك أثناء فترة حكمه، لم يقاتل بشخصه في أية معركة، وإنما كان يدير ويوجه جيشه من موقع يبعد قليلاً عن المؤخرة· ولكن العرب يروون أنه قاتل ذات مرة في معركة عندما كان يبلغ من العمر إثنا عشر عاماً وذلك إلى جانب والده عبد العزيز ·

لقد أنجبت له زوجته الأولى التي توفيت ثمانية أولاد، أكبرهم يدعى عبدالله، الذي احتل المرتبة الثانية في السلطة أثناء حياة والده Dominions، ثم تبوأ رئاسة الحكومة بعد موت والده· ويقال أن عبدالله كان فارساً، وأنه كان يقفز إلى متن جواده عندما كان في الخامسة من عمره، كما أنه أكثر تفوقاً في الشجاعة من والده، حيث أنه أتخذ لنفسه منهجاً وقانوناً أن يقاتل بنفسه في كل معركة يتوجه إليها· وأثناء حياة والده سعود، كانت المؤهلات العقلية التي يتمتع بها (عبد العزيز) توصف على أنها من النمط الخارق Prodigy في الحكمة والحصافة Sagacity· ولكن الوسائل والمعايير التي تبناها في مواجهة محمد علي تبرهن على أنه لم يكن يمتلك القدرات التي كان يمتلكها والده في هذه المجالات والمناحي· ويحظى بالاحترام والتقدير في الصحراء على أساس ما لديه من الحرية الشخصية، وأخلاقه الإجتماعية ·

لقد تزوج عبدالله إمرأة من عرب زعب في مقاطعة الحسا، أما أكثر أخوته سمعة وشهرة بين العرب فهو فيصل المشهور بأنه أكثر الرجال أناقة في الدرعية· وأكثرهم لطفاً وأنساً، والذي يحبه العرب ويميلون إليه، وقد خاض العديد من المعارك ضد الأتراك في الحجاز· أما ناصر فكان أكثر أولاد سعود مأثرة Favored لديه، وقد خـرّ صريعاً في إحدى غزواته على بلاد مسقط· أما تركي فكان قائد الوهابيين في حملاتهم وغزواتهم في العراق وسوريا· أما الزوجة الثالثة لسعود، فقد أنجبت له ثلاثة أولاد هم : عمر وإبراهيم وفهد ·

ويتميز سعود أنه لم يسمح لأي من أولاده مزاولة أي تأثير في الشؤون العامة، وذلك باستثناء عبدالله الذي شارك والده في تصريف الدولة والرأي والمشورة Counsels· ومع هذا، فإن سعود كان محباً لأولاده، قريباً منهم· ولا زال أهالي مكة (المكرمة) يستذكرون بكل سرور، ما حدث له، ومنه أثناء موسم الحج، عندما كان يجلس عند بوابة الكعبة (المشرفة)، عندما كان أتباعه يقومون بكسوة الكعبة (المشرفة) بلباسها الجديد، بينما كان العديد من الحجاج يقومون بالطواف حولها· في هذه اللحظة كما تقول الرواية، تقدمت زوجة ولده فهد , تقدمت من سعود وهي تحمل على يديها أحد أطفالها الصغار· حيث أنها وصلت تواً إلى هنا لأداء فريضة الحج، وأسرعت نحو سعود لتقدم له الطفل الرضيع الذي لم يره من قبل· وهنا أخذه منها، وقبله بعاطفة المحبة الأبوية، وقام، وبحضور الحجاج من حوله بوضعه في حجره Blossom لفترة من الوقت·

وبالإضافة إلى زوجته، كان لدى سعود محظيات وجواري كما كانت عليةِ عادة القوم في نجد· وقد أقام وبرفقته سائر أعضاء أسرته في صرح (بناء) واسع، كان بناه والده على سفح Declivity الجبل الذي يعلو بلدة الدرعية، وقد اشتمل البناء على سائر أفراد اسرته، فضلاً عن إخوته جميعا الذين كان لكل منهم جناحه المنفصل في ذلك البناء· ويقال أنه كان يغار من إخوته، ولم يعين أياً منهم في مركز يتطلب الثقة Post of confidence، ولم يسمح لأي منهم بمغادرة الدرعية· وكان يحتفظ بالكنوز والمال في هذا الصرح الذي يسكنه، كما أنه كان يستقبل جميع القادمين إلى الدرعية لأغراض العمل والتجارة ويستضيفهم في هذا الصرح نفسه ·

ليس هذا فحسب، بل إنه كان يتخذه مكانا لاستقبال الأمراء، وزعماء القبائل الهامة المعتبرة· حيث كان يستضيفهم، ويقدم لهم الإيواء والطعام منذ لحظة وصولهم، بينما كان الناس من الطبقات الدنيا يقيمون في بيوت معارفهم في بلدة الدرعية ·

أما إذا جاء هؤلاء (الدون) لأغراض هامة، فإنهم قد يحصلون على وجبات الطعام في بيت الزعيم (سعود) وبمعيته، كما يأخذون علف دوابهم ورواحلهم يومياً من عنده أيضاً· ومن هنا، فإننا نفهم أن القصر كان يعج بالضيوف على الدوام ·

وكان سعود يمارس سياسة الباب المفتوح في تعامله مع الناس، إذا ما رغب الشخص الحصول على مقابلة خاصة بدون رغبته، فإن ذلك كان أمراً صعباً، لكنه لم يكن مستحيلاً· لقد كان محوطاً بالعديد من المصريين الذين كانوا يعملون بوابين Porters، الذين إذا ما حصلوا على رشوة من شخص يسمحوا له بالمقابل بالدخول إلى الأجزاء الداخلية في ساعات غير عادية· وكان مثل هذا الداخل ينتظر طويلاً أو قليلاً، أمام الأقسام الداخلية والأجنحة الخاصة، إلى أن يحظى بمرور أحد الشيوخ المهمين ويدخل مع مرافقيه ·

وكان سعود يجلس لمقابلة الناس في الصباح الباكر، ثم فيما بين الثالثة والسادسة بعد الظهر، ثم في وقت متأخر بعد الغروب· وبعد تناول العشاء يجمع أولاده في قاعة واسعة، ويحضر منهم من يكون حينها في الدرعية، كما يلتحق بالحلقة العائلية هذه كل من يرغب تقديم معروض أو شكوى بين يديه· وبعد ذلك يقوم أحد العلماء بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم قراءة عدد من الأحاديث النبوية (الشريفة) ، ثم قراءة التفسير للآيات أو الحديث حسبما هو مذكور في تعليقات وشروح وتفسيرات أحسن الكتاب في هذا المجال· وبعد ذلك يقوم عدد من العلماء بإعطاء محاضرة في هذه المواضيع، ثم يقوم سعود باختتام النقاش، بأن يقوم بتناول الكتاب، ويشرع في شرح وتفسير النصوص الصعبة· ويقال أنه يكافئ Equaled وربما يفوق العلماء بما لديه من تباين وجهات النظر في الشؤون الدينية، وبالشريعة بشكل عام ·

لقد كانت فصاحته مثار إعجاب جامع شامل كما كان صوته جهورياً بشكل جلّي وجميل في الوقت نفسه، مما حدا بالعرب أن يقولوا : "إن كلماته تصل إلى القلب"، وفي المناسبات العامة، فإن سعود يكون المتحدث الوحيد فيها، ويجري غالباً فيها بحث أمور الشريعة (السمحاء)، حيث أنها تصل به أحياناً إلى نفاذ صبره، وتحثه على النقاش والجدال بعنف شديد· وعندما يعيل صبره في النقاش في هذه الأمور مدار الإثارة والنقاش· وبعد استمرار على مدى ساعة على هذا النمط من الجدال، فإن سعود كان معتاداً على التلفظ بكلمة "والله أعلم"، وهو تعبير يعني ضرورة مغادرة كل من ليس له حاجة، أو من لا حاجة له وبه، أن يغادروا المجلس· أما الذين لديهم أمور للتباحث معه بشأنها، فيواصلوا البقاء في الجلسة إلى ساعتين بعد بزوغ الشمس· ومثل هذه الجلسات تنعقد في كل ليلة ·

كان سعود يبدي نقمته بل وسخطه عندما يحاول أي بدوي أن يخدعه بالزيف، وفي حالة كهذه، كان يمسك بعصا ويخففه (يضربه) بها، ولكنه وعندما يذهب غيظه، ويتوارى حنقه، فإنه يثوب إلى رشده، ويبدي رغبة وامتناناً إذا ما قام الحضور من حوله بالتوسط والتدخل لمنعه من ضرب أي شخص، وبخاصة عندما يستبد به غضبه· وقد كان هذا دَيدَنَـهْ ومن حوله، وكان يعبر عن شكره وامتنانه لمن يتدخل ليحول بينه وبين ما كان يبغي من معاقبته أحد الحضور ضرباً بالعصا ·

وأثناء إقامته في الدرعية، فإن سعود كان نادراً ما يغادر منزله، ما عدا خروجه لأداء فريضة صلاة الجمعة بالمسجد المجاور· ويعزو العرب ذلك إلى خشيته من أن يلقى المصير الذي لقيه والده من قبل، حيث هلك غيلة· كما إن هناك أعداء ضد سعود، يتربصون به الدوائر، وهم منتشرون بين العربان، وتواقون للإنتقام avenge أخذاً بثأر أقاربهم الذين لقوا مصرعهم على يد سعود نفسه، وجاهزون للتآمر على حياته، إذا ما وجدوا أية فرصة للإجهاز عليه·

ويقول أحد أصدقائه أنه يمضي سحابة اليوم كله في منزله بالدراسة· ومن المعروف لدى الجميع أن سعود وعلى أثر مقتل والده، كان يرتدي وعلى مدى عدة سنوات درعاً حديدياً تحت مئزره خشية أن تمتد يد الاغتيال إليه· ويقول أهل مكة (المكرمة)، أنه كان في السنوات التي أقام فيها بمكة (المكرمة) محاطاً باستمرار بعدد من الحراس من النخبة المنتقاة Chosen guard، وكان لا يجرؤ أي غريب أن يقترب منه· كما أنه كان لا يذهب لأداء الصَّلوات في المسجد الحرام Great mosque، ولا يقوم بالطواف حول الكعبة (المشرفة)، إلا وهو محاط بالعديد من حراسه وأتباعه· وكان لا يصلي في الحرم مع عامة الناس، ولا يختار مقام الحنبلي، وإنما يعتلي بئر زمزم ليتخذه مصلى له، لأنه موقع آمن، وكان يؤدي صلواته فوق السطح الذي يشكل مقام الشافعي ·

وكان من طبعه قبل وبعد تسلمه للسلطة Dominions، في قصره الخاص وخارجه، أن يطلب من الجلوس، أن يبقى كل في مكانه، وألا ينهض منهم أحد عندما يظهر إلى المجلس· وفي مجلسه المسائي، نجد نظامه فيه أن يجلس كل واحد حيث ينتهي به المجلس، أو يناسبه من مكان، ومع هذا كان من المفهوم لدى الجميع أن كبار الأمراء يأخذون موقعهم بجانب الأمير نفسه، مما يحول دون تقدم غيرهم من الجلوس في مثل هذه المقاعد من المجلس . أما أبناؤه الصغار فيجلسون بين العامة، يرمقون الجميع وما يقال في المجلس بنظرات الإهتمام دون أن ينبس أيٌّ منهم (من الأمراء الصغار) ببنت شفة ·

ومن المعتاد أن يقوم أي عربي يدخل المجلس بمصافحة سعود بعد أن يكون قد طرح عليه السلام، واستفسر عن صحة وأحوال ممن يعرفهم من الحضور في مجلس الأمير· أما الشيوخ المهمين، فإنهم إذا ما وصلوا إلى مقر إقامة سعود، يتبادلون معه القبلات، حسبما هي عادة البدو، كما أنهم يخاطبونه دونما إضافات من الألقاب المتسمة بالأبهة والفخامة In addressing him, no pompous title was used وإنما يقول : يا سعود، يا أبو عبدالله، كما أنه ينادي كل شخص من حوله بإسمه المجرد دونما استخدام عبارات احتفالية أو مدحية (من المدح)، وهذا أمر شائع بين الأمم الشرقية، في مخاطبة الأشخاص بالأسماء المجردة الخالية من الألقاب والبهرجة ·

أما من حيث اللباس، فإن سعود لا يختلف في ذلك عن سائر أفراد البدو من حوله، حيث يقتصر لباسه على ثوب وعباءة، وكوفيه (منديل)، ويقال أنه يختار هذه الملابس من أفخم المحلات في الدرعية، بل وأفخم ما يصل إليهم من بضاعة : كما أنه كان كثير الوساوس والشكوك حول نظافة ملابسه، حيث كان يتطَيّـبُ باستمرار بطيب الزباد (وهو نوع من الطيب الذي يخرج من بعض غدد السِّـنَّورْ) ·

كانت النفقات الرئيسة المترتبة على سعود هي تلك المترتبة لضيوفه وخيوله: حيث يقال أنه كان يمتلك ما لا يقل عن ألفي فرس عربي أصيل ملكاً خاصاً له، منها ثلاثمائة أو أربعمائة مرابطة باستمرار في الدرعية، وأما البقية فكانت في مقاطعة الإحساء، حيث يتوفر العلف بشكل ممتاز· ويمتلك سعود أجود سلائل الخيل في جزيرة العرب، حيث أخذ بعضها من مالكيها الأصليين كعقاب لهم على سوء أعمالهم أو إقترافهم لأعمال تستحق الردع، أو على شكل غرامة، كما أنه اشترى كثيراً منها بأسعار عالية، حيث دفع ذات مرة ما بين 450 - 600 جنيه إسترليني ذهباً، ثمناً لمهرة واحدة ·

سَمَـحَ لكل واحد من أبنائه أن يحيط نفسه بحاشية (مركوبية ) قوام كل منها 100 - 150 خيالاً، أما عبدالله، فكان لديه مركوبية أثناء حياة والده، يزيد قوامها على ثلاثمائة فارس، كما يضاف إلى هؤلاء العديد من النجائب (مفردها نجيبة وهي الذلول)، أو الجمال السريعة العدو والمشي، حيث احتفظ سعود بأفضل أنواع النجائب المتوفرة في جزيرة العرب ·

ويبلغ عدد من يطعمهم في كل يوم من أفراد أسرته وضيوفه ما بين 400 - 500 شخص، حيث يقدم إليهم الرز والبرغل Boiled corn والتمر، ولحم الضأن Dates and mutton، وتشكل هذه المواد المذكور الأطباق الرئيسة للناس والضيوف· وقد سمح سعود لأولاده اليافعين وكبار الشيوخ أن يشاركوه الطعام، وكان طعامهم المعتاد : لحم الضأن والرز , أما الغرباء الوافدون إلى قصعته فيقدم إليهم التمر والبرغل· ومن خلال دراسة شاملة، ومعرفة أسلوبه ونمط عيشه، وأثمان المواد الغذائية في نجد، يظهر لي أن التكلفة العامة (باستثناء حراسه الشخصيين الذين كانوا يتقاضون رواتبهم من الخزينة العامة) أقول، تكاليف ذلك كله ما بين 10 - 12 ألف جنيه إسترليني في كل عام· وعلى عكس ما هي عادة الأتراك، فإن سعود لم يكن يحتفل بختان الصبيان في منزله، ذلك أنه، وكما يقول، لم تكن مثل هذه الاحتفالات والإعلانات موجودة في بواكير الدعوة الإسلامية Propagation of Islam ومع هذا سمح لبقية العربان أن يحتفلوا بهذه المناسبات· وبالمقابل فإنه كان يقيم إحتفالات بهيجة وعظيمة عند زفاف Nuptials أي من أولاده ·

فعندما تزوج ولده فهد من إبنة أخ سعود، إستمر الاحتفاء بهذا الزواج ثلاثة أيام في الدرعية· ففي اليوم الأول قام شقيق سعود (والد الفتاة) بإكرام الضيوف Treated the guests وهم جميع الذكور من سكان البلدة، وعدد من الوافدين الغرباء، حيث أولم لهم أربعين ناقة وخمسمائة رأس من الضأن· وفي اليوم الثاني، قام سعود نفسه (والد العريس) بتقديم القرى للضيوف حيث نحر مائة ناقة وثمانمائة رأس من الضأن· وفي اليوم الثالث قام أحد أخوة سعود بتقديم الضيافة، لهذه المجاميع برمتها Entertained all the company ·

احتفظ سعود بعدد من العبيد السود في منزله، كما كان لا يسمح لأي من أزواجه أو محظياتة Concubines (جواريه) أن ترضع طفلها، وإنما كانت مهمة الرضاعة توكل كل إلى ضئر wet-nurse (أي المرضعة لولد غيرها)، يتم إختيارهن (المرضعات) بعناية من بين العبدات (مؤنث عبيد) الحبشيات· ومثل هذا المنهج متبع أيضاً لدى أشراف مكة (المكرمة)، الذين يرسلون بأطفالهم إلى البادية لمزيد من التعلم والفصاحة والثقافة، لدى القبائل البدوية المجاورة، ويتم إرسالهم بعد ثماني ليال في بيوت آبائهم بعد ولادتهم، كما أن محمد بن سعود كان قد تلقى مثل هذه التربية لدى قبيلة العدوان  Adouan · 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

الباب الثالث

الحكومة الوهابية

Wahhabys Government

يشكل آل سعود طبقة النبلاء الارستقراطية على رأس الحكومة، حيث دأب (سعود) على تخويل سلطاته إلى عدد من الحكام، بما فيهم القبائل العربية الذين استقروا في المدن كما أن لكل قبيلة بدوية كبيرة حاكم أو شيخ، يخضع لهم شيوخ وزعماء ثانويُّـون· أما شيوخ مشايخ القبائل الذين يقدم لهم أتباعهم من الشيوخ الثانويين صنوف الأذعان والاحترام deference، فإنهم يتلقون (أي الشيوخ الكبار) بدورهم من زعيم الوهابيين ألقابا فخرية دون أن تنطوي هذه الألقاب على الواجبات والامتيازات والرواتب المألوفة لها والمرتبطة بها - مثل أمير الأمراء· أما الحكام الرئيسيون في المقاطعات المترامية فهم حكام : الحسا، العارض (الذي يتبع مباشرة لسعود، وبه تقع الدرعية مقر حكمه)، القصيم، جبل شمّر، الحرمين (الشريفين) - مكة (المكرمة) والمدينة (المنورة)، الحجاز (والتي هي في المفهوم البدوي سلسلة الجبال الممتدة إلى الجنوب من الطائف)، واليمن ·

وينفذ حكام هذه المقاطعات - أو الأمراء , العدالة العامة بين الناس وإن لم يكونوا قضاة، ذلك أن سعود قد نصب قضاة في كل مكان من هذه المقاطعات· أما سلطات هؤلاء الأمراء على العربان، فهي محدودة جداً، ولا تزيد على ما يمتلكه شيخ بدوي مستقل، ما عدا ما يستطيعونه من فرض إطاعة القانون والالتزام به، وذلك من خلال صلاحياته بعقوبة السجن لكل معتدي - فضلاً عما يفرضه عليه من غرامة بسبب عدم إذعانه للقانون والدولة· وإذا ما ارتكب الشيخ نفسه خطئاً أو إختراق للعدالة، فإن المتضرر يتقدم بالتماس إلى الشيخ الرئيس (أو شيخ المشايخ)، وذلك ما يجعل الدرعية مليئة وباستمرار بالعربان القادمين من البقاع النائية ليتقدموا بشكوى ضد شيوخهم، أما الواجب الرئيس الأساس Principle duty الذي يترتَّـب على هؤلاء الشّيوخ من أصحاب المناصب بالإضافة إلى تطبيق العدالة، هو أن يقوموا بتجنيد القوى البشرية للجيش الوهابي، وأن يساعدوا جباة الضرائب Tax - gathers على جمع الأموال من الناس ·

وفي وقت الحرب يتم تشكيل مجلس من حكام المقاطعات، وشيوخ البدو الكبار، أما في أوقات السلم، فإن سعود لا يعود إلى أحد بالمشورة، إلا إلى علماء الدرعية، وهم ينتمون بشكل رئيس إلى أسرة عبدالوهاب مؤسس هذا المذهب الوهابي، ويكثر هؤلاء في الدرعية، ولديهم تأثير كبير على مجريات الأمور· ويطلق على هذه الأسرة : أولاد الشيخ· ولا أعلم بدقة حقيقة ما يملكون من إمتيازات وحقوق إيجابية، ولكن الذي يقع عندي في دائرة التوكيد واليقين أن سعود يتشاور معهم في كل أمر هام قبل أن يأخذ به قراراً نهائياً· ورغم أن زعيم الوهابيين يبدو لنا سيداً مطلقاً ومطاعاً، ولكنه يعرف غور أرواح عربانه إذا ما حاول حكمهم أو السيطرة عليهم بطريقة طغيانية Despotic Sway

ولقد استمرت حياة الأفراد، كما كان شأنها فيما مضى من الزمن، ولكنه (أي سعود) يحاول تطبيق العدالة administer justice، كشيخ فعال، واسع السلطة، قوي potent، أكثر منه كزعيم لجزيرة العرب، وفي الحقيقة أنه (سعود) كان تحت سيطرة حكامه بطريقة أو بأخرى ، ذلك أن أي حاكم مقاطعة أو زعيم قبيلة، من ذوي التأثير الكبير، في هذه المقاطعات بخاصة، يستطيع أن يعلن استقلاله عن زعيم الوهابيين، إذا ما تعامل معهم سعود بنوع من الحيف أو الجور Where he treats them with injustice ·

وهناك كثير من الشواهد instances من هذا النوع (أي التمرد)، وقد أبقت جذوة المقاومة ضد أي قوى طاغوتية، أو استبدادية arbitrary power، حيث لا يمكن للبدوي أن يستسلم لمثل هذا النمط من الحكم المستبد ·

أما حكام المقاطعات فإن الشيوخ الذين هم أدنى من الحكام مرتبة، يكبحون جماح وهيمنة هؤلاء الحكام، مما يحدد من صلاحياتهم من قبل هؤلاء الشيوخ التابعين لهم· ونجد حالات كثيرة، قوامها حمايل (عشائر صغيرة) جاهزة للدفاع عن نفسها وقضيتها ضد طغيان الشيخ الرئيس tyranny of the great chief، والذي نجح في توحيد هذه القبائل تحت مظلة نظام حكومي واحد وذلك بعد صراع عنيف violent struggle في الطريق إلى تأسيس وتثبيت النظام في جزيرة العرب، هذا النظام والضبط الذي عاد بالنتائج المثمرة advantageous للأمن العام public Security، وللمصالح الشخصية الخاصة Private Interests، كليهما على حد سواء ·

أما الحكومة الوهابية فهي الآن (1816) وراثية في عقب سعود، وقد كان المتبع زمن حياة عبد العزيز أن يطلب من الشيوخ الهامين أن يقسموا يمين الولاء لولده سعود، مما جعله ( سعود ) يتبوأ السلطة العليا وراثة who succeeded to the supreme authority، بعدما إنتقل والده ( عبد العزيز ) إلى الرفيق الأعلى، بسهولة دونما اعتراض أو مقاومة with out opposing· وبالأسلوب نفسه أقسم الشيوخ فيما بعد يمين الطاعة والولاء والإخلاص لـ عبدالله بن سعود ، وأثناء أن كان والده على قيد الحياة· ويرى العرب أنه ليس شرطاً إنتقال الزعامة والحكم من الأب إلى الابن، إذا كان بمقدور سعود أن يسمي أحد إخوته خليفةً له، ونحن نفترض أن هذا النظام لا زال منتشراً في الدرعية ( 1817 ) ، كما هو الحال أيضاً في سائر أرجاء الصحراء عند انتخاب شيخ عشيرة · ولزعيم الوهابيين تعيين وإقالة شيوخ المدن، والمقاطعات والقبائل، كما يحلو له أن يفعل ··· ومع هذا فإنه يتمسك بالانتخابات التي يمارسها العربان أنفسهم  داخل عشائرهم ويقف مع خياراتهم ، وإذا ما برهن شيخ من الشيوخ أنه متمسك بقضيته، فإنه يسمح دائماً (أي هذا الشيخ) لولده أو شقيقه أن يخلفه في المنصب · 
 
 

                    الباب الرابع 

                                  عدالة الحكومة

Administration of Justice

لقد كانت القفار الخالية والمفتوحة في أرجاء جزيرة العرب، وكذلك سائر البلدات الداخلية، أقول كانت في السابق خاضعة subject للفوضى نفسها التي لا زالت تعم أرجاء القبائل التي لم تخضع بعد لسلطة الوهابيين، والتي كنت أَوْفيتُها وصفاً في الجزء الأول من هذا الكتاب "ملحوظات عن البدو" Notes on the Bedouins، أما عبد العزيز وولده سعود فقد علَّما (من التعليم) العربان إطاعة القانون، وأن يحافظوا على الأمن العام، وأن يحتكموا في خصوماتهم ونزاعاتهم إلى قرارات المحاكم وأن يطيعوها وينفذوها to abide by the decisions of tribunal، دونما لجوء إلى استخدام السلاح او اخذ القانون باليد بعيدا عن سلطة الدولة ·

لقد كان عبد العزيز أول من أرسل قضاة للحكم بين الناس بموجب الشريعة في سائر أنحاء البلدان الخاضعة لحكمه وسيطرته His sway· وقد إختارهم من ذوي الكفاءة والمقدرة والاستقامة، والتفقه بالدين، كما خصص لهم assigned to them رواتب وعلاوات allowances سنوية تدفع إليهم من مال الخزينة العامة public treasury، محرماً عليهم تلقي أية رسوم أو رشاوى لجيوبهم من أطراف الخصومة Contending parties· وكان على هؤلاء القضاة أن يحكموا بموجب كتاب الله (القرآن) وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) وعلى العربان جميعاً أن يتقدموا بقضاياهم أمام هؤلاء القضاة، ومن حق أطراف النزاع أن يستأنفوا الأحكام إلى الرئيس الأعلى supreme chief ·

أما الخطوة الثانية فكانت تأمين وتنظيف البلاد من اللصوصية واللصوص robbers· فمثلاً، كان أمر البلاد والعباد قبل أن يتسلم عبد العزيز السلطات الكافية، على النحو التالي : كانت بلاد نجد وجزيرة العرب تعاني من العداوات والتناحر والتنافر بين القبائل في كل ركن وزاوية، كما أن العديد من الحكومات المستقلة سلّمت Rendered بإستحالة بسط الأمن والسلام الداخلي لديها· أما عبد العزيز وولده سعود، فقد إتبعا سياسة لفرض الأمن وذلك بإلقاء مسؤولية أية سرقة تقع في منطقة أو ديار قبيلة، على هذه القبيلة نفسها، إذا ما كان اللص مجهولاً، أما الأطراف التي كانت من القوة بحيث يكون بمقدورها الثورة Repel أو مقاومة إحتلال معادٍ لمضارب قبيلة أو أحياء مستقرة في بلدة من البلدات To repel or resist a hostile invasion of camp or town وأراد مثل هذا الطرف المتمرد الميل والانحراف inclination عن جادة الحق والقانون، أو كان من الشجاعة بحيث يزاول مثل هذه التجاوزات، فقد كانت تتم معاقبتهم بغرامة تساوي ثمن القطيع المسروق أو الممتلكات المنهوبة التي أخذها اللصوص وولوا بها هرباً ·

من هنا توجب على كل قبيلة أن تأخذ الحيطة والحذر Vigilant في حماية جيرانها، وحماية الغرباء الذين يعبرون ديار تلك القبيلة· وقد أدت مثل هذه الإجراءات الحاذقة، إلى قطع دابر اللصوصية واللصوص على المستويين العام والخاص، بين البدو والحضر كليهما على حد سواء في جزيرة العرب، بعد أن كانوا سابقاً يشعرون بالمتعة والسرور delighted بممارسة السلب والنهب pilfering and plundering· وبذلك أصبح، وللمرة الأولى منذ أيام الرسول (سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم)، بمقدور التاجر أن يسافر وحده، وأن يجتاز المفاوز في صحراء جزيرة العرب traverse the desert of Arabia بسلامة تامة· كما أن البدو صاروا ينامون دونما خوف apprehension على قطعانهم أن تطالها أيدي اللصوص والنّهابين nocturnal and depredators الذين يجوسون خلال الديار ليلاً ·

كان القلق يساور زعيمي الوهابيين، وبخاصة خشيتهما ألا يتخلوا renounce عن العادة المتأصلة منذ أمد بعيد long-established، في أنهم (أي العربان) يقومون بتطبيق القانون بأيديهم وبالتالي يقومون بمعاقبة أي عدو ويسدّدون إليه ضربات Inflicting من عمليات الانتقام وأخذ الثأر retaliation، من هنا، فقد كانا يعملان على الدوام، وبشكل حثيث، وبخاصة سعود، لإلغاء عادة الثأر Blood-revenge، وأن يحولوا هذا السلوك الجديد إلى نوع من الرضا والقناعة Content، بأخذ الدية المفروضة Stipulated Price بدلاً من الانتقام والثأر ·

ورغم المحاولات الجادة والحثيثة لتكريس مبدأ الدية بدلاً من القتل، إلا أن الزعيم الوهابي، لم يحقق النجاح الذي كان يصبو إليه · فقد كان غالباً ما يجبر ذوي القتيل على قبول الدية أو الغرامة، إذا ما عرضها ذوو القاتل· ولكن أي أخذ بالثأر يتم قبل أن يصدر أوامره بقبول الغرامة بدل القصاص، فإنه لا يعاقب الرجل الآخذ بالثأر والذي كانت ردة فعله حسبما ورثه من عادات تناهت إليه وإلى المجتمع منذ الأيام الخوالي، إنتفع availed من عادة عربية قديمة تعطيه هذا الحق بأخذ الثأر بيده، بدل إنتظار الآخرين أن يقوموا بالعقوبة والمهّمة ·

وإذا ما حدث نزاع بين رعاياه، وعصفت بعلاقاتهم مؤثرات خارجية عنهم، وصارت منازعاتهم تخدم أطرافاً غيرهم، ووقع بينهم كسر العظم وسفك الدماء Shedding blood، وسط خضم العراك والمشاجرات العامة، فإن سعود كان لا يتوانى عن إدانة الطرفين بصرامة لا تعرف الرحمة، وكذلك ضد المتطفلين الذين يزرعون الفتنة meddled بين المتخاصمين· ويقوم الزعيم بمعاقبتهم، على شكل مصادرة خيولهم، وإبلهم، وأسلحتهم أو بمصادرة ممتلكاتهم لصالح الخزينة العامة ·

وإذا ما حدثت مشاجرة بين العربان وقام أحدهم بسحب شبريته وطعن بها شخصاً آخر، وجرحه، فإن سعود يفرض Levied غرامة ثقيلة heavy fine على المتفرجين وذلك لأن عدم تدخلهم قد سمح بوقوع الجريمة على هذا الشكل، وكان عليهم أن يحولوا دون ذلك· ورغم وجود القوانين التي تمنع إندلاع الحروب بين القبائل، فإنه إذا ما شنت قبيلتان غارات وعداوات كل منهما على الأخرى، فإن سعود يرسل بالحال، رُسلاً إلى شيوخ هذه القبائل ويلّح على إجراء مصالحة بين الطرفين، ويتقاضى غرامة من كل منهما، ويلزم كل طرف قبليِّ أن يدفع للطرف الآخر الدية (ثمن الدم) Price of Blood، تعويضاً عن الأرواح التي أُزهقت Perished في الهجوم الأول بينهما ·

لقد كانت الأوامر صارمة وواضحة للقبائل، أن تقوم بتقديم نزاعاتها العامة أمام محاكم سعود دائماً، والذي كانت سلطته مرعية وذات هيبة Dreaded في النفوس· وقد وصل الأمر به أنه كان يرسل أياً من عبيده (مفردها عبد) الزنوج، ويزوده بتعليمات واضحة تقضي بالقبض على بعض الشيوخ المهيمن من ذوي الشأن ثم يسوقه مخفوراً على مرأى من الناس في مضارب عشيرته، ويأتي به إلى الدرعية ليزجه بالسجن هناك ·

كان سعود يوصف بأن عدالته لا يدانيها الفساد والانحراف incorruptible justice، ولكنه حازم إلى درجة القسوة في أحكامه الصادرة بحق المعتدين Transgressors· وقد كان لنفوذه العظيم دوراً في الاكتشاف الفوري للشاهد المراوغ الكاذب a witness prevaricated، حيث كان يوقع عقوبة قاسية على مثل هذا الشاهد، ليكون عبرة لغيره Exemplary manner· ومع هذا لم تكن عقوبات قاسية جداً، واستطيع التوكيد أنه، ومنذ مات والده إلى الآن (1816) لم يوقع عقوبة الإعدام إلا بأربعة أو خمسة رجال في الدرعية ·

وحيث أن البدو نادراً ما يملكون النقود، فإنه (أي سعود) كان يوقع عليهم الغرامة على شكل خيل وإبل وأغنام· وقد أدت سياسته هذه وقسوته Severity إلى إيجاد وخلق أعداء له حتى من بين ظهراني عربانه المقربين· ولم يحترم يوماً حرمة الحماية التي يعطيها العربان لأي منتهك للقانون Delinquent· فقد ألغى قوانين البدو المتعلقة بالدخالة، في سائر أنحاء المناطق التي تقع ضمن سلطانه Dominions، طالما أن هذه الدخالة تستخدم لحماية وصيانة Screening أيِّ شخص هارب من وجه العدالة، أو مطلوب للقانون· لقد كانت العادة الشائعة أنه إذا ما قتل شخص شخصاً، فإن القاتل يطلب الدخالة في كنف صديق له، ليضمن له سلامته من الثأر الفوري Immediate Vengeance من أهل القتيل· وكان مثل هذا يستطيع البقاء تحت حماية قابل الدخالة إلى أن يتم استدعاؤه للقانون، وحينها عليه أن يسلّم نفسه طواعية ·

يستطيع الشيوخ الأقوياء منح الدخالة لمن يقترف ما يخالف القانون، حتى ذاك الذي إقترف مخالفات صغيرة· وحيث أن المخطئ يخشى سطوة سعود، فإنه يبحث عن الحماية لدى شيخ ذي مأثرة وتأثير لدى سعود نفسه، وهنا، يتشفع هذا الشيخ، ليؤثر عادة على سعود أن يصفح Remit عن المذنب وأن يلغي العقوبة أو أن يستبدلها Commute it بغرامة قليلة ·

أما الذنب الذي لا يغتفر عند سعود، ويستحق العقوبة، فهو التعامل والإتصال الذي يقوم به أيٌّ من الوهابيين بغيرهم ممن يسميهم المهرطقين· فما أن توطدت أركان المذهب الوهابي، حتى صدرت الأوامر الصارمة بتحريم Interdict جميع الاتصالات ما بين الوهابيين والشعوب الأخرى، الذين لم يعتنقوا المذهب الوهابي بعد، لأن الوهابيين كانوا يؤمنون قولاً وعملاً أن وسيلة التفاهم مع من ليس على مذهبهم هو السيف، بل والسيف وحده ·

وحيث أن أهالي نجد إعتادوا الاتصال والتجارة والميرة والزيارة للمدينة (المنورة)، ودمشق، وبغداد، والأقطار المجاورة، فإنهم كانوا على الدوام يعصون أوامر تحريم هذه الحركات والإتصالات، مما أُضطر معه سعود أن يخفف من إجراءاته وتعليماته الصارمة حول الموضوع Relax his severity on that subject· بل أنه تغاضى تكتيكياً في الفترة الأخيرة، بخصوص موكب الحج السوري، مما أتاح لعربانه نقل مؤونة قوافل الحجيج، بينما إكتفى هو بتقاضي دولار واحد عن كل جمل يعود لشعبه إذا ما استخدم هذا الجمل بعمليات النقل· وباستثناء هذه الحالة، فإنه لم يسمح لشعبه أن يتاجر مع سوريا إطلاقاً، أو بغداد حتى ما بعد عام 1810م، عندما بدأت الحملة المصرية ·

ومع هذا فإن القانون الذي لا زال سائداً، ينص على أنه إذا ما وُجد وهابي، سواء أكان بدوياً أو تاجراً، على أي من الطريق المؤدية إلى أقطار الهراطقة، (والتي يحددها إتجاه الطريق ونوع الحمولة)، فإنه يتم مصادرة جميع هذه القوافل· وممتلكات الشخص المقبوض عليه ومواشيه، وذلك لصالح الخزينة العامة· ولكنه إذا ما كان عائداً من بلدان الهراطقة، فإنه لاتتم مصادرة ممتلكاته·

إن الأعباء الثقيلة الإعتباطية Arbitrary Impositions تسمى أفانياس Avanius والضرائب العالية، الفرار تخلصاً من الدين، إنما هي أمور غير معروفة عند الوهابيين أو ضمن سلطانهم، ذلك أنه لا يطلب من أي شخص من الرعية الوهابية أن يدفع أكثر مما يملك جباة الضرائب Tax-gathers أو غرامة تدفع للخزينة جزاءً وفاقاً على ذنب أو إعتداء إقترفه دافع الغرامة· وتجدر الإشارة هنا، أن الأثرياء لا يتعرضون لأي نمط من السلب الحكومي Rapacity of Government - وقد يكون هذا هو المكان الوحيد في الشرق الذي يأمن فيه صاحب المال على ماله من مصادرة الدولة· فمثلاً نجد تجار مكة (المكرمة) التي تمتلئ مخازنهم Ware houses بأجود وأجمل الملابس البدوية، لم يُجبروا (بضم الياء) على دفع أي مبلغ قّل أو كثُر بل ولا تقديم الهدايا الثمينة إلى سعود ·

وعلى أية حال، فإن العربان يتذمرون من وضع شرط أساس Requisition المتكرر الحدوث، بل الدائم Frequent، وهو إصدار الأوامر التي تقضي عليهم بالالتحاق في قوات زعيم الوهابيين في حملاته القتالية ضد المهرطقين· وفي هذه الحالة فإنَّ على العربان المقاتلين أن يأتي كل منهم بما يحتاجه من زاد ومئونة، وركائب (جمال) وخيول، وليس له أيي أجر مادي أو رواتب Emolument لقاء عمله هذا· وإنما فقط، ما يستطيع هذا المقاتل من احرازه من الغنائم والسلب· من هنا، فإن مثل هذه الحملات باهظة الثمن بالنسبة لهم، من هنا، فإن أي رجل أحدث Incurred ما ينافي سرور displeasure سعود، أو ماقترفه من تنكيد عليه، من جراء أي اعتداء أو جرم ولو كان صغيراً، يستطيع مصالحته واستعادة محبته من خلال الالتحاق بهذه الحملات العسكرية     ولاشك أن إستتباب الأمن والطمأنينة، كمحصلة لهذه العدالة القاسية rigid administration، من الإدارة، قد جلبت السرور والحبور إلى أنفس أولئك الذين كانوا أكثر عرضة للسلب والنهب Depredations وضحايا الفوضى من أي نوع· من هنا، فإن أهالي البلدات المستقرين في نجد واليمن والحجاز أصبحوا أكثر اعتناقاً وإيماناً بالمذهب الجديد، بسبب ما عانوه وقاسوه من سوء النظام الذي سبقه، حيث كان الخلل والشوائب تسود الأيام السابقة Defects· أصبح الآن بمقدور القوافل المحملة بجميع منتجات الأرض تجوب جزيرة العرب جيئة وذهاباً دونما إزعاج أو تحرش أو مضايقة Unmolested، كما تبخر الخوف من الممارسات السابقة حيث كانت مزروعاتهم تتعرض للنهب والدمار من القبائل المتنقلة، وأصبح مثل هذا السلوك أمراً من ذكريات الماضي· وبناء عليه، فإن هذه القبائل التي إعتادت العيش على اللصوصية ومهاجمة الآخرين، وقد وجدت من الصعوبة بمكان أن تذعن للحكومة الوهابية بالطاعة، ذلك أن المبادئ الأساسية والأولية لهذه الحكومة كان مناقضاً تماماً وجوهرياً Subsistence لنمط وعقلية القبائل في هذا الشأن ·

من هنا، فليس عجباً، أن نجد القبائل البدوية الكبيرة قد ترددت كثيراً لتبني المذهب الوهابي، ونأت عن نفسها من إتباعه، إلى أن جاءتها قوة تفوقها عدداً وعدة أجبرتها على إعتناقه، وقد برهنت هذه القبائل من خلال الثورات المتعدّدة، كيف عيل صبرها Impatient أمام هذا الضبط لسلوكهم وديدنهم في النهب والسلب، وبخاصة أنهم أصبحوا يدفعون الخاوة Tribute على شكل ضرائب أو غيرها للزعامة الجديدة، وهو الأمر الذي استنهض مقتهم وكرههم لذلك Repugnance ·

وإذا أُشتهرَ (بضم الألف) سعود كقاض قاس Sever judge في حالات الاعتداء transgression، ولا يعرف الصفح طريقاً إليه Implacable في تعامله مع أعدائه، فإنه بالمقابل كان مشهوراً بإخلاصه ودفئه Warmth and sincerity في صداقته مع الآخرين، واحترامه Regard للقدماء من مناصرين ومشايعيه adherents وبمقدور أي شيخ يركن إلى سعود من خلال التقرب والتودد إليه evinced his attachment أن يحظى بحمايته الدائمة، والمساعدة في جميع الظروف الصعبة وسوء الطالع Under all misfortunes، وحتى في حالات التعويض المدفوع عن الضرر Indemnification، مهما كان حجم ما يجلبه هذا الصديق على نفسه Incur، فإن سعود لن يخذله، ويساعده ويقيل عثرته ·

أما العقوبة المؤلمة القصوى والموجعة التي يُنزِلها (بضم الياء) زعيم الوهابيين بالآخرين، فكانت أوامره بحلق لحية الرجل المذنب أو الجاني Culprit"s beard· ومثل هذه العقوبة لم يوقعها إلا على أشخاص من ذوي الشأن of distinction في قبائلهم، أو الشيوخ الذين تزل بهم أقدامهم للثورة ضده· ومثل هذه العقوبة مشينة مهينة disgrace إلى درجة لا تطاق Enterable بالنسبة للبدو، بل وأكثر وقعاً عليهم من الموت· فإذا ما أُبتلي (بضم الألف والتاء) بدوي بهذه العقوبة، فعليه أن يتوارى عن الأنظار مدة حتى تنبت لحيته من جديد إلى سابق ما كانت عليه ·

ويمكن تلقي الحكايات النادرة anecdote التي يروونها في هذا الموضوع، والتي تُلقي الضوء على الميّزات الحقيقية للعربي/البدوي، هذه القصة التالية : لقد سمع سعود عن مهرة يمتلكها أحد شيوخ شمّر، ورغب في شرائها منه، ولكن مالكها رفض بيعها بأي ثمن كان any sum of money وفي أثناء ذلك أصدر سعود حكمه بحلق لحية أحد شيوخ قحطان بسبب إقترافه ذنباً ما، وعندما حضر الحلاق ومعه مقّصه بحضور سعود تحدث الشيخ المحكوم قائلاً : "يا سعود خذ مهرة الشمّـري فدية Ransom للحيتي"· وهنا أُلغيت العقوبة، ويُسمح (بضم السين) للشيخ أن يذهب للمساومة Bargain على ثمن المهرة، حيث بلغ ألفين وخمسمائة دولار، مقسماً أنه لن يغادر بدونها (بدون اللحية) مهما كان ثمنها، لأن بقاء لحية قحطاني نبيل أغلى وأعلى ثمناً من هذا المبلغ كله · ولكن هذا المثل نادر، ذلك أن سعود كان يرفض العطايا المالية التي تقدم إليه Offers of money لقاء إلغاء عقوبة حلق اللحية ·

لا أجد بدا من ذكر Notice بعض القوانين الوهابية المبنية على الكتاب والسنة، وذلك على النحو التالي :

إن ألحرامي أو اللص ملزم بإعادة المسروقات إلى أصحابها، أو إعادة ما تساويه من قيمة· وإذا كان ارتكب السرقة بدون تكسير وعنف فإنه يسلم بإعادة ما سرقه، وكفى· ما عدا دفع غرامة للخزينة ولكن إذا ما إقترنت السَّرقة بكسر الباب، فإنه يتم قطع يد السارق ·

أما الذي يقتل غريمه Antagonist أثناء المخاصمة الحامية dispute، مستخدماً شبريته (جنبية) أو مسدساً، فإنه يلقى مصيره وعقوبته موتاً، ولكن إذا ما قتله بضربة من عصا أو رمية من حجر، فيعتبر الفعل deemed قتل رجل، وحينها تقتصر العقوبة على الدية Price of blood، لأن القاتل لم يكن مسلحاً بأية أداة قاتلة عند حدوث القتل المذكور، أما ثمن الدم/أو الدية، عند الوهابيين فهي ثابتة وقيمتها مائة ناقة، إعتماداً على الدية التي فرضها (سيدنا) أبو بكر (رضي الله عنه) وقد حدد سعود ثمن الجمل بثمانية دولارات إسبانية، وبذلك أضحت الدية الثابتة ثمانمائة دولار ·

أما عقوبة من يشتم أو يلعن الوهابيين، أو يدعوهم بالمشركين، فإنه يجلب على نفسه Incurs عقوبات قاسية وثقيلة، ذلك أن مصطلحات الإهانة مفصلة عند الوهابيين بدقة متناهية· ونجد أن الأسوأ الذي لا يجد عقوبة بالقانون أن تقول لشخص : أنت كلب· أما الإهانة العامة، فهي أن تقول له : يا فاعل o, doer، وتعني أنه ارتكب خطيئة شيطانية، أو سوءاً ما· ومن الكلمات التي تستوجب العقوبة، قول شخص لآخر : يا تارك O, liver-off أي أنه تارك للدين مفارق للجماعة· وبمعنى آخر، فإن كلمتي فاعل أي مرتكب خطيئة أو جريمة كبرى فهو مجرم، وتارك أي خارج من المِلَّة، وبذلك فإنهما من أقسى الكلمات المهينة لأي شخص ·

أما طريقة التعذيب عندهم فهي : بإستخدام نمط أداة تعذيب خشبية ذات ثقوب تُقيد فيها رجلا المذنب، وتدعى دبابة ومثل هذه الطريقة تستخدم للطبقة الدنيا وحدها· ولدى سعود سجن في قصره للأشخاص من ذوي الأهمية والاعتبار، وبخاصة أولئك الذين حُكم (بضم الحاء) عليهم بدفع غرامة، أو فدية محددة، ويشكون الفقر، ويرفضون تنفيذ الحكم refuse to comply· وفي بعض الحالات يستمر سجنهم إلى أن يدفعوا القيمة المطلوبة ·

أما الإهمال بأداء الواجبات الدينية، فإن عقوبته قاسية جداً دائماً always severely punished· وقد سبق وذكرت عقوبة تارك الصلاة Omission أو المهمل في أدائها· فعندما إحتل سعود المدينة (المنورة)، أمر بعض أتباعه، بعد أداء الصلاة في المسجد، بالمناداة على أسماء الشباب اليافعين من سكان البلدة، والذين كان عليهم أن يجيب كل منهم بنفسه عن نفسه عندما يسمع مناداة إسمه· وبعد الإنتهاء من هذا التفقد يأمرهم سعود بالمواظبة على الصلوات في المسجد to attend prayers regularly، وإذا ما غاب أحدهم مرتان أو ثلاث مرات، فإن سعود يرسل إليه عدداً من أقاربه ليجلدوه في منزله ·

أما في مكة (المكرمة) فإنه إذا ما حان وقت الصلاة، فإنه كان يأمر المطّوعة (رجاله) ليجوبوا Patrol الشوارع، مسلحين بالهراوات ويسوقون الناس بالقوة إلى المسجد، ورغم أنه عمل قاس ولكن مبرره عند الوهابيين أنه كان بسبب ما أُشتهر (بضم الألف) به المكَّـيُّـون من عدم الإلتزام الديني Notorious irreligion of mekkans، كما أن سعود كان يتصف بالدقة Punctual والحرص على أداء فريضة الحج إلى مكة (المكرمة)· وكان لا يألو جهداً ما أمكن Whenever it was his Power أن يلوذ بالبيت الحرام ويأوي إليه مصحوباً بآلاف من أتباعه رجالاً ونساءً· وقد كان آخر حج له عام 1812 ·

وقد حاول سعود أن يضبط Check الطلاق الشائع بين رعاياه Frequent Practice of divorce، وهي عادة ضارة ومؤذية للعادات والأخلاق الاجتماعية Pernicious، أن يقول الشخص : عليه الطلاق (أي أنه يطلق زوجته)· وقد أمر سعود أن أي رجل يحلف بالطلاق من زوجة يجب أن يلقى عقوبة الجلد· أما الذين لا يرعون حرمة رمضان، بعدم الصيام، بدون عذر شرعي Legitimate excuse، فإن المفطر في هذه الحالة يتعرض لعقوبة عظيمة تصل إلى الإعدام· فقد حدث زمن عبد العزيز الذي كان أكثر تشدداً من ولده سعود، أن أمر بإعدام بدوي (عربي) لأنه أفطر رمضان ·

وبالحديث عن التدخين، فهو ممنوع علناً، ولكن المعروف جيداً أن أهالي نجد مولعون بالتدخين، ويمارسون ذلك في بيوتهم، وكذلك نجد الوهابيين يدخنون ليلاً في مضاربهم ومعسكراتهم· وعندما إحتل سعود مكة (المكرمة) أمر جميع السكان فيها أن يأتي كل منهم بما عنده من الغليون الفارسي (الشيشة) إلى ساحة من الأرض أمام المنزل الذي يقيم فيه، ثم جمعها كلها في كومة ضخمة واحدة، ثم أشعل فيها النيران بما فيها كميات التبغ الذي بحوزة الأهالي هناك، وذاك الموجود في الحوانيت ·

وذات يوم أعلمه أحد أفراد حاشيته retinue علناً، أن أهل مكة لم يعتبروا أوامره disregarded his orders وأنهم لا زالوا يمارسون التدخين فسأله سعود: أين رأيتهم يدخنون ؟ فأجاب القائل : في بيوتهم الخاصة بهم، فقال سعود : ألم تقرأ القرآن (الكريم) عندما يقول : "ولا تجسَّسوا"؟ فلا يجوز تقصي عورات المسلمين· وعلى أثر ذلك أمر سعود بجلد bastinadoed المخبر، مما قطع دابر أية معلومة تمّرر إليه عن تدخين الناس في بيوتهم ·

ولا زال (1816) المكيون يتذكرون بكل إمتنان، كيف كانت الشرطة تقوم بواجبها خير قيام أثناء إقامة سعود في مكة (المكرمة)، وما يرافقه من عساكر يبسطون الأمن في أرجاء المدينة المقدسة، وبخاصة عندما إحتل المدينة ودخلها لأول مرة· وقد شكل لجنة أهلية لمراقبة ومتابعة الشؤون الأمنية vigilance وعهد إليهم مراقبة جنوده أيضاً، كما كان يراقب جنوده في حملاته العسكرية، ويوطَّـد الأمن والنظام في كل رقعة تقع تحت سلطانه· ومن المعتاد أن أي شخص يتلقى منه الأمان Safe-Conduct "عليك الله وأمان الله"، فإنه يسلم من أية إساءة أو إهانة misconduct من الجنود لألتزامهم بأمان قائدهم لذلك الشخص، وقد ذُكر لي أمثلة على إخلاص وإيمان الوهابيين، حيث كان يقف بعضهم قرب الكعبة (المشرفة)، يبحثون عن أصحاب الحاجات المفقودة، التي وصلت إلى جنود الوهابيين، وكانوا يرغبون بقوة لأعادتها لأصحابها desirous of returning ·

كان سعود يحمي التجارة، والقوافل في سائر أرجاء الأراضي الخاضعة لسلطانه، شريطة ألا يحملها من كان يسميهم بالمهرطقين· إن المواد الغذائية والمؤن هي العماد الرئيس للتجارة النجدية، حيث تشتري القبائل من أعماق الصحراء حاجاتها· وحيث أن سني المجاعة العجاف dearth كانت تتكرر كثيراً، فإن الأغنياء كانوا يدخرون ويخزنون Hoard up كميات كبيرة من الحنطة، حيث لم يتدخل سعود بشؤون هؤلاء إطلاقاً، وفي سني الشح بالمؤونة، كان يسمح لهم ببيع مخزونهم من حاجة الناس بالأسعار التي تناسبهم، مهما أدى ذلك من محنة distress للفقراء، ذلك أنه (أي سعود) كان يقول : إن (سيدنا) محمد (صلى الله عليه وسلم) لم يضع سقفاً محدداً للتجارة من الحصول على derive على الربح الذي يرونه، حتى ولو تساوى مع ثمن البضاعة نفسها ·

أما الربا الفاحش usury وإقراض النقود بفوائد (رغم أن ذلك غير شائع عند البدو) فقد كان محرّماً بشكل قاطع، ويخضع لعقوبات قاسية، كونه مغاير تماماً tenor لأحكام الشريعة الإسلامية· وإذا ما تم إقتراض المال، فإن الشروط العامة لمثل هذه الحالات، هي المشاطرة والمشاركة في الربح والخسارة، وأن يأخذ المقترض نصف المربح ·

ولا توجد عملة نقدية لدى الوهابيين خاصة بهم، حيث أن العملة المتداولة هو الدولار، كما أن المواد ذات الأثمان القليلة تقدّر عادة بمكيال الحنطة، أو يتم شراؤها بالعملة الفضية اليمنية الصادرة زمن الأمام· كما تؤخذ العملة الفنيسية (نسبة إلى فينيسيا في إيطاليا)، ولكنهم لا يتداولون العملة التركية إطلاقاً· وفي أثناء الحرب الأخيرة بين الأتراك والوهابيون، كان الوهابيون يقتلون الجندي التركي ويسلبونه ما لديه، وإذا ما عثروا لديهم (لدى الجنود) على نقود تركية ألقوها على الأرض بكل إحتقار ونقمة Indignation  
 

الباب الخامس 

مصادر الدخل الحكومي الوهابي

Revenues 

تم تأسيس مصادر الدخل الحكومي الوهابي على الخطة نفسها التي كانت متبعة ومطبقة Prevailed في زمن (الرسول) محمد (صلى الله عليه وسلم)، والتي تتألف من التالي (1) خمس الغنائم التي يحصلون عليها من الهراطقة : يتم تخصيص هذه النسبة جانباً للرئيس، سواء أكان هو أو أحد قادته مشاركين في الحملة Expedition· ويذهب قسم من هذا الخمس إلى الشيوخ البعيدين عن الموقع وتحويلها إليهم Remittance، بغض النظر عن كبير أو صغير النسبة التي يحصل واحدهم عليها· ولم يحاول سعود أخذ ما بأيدي الجنود من بقايا الغنائم وهي بقية الأربعة أخماس Four Fifths ·

وفي الشؤون العامة للحرب مع العربان (عندما لا يكون النهب من المدن)، فإن الغنيمة تتألف بشكل عام، من الخيول، والإبل، والأغنام، حيث يتم بيعها بالمزاد العلني لترسي على من يدفع الثمن الأعلى (bidder)، بعد المعركة مباشرة· ونجد أن الأموال التي تترتب على أثمان هذه الغنائم، توزع بين الجنود، وذلك حسب الأسهم، وعلى النحو التالي : المحارب الفارس ثلاث حصص واحدة له، وثنتان لمهرته كما يقول العرب· أما المحارب الجّمال (على الجمل) فله حصة واحدة واخرى لجمله ، وهو ماكان معمولا به منذ قبل مجيء سعود للحكم· أما محارب المشاة فله حصة واحدة· وإذا ما تمكن الوهابي من قتل عدو فارس، فإن فرس القتيل تصبح ملكاً للقاتل، وذلك كمكافأة وتعويض Recompense لشجاعته Valor· ولا حاجة هنا لتكرار القول أن محمد (زعيم ألوهابييه) يأخذ كامل خمس الغنائم ·

(2) الزكاة Alms, Tribute، وهي واحدة من الأركان المهمة في الإسلام وقد قام محمد بن سعود بترتيب وتحديد كميات الزكاة التي يترتب جبايتها والتي يطبقها المشرعون الوهابيون، كما أن مثل هذه الزكاة مفروضة من الأتراك أيضاً، ولكن الوصف والكمية التي يترتب عليها دفع الزكاة، متروكة لضمير صاحب المال - هذا لدى الأتراك· أما لدى الوهابيين فهم ملزمون بتسليم أموال الزكاة المجباة إلى زعيمهم· وقد بين الإسلام بدقة متناهية Minutely مقادير الزكاة التي يترتب دفعها عن الأموال والممتلكات، وهو الذي يطبقه الوهابيون بحذافيره، دونما تغيير Alteration ·

يتم دفع زكاة الخيول والأغنام، والإبل حسب نصوص وأحكام السنة، التي يمكن الإطلاع على تفاصيله في كتاب داهسون Dohhson - وهو كتاب ممتاز· أما سعود فقد قسّم الزكاة المأخوذة عن رعيته إلى قسمين : تلك التي تجبى من البدو وتذهب إلى خزينته الخاصة من جهة، وتلك التي يؤتى بها من أهل المدن والفلاحين فتذهب إلى بيت المال من جهة أخرى · تؤخذ الزكاة من الزراعات المروية بماء المطر، حيث يأخذ سعود عشر الناتج· أما زكاة المزروعات المروية بماء الآبار والينابيع، والتي تحتاج إلى مزيد من العمل والتكاليف، فيؤخذ جزء من عشرين منها· أما زكاة التجارة فهي 2.5% من رأس المال تدفع سنوياً، وعلى التجار أن يعلنوا المبالغ الحقيقية لرأس المال، وذلك تحت القسم أمام عامل الزكاة / الجابي Collector· وعلى أية حال، فمن المعروف أنهم لا يُفصحونَ إلا عن ربع ثروتهم الحقيقية· فمثلاً نجد تاجراً من خضيرا في مقاطعة القصيم قد تعرض للسرقة من مجهولين، وأعلن أنه فقد بهذه العملية ثلاثة آلاف دولار نقداً، وتقدم بطلب إلى سعود الذي بدوره أوعز إلى كاتب بيت المال للتحقق من قيمة المبلغ المسروق حقيقة· وبعد التثبُّت تبين أن القيمة الحقيقية المسروقة هي ألف دولار فقط· وحيث أنه إدعى كاذباً، وجانب الحقيقة فيما إدعاه، فإن سعود أمر بمصادرة فرس التاجر وإبله ·

إن جباية الزكاة أمر مزعج galling للعربان الذين يخضعون لسلطة سعود، ذلك أنهم كانوا قبل الوهابيين متحللين من دفع أية ضرائب من أي نوع· وقد حدث مراراً وتكراراً أن قامت القبائل النائية صقعاً بالتمرد ورفض دفع الزكاة، وطرد العاملين عليها collectors· من هنا، نجد أن إستثناء Exemption قبائل الحجاز من دفع الزكاة، قد حولهم إلى أقل عداوة حيال محمد علي باشا، مما كانوا عليه من قبل، ومما لو طالبهم بدفعها· فقد كان أول ما فعله محمد علي عندما وطئت قدماه أرض الحجاز، أن أعلن إعفاء العربان وأهل المدن من دفع الزكاة (1) ·

(3) إن الجزء الأكبر من الدخل المتأتي لزعيم الوهابيين، هو من جيوب رعاياه· فقد إتخذ قانوناً أنه عندما تثور مقاطعة أو مدينة ضد حكمه، فإنه ينهبهم Plunder في الثورة الأولى، ولكنهم إذا ما كرروا تمرّدهم أو ثورتهم هذه، فإنه ينهبهم، ويصادرهم ويصادر أموالهم لخزينة بيت المال· ثم يشرع رويداً رويداً، في فتح أجزاء من هذه المنهوبات على الغرباء، بينما يترك غالبية الممتلكات في أيدي مُلاكها الأصليين الثائرين الذين يتحولون إلى مجرد مزارعين، عنده، وهم ملزمون كذلك بدفع ثلث أو نصف منتجاتهم وبعد مصادرة ممتلكات زعماء الثائرين يتم منحها لغيرهم، بينما يلوذون بالفرار أو يلقوا حتفهم موتاً على يد سعود ورجاله ·

وحيث أن العربان لم يخضعوا أو يتبنوا النظام الوهابي، إلا بعد سلسلة من المقاومة، فإن مقاطعات كبيرة وكثيرة تمت مصادرتها لزعيم الوهابيين، وإذا ما أتيح له إحتلال الحجاز، فإنه سيصادر ممتلكات وأموال جميع الذين التحقوا بمحمد علي· وفي الوقت الحاضر 1816، فإن ملكية غالبية أراضي نجد تعود إلى بيت المال· أما القصيم المشهورة بثوراتها المتتابعة ضد زعيم الوهابيين، فإن أراضيهم كلها مصادرة لبيت المال، وكذلك شأن العديد من قرى الحجاز، والجبال المحاذية لليمن، وكلها أصبحت ملكاً لبيت المال ·

(4) الغرامات التي يتم تحصيلها من المخالفات Trespass التي يتم بها إنتهاك حرمة القانون against the law، كما إن جريمة العصيان disobedience لا يكفر عنها expiated إلا دفع غرامات مالية Pecuniary Fines· وبالإضافة إلى ذلك، فإن أياً من العربان إذا ما اتهم آخر بهتاناً، وثبتت براءة المفترى عليه فإن المفتري ملزم بدفع غرامة إلى بيت المال·وتودع الأموال من مصادر الدخل جميعها إلى بيت المال، ما عدا الزكاة المحصلة من البدو حيث تذهب إلى سعود كما سبق وذكرنا أعلاه ولكل قرية مهما كان حجمها بيت مال خاص بها، حيث يدفع إليه السكان ما يترتب عليهم من أموال·

ولكل بيت مال كاتباً خاصاً له يعينه زعيم الوهابيين مزوداً بتعليمات واضحة لمنع شيخ المنطقة من المشاركة في أية مكاسب غير شرعية Illicit gain من هذه الأموال، حيث لا يسمح لهؤلاء الشيوخ جمع أو عـدّ الأموال المدفوعة، ذلك أن هذه الأموال مخصصة Appropriated للخدمات العامة، مما يستوجب تقسيمها إلى أربعة أقسام، ربع يرسل إلى الخزينة العامة في الدرعية، وربع مخصص لمعونة المعوزين من الفقراء Paupers من ذوي المسغبة ( الجوعى ) كل في المنطقة ذات الاختصاص، وربع يدفع للعلماء والفقهاء الذين يرشدون القضاة والأطفال، وشطر من المال لإقامة وصيانة المساجد، وحفر الآبار العامة ··· الخ ·

ويدفع نصف المال للجنود الفقراء Indigent Soldiers، الذين يتزودون بالمؤونة عندما ينطلقون في حملة Expedition، أو في حالات الضرورة، ومعهم جمالهم، وقسم يدفع على نفقات الضيافة· أما المبالغ المخصصة للضيافة فتدفع نقداً إلى أيدي الشيوخ الذين يخصص كل منهم مضافة عامة Public house، يأوي إليها الغرباء الذين يجدون حسن الوفادة وكرم الضيافة والطعام المجاني· وبذلك تفهم لماذا تشارك المجموعة برمتها من خلال ما يدفعون لبيت المال، بهذه النفقات· ونريد أن نضرب مثالاً حياً على ذلك في إبن علي شيخ شمّر (1816) في جبل شمر، الذي يحصل في كل عام من بيت المال في مقاطعته على المواد التالية : حمل مائتي جمل من الحنطة، وحمل مائتي جمل من التمر، وألف دولار إسباني يشتري بها اللحم والسمن، والقهوة، حيث تنفق كلها في إكرام وضيافة الآخرين، بما يعادل يومياً من 200 - 300 شخص، من جميع الأطياف of all description حيث يتم استقبالهم وإطعامهم وإيواؤهم ·

وأما بيت المال الرئيس في الدرعية، فيجري تخصيص مبالغ منه لمساعدة أتباع سعود المخلصين الذين خضعوا لمصادرة أموالهم من الأعداء· وبناء عليه، فإن الدرعية مليئة دائماً بالعربان الذين يقدمون التماسات لتعويضهم Restitution جزءاً ولو يسيراً من ممتلكاتهم المنهوبة أو المفقودة· وإذا ما عرف سعود أن الملتمس للمساعدة مخلصاً وهابياً، فإنه يدفع إليه ثلث ما فقده - كما يتم دفع مبالغ للعربان الذين فقدوا قطعان مواشيهم بسبب الأمراض أو الحوادث· وإذا ما فقدها أثناء حملة عسكرية وحدث أن قتل أو مات مهر أو جمل (ذلول) الجندي المقاتل أثناء الغزو وعاد هو سالما , يتم تعويضه مهرة بدل مُهرِهِ، وجملاً بدل جمله لمثل هذا الجندي المنكوب وإذا عاد الجندي دونما غنيمة، فإن العربان يدفعون هذه الخسائر·

وبالإضافة إلى ما يتلقاه شيوخ القبائل والبلدات والقرى من بيت المال للإنفاق على الضيافة، فإن شيوخ البدو يتلقون هدايا سنوية من الدرعية تدفع إليهم من بيت المال أيضاً، وذلك كعلامة على حسن النية من سعود· وتتباين هذه العطايا Donations من خمسين إلى ثلاثمائة دولار، حيث تمنح تقليداً لما كان يقوم به والده محمد· أما من يقوم بجمع الزكاة فيُسمون نوّاب، مُزكَّـى، أو عامل، حيث يتم إرسالهم كل عام من الدرعية وتعطى لهم بعض المصروفات لتغطية نفقاتهم ورحلتهم· وهكذا فإن كل عامل من عمال الزكاة، يرسل من الدرعية إلى مضارب البدو في الصحراء السورية يُعطى خمسة وسبعين دولاراً لقاء عمله، وكما ذكرت أعلاه، فإن شيوخ العشائر غير مسموح لهم بالتدخل في شؤون الزكاة ·

وعندما يذهب العامل / الجابي ليجمع الزكاة من الناس فإنه يتم توظيف أفراد من العربان المعنيين للتدوين خطياً بقيمة الزكاة المدفوعة، وآخرين لجمع هذه المبالغ، ليقوموا بدورهم بتسليمها للعامل وبذلك يتم تجنب الإختلاس، لأنه يتوجب تطابق الأرقام مع المراحل، فكان الأمر يمر بثلاث مراحل متتابعة، كل منها منفصلة عن الأخرى، ومتصلة بها في آن واحد، ثم يقوم العامل بإعطاء وصولات قبض واستلام Receipt للمقاطعة أو القبيلة التي دفعت المبالغ المجباة ·

ويدفع سعود نفقاته ونفقات اسرته ومنازلهم ونفقات حراسه - وأقول يدفعها من الخزينة الخاصة· ولاشك، بل ولا يمكن النكران أن زعيم الوهابيين برهن على طمعه وجشعه Avidity العظيمين في تعامله مع رعيته، ذلك أن دخله أكثر مما ينبغي، وأكثر من المطلوب لتحمل النفقات Defray العامة، والتي لا تساوي شيئاً not considerable مع تكاليف جيشه· ويشكو العربان، أن الرجل إذا ما وقعت عليه غرامة، وهو يمتلك مهرة، فإن سعود لا تعوزه الحيلة والوسيلة لإيجاد عقوبة ومسؤولية charge على سوء سلوك misconduct، ليحقق في النهاية هدفه في مصادرة هذه المهرة من هذا الرجل المنكود الطالع· ولاشك أن ما جمعه سعود من ثروة هائلة زادته طمعاً وجشعاً لجمع المزيد لحبه المال حباً جماً· ويصرّح العربان علناً أنه منذ سيطر سعود على الأمام حسين (إمام اليمن)، وحصوله من الأخير على غنائم وافرة، ومنذ أن نهب البلدات اليمنية، فإن طبيعـة سعـود قد بدأت تعانـي من مـزيد من الطمـع والجـشع Vagarious ·هذا ما يقوله العربان، أما أنا (المؤلف بيركهارت ) فلم أسمع، ولو عن حالة واحدة، من حرمان شخص عربي وضيع أو مسكين Meanest من ثروته، أو مصادرتها منه إلا بطريقة مشروعة Legal cause·

لقد أدى جشع سعـود إلى نفور alienated الشيوخ من اهتماماته، قبل وقت طويل من شروع محمد علي بحملاته على الحجاز· ولو أن سعود تصرف في حينها (قبل حملة محمد علي) بحصافة وتعقل مثلما تصرف الباشا، في توزيع الأموال بين الشيوخ، فإنه كان يستحيل على محمد علي أن يكسب موطئ قدم ثابت على تراب تلك المنطقة ·ولا ينكر سعود أنه مذنب بعدم العدالة وانه مارس الجور guilty of injustice في معاقبة المذنبين أو الجناة بقسوة بالغة in punishing culprits severely، وقد كانوا يسمعونه يردد باستمرار، أنه لولا الأعمال الشريرة التي صدرت عنه وعن أصدقائه، فإن مذهبه الوهابي كان يمكن أن يصل القاهرة واستانبول، ويغزو محمد علي باشا والأتراك في عقر دارهم، بدل أن يغزوه هو في عقر داره في جزيرة العرب ·

هناك العديد من المبالغات المتعلقة بموارد الدخل الوهابية· فقد أخبرني بعض المكيين الذين أتيح لهم أن يكونوا من المقربين إلى سعود وأسرته، وأتيحت لهم الفرص لمعرفة الحقيقة التي لا يوجد مبرر لإخفائها، أقول أخبروني أن أعلى مبلغ تلقاه سعود لجيبه الخاص ever received into his own أو إلى بيت المال في الدرعية في سنة واحدة، كان مليونا دولار (2 مليون دولار)، وأنه في السنوات العادية وبشكل عام in general لم يتجاوز مليون دولار في العام الواحد· ومثل هذا لا يشمل المبالغ الموجودة في خزائن البلدات والمقاطعات، والتي عادة ما يتم إنفاقها هناك دون أن يبقي أية مبالغ عند نهاية العام ·

أما نفقاته الخاصة فهي متواضعة، ويفترض أن يكون سعود غنياً جداً Extremely rich in cash من حيث توفر السيولة النقدّية لديه في القصر بالدرعية، حيث إحتفظ بثروته هناك بشكل سري· وعلى أية حال، فإنه وبدون توفر هذه الثروة في حوزته، فإنه ووالده من قبله لم يكن بمستطاعهم إخضاع Subjugate العربان الأحرار بطبعهم إلى سلطتهم وطاعتهم· لقد كان زعماء الوهابيين يتركون العربان يمارسون حريتهم الفردية Individual liberty، بل ولا يستطيع هؤلاء الزعماء التجرؤ Presumed على هذه الحرية الشخصية، ذلك أن العربي بطبعه لا يمكن أن يخضع إلا لله Absolute master، وقد يخضع بشكل جزئي لقوة إحتلال أجنبية Foreign invader، والذي (أي المحتل) قد يكون قادراً على إحتلال البلاد بسرعة، لكنه لن يكون قادراً على وضع العرب في الأغلال الدائمة Lasting Chains ·

أما الآن ( 1817 ) فإن طاعتهم تأتي لأحكام الشريعة، أكثر منها لأوامر سعود is rather to the law than to Saod والذي هو في حقيقة الأمر ليس إلا شيخاً هاماً great sheikh وليس السيد المطاع في جزيرة العرب· ومهما وكيفما كرهوا طريقة جمع الزكاة، فإنهم يعلمون أن الشطر الأكبر منها سيتم إنفاقه لأهداف تتعلق بمصالحهم وإهتماماتهم، وهو عزاء consolation لا يتمتع بها الأتراك، حيث أن الزكاة هناك لا تُنفق في مصالح الفقراء والمساكين  Peasants





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع