تعتبر امراض القلوب أشد خطراً وأعظم ضرراً من أمراض الأبدان، وعلاجها عسير والشفاء منها عزيز، ومن الأمراض الفتاكة المقيتة الحسد الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
وهو كراهة النعمة عند الغير وتمني زوالها من الغير لتعود إليه.مثل ان يتمنى إن كان مريضاُ أن يكون الجميع مرضى، وإن كان فقيراً أن يكون الجميع فقراء، وإن كان جاهلاً أن يكون الجميع أجهل منة ، وهكذا؛ وهذا النوع الأخير هو ألاسوأ.
قوله تعالى: \"أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله\".
وقوله: \"حسداً من عند أنفسهم .
أن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال :( لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً).
وقال صلى الله عليه وسلم: الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
نعلم أنه عندما يكون هناك سعى حثيث لإحراز القوة و السيطرة فإنه يكون هناك قدر من الحسد أيضاً . ذلك إن الفجوة بين الفرد و بين هدفه الذى لا يستطيع الوصول إليه لقصور في قدراتة ومعارفة ومميزاتة يتم التعبير عنها فى صورة عقدة نقص , وهذه العقدة تسبب للفرد الكثير من الكبت و القمع , وتؤثر على سلوكه العام سلباً و موقفه من الحياة , وهذا الموقف هو الذى يعطينا الانطباع أنه أبعد ما يكون عن هدفه , وانطباعنا هذا يتأكد من خلال ملاحظة تقدير الفرد لنفسه , وعدم اقتناعه بحياته و عدم رضاه عنها , فهو يمضى وقته فى النظر إلى الآخرين وإلى حجم نجاحهم و إنجازاتهم , وهو يشغل نفسه بالتفكير فيما يظنه الأخرون به , فهو ضحية شعوره بالإهمال , وبأن الآخرين يتحيزون ضده , رغم أن هذا الفرد فى الواقع قد يكون أسعد حظاَ من غيره اما من فرصة اوتركة اهل اجتماعية او مادية .
أن الشعور بالحسد يتزايد كرد فعل لاستمرار الفرد فى المقارنة بين إنجازاته و أنجازات الآخرين وهزائمة مع نفسة في عجزة عن الوصول الى مرتبة الكفاءة والتميز , وهذا لا يساعد الفرد على أن يكون سعيداً , لكن عندما تجرى الحياة بهدوء و سلاسة , فإن الحسد قد لا يكون ظاهراً بوضوح , ولكن عندما يكون الناس فى ألم أو احتياجات البشر الضرورية عندما يفقدون الأمل فى المستقبل و يرون أنه لا يوجد مخرج من هذا الوضع التعيس القاصر عن تحقيق هوى النفس , فإن الحسد يبدأ فى الظهور .
لا يمكن لآى شخص حسود طوال حياته أن يكون عضواً نافعاً فى المجتمع فإن الحسود مهتم فقط بإن يأخذ الأشياء من الاخرين و يحرمهم منها , لانه يشعر بانه عندما يحرمهم منها يحط من قدرهم , وفى الوقت نفسه فإنه يميل إلى خلق الأعذار لفشله فى الوصول إلى هدفه عن طريق أن يلقى باللوم على الآخرين, فإن الحسد يقود صاحبه لأن يتشفى و يبتهج بمصائب الآخرين .
تعتبر القاعدة العامة في أسباب الحسد هي قلة التقوى، فإن العبد التقي يعلمُ أن حسده لأخيه المسلم من المحرمات فيكفّ نفسه عن الحسد، ولو وجد شيئًا من الضيق في صدره فإنه لا يضره ذلك، طالما أنه يجاهد نفسه في دفع حسده عن الناس،
أن الحسد نوع من الظلم، بل هو ظلم بالغ شديد، فإن الحسد ظلم للنفس وظلم للمحسود بإدخال الضرر عليه، بل إن الحسد نقص في الإيمان كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، ومن المعلوم أن الحاسد يبغض حصول النعمة أصلاً لأخيه، فإذا عرف العبد أن الحسد نوع من الظلم، ابتعد عنه، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة).
الحسد يترك عداوة، وبغضاء، وفساد لذات البين، ويقود الى أسوأ مصير؛ والحسد المقرون بالبغي لا يصدر من فطرة سوية، ولا نفس أبية، ولكن مصدره النفوس المريضة، ، والقلوب الحقودة الخاوية من نور الإيمان واليقين ولو تسللت الى المنابر وحلقات الارشاد والاحسان الظاهري الذي يختبيء وراءة اشكال الحقد والحسد .
لنعلم أن الدنيا ادنى من أن يحسد ويعادى الانسان على شيء من حطامها الفاني، فرسولنا الكريم يقول: \"لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة ماء\"، فاعمل للباقية ولا تلهث خلف الفانية، فتبيع آخرتك بدنياك .
الكاتب علي يوسف المومني aliyos6@yahoo.com