تذكر أن نهر الأردن مقدسٌ، وأن حدود الأردن تمتد لتشمل الضفة الغربية للنهر ، وصار الأردنيون هم من سكنوا غرب النهر وشرقه ...!!!! عجيب هذا القول ألا تتفقون معي؟
قبل أن أقول أي كلمة ، أود أن ألعن وعلى الملأ كلاً من سايكس ودولته العجوز وبيكو وفرنسا عدوة الشرق، كما أقول لعنة الله على تلك الاتفاقية وما جرته علينا من تجزأة للوطن والهوية.
بدون أدنى شك ، الوحدة العربية ومن ضمن ذلك وحدتنا مع أهلنا في فلسطين كلها وليست الضفة الغربية فقط أولوية نريدها اليوم قبل غد ، ونريدها وحدة غير مشوهة ، لتتكافأ الفرص بين الأهل ، وليكون ابن عجلون من سكان القدس وابن القدس يرحل إلى عجلون دون بطاقة خضراء أو صفراء أو ملونة.
وحينما نتحدث عن نهر الأردن \"المقدس\" نعرف أنه ليس بعمق يقضي بالتجزأة ولا بعرض يثبت الانفصال ، فالأمة واحدة ، والهدف واحد والألم هو نفس الألم نتجرعه فلسطينيون وأردنيون وعرب من المحيط إلى الخليج.
لكن، أن يستغل \"ابن منظمة التحرير\" سابقاً ورأس المؤسسة التشريعية الأردنية لاحقاً مناسبة استقلال الأردن وتحرره من قهر الدولة العجوز ليعلن حدود الأردن بضفتي النهر ، فهذا خطاب لا ينبغي له لأسباب كثيرة أورد منها:
أولاً : طاهر المصري ليس بالمكانة التي تجعله يحدد للأردن حدوده ليلغي الوجود الفلسطيني هوية وشعباً وقضية.
ثانياً: الوحدة العربية لها أسبابها ومحفزاتها ، وإلغاء الهوية الفلسطينية لا يخدم تلك الوحدة مطلقاً، بل هو بيع صريح للهوية وتنازل عنها لجهات يعلمها القاصي والداني ويعلمها دولة طاهر المصري نفسه.
ثالثاً: جاء قرار فك الارتباط القانوني ولنضع مليون خط تحت الارتباط القانوني، وهذا يعني أن فك الارتباط القانوني من شأنه أن يبقي على هوية الشعب الفلسطيني وبالتالي عدم التنازل عن حقه في وطنه وعودته، جاء هذا القرار من أعلى مصادر صنع القرار ومن الرجل الذ رأى أن هذه الخطوة هي الأنسب لمنع سيناريو إسرائيل المتعلق بترحيل الفلسطينيين، وإقامة كيان لهم على أرض الأردن أو غير الأردن. وبكل وضوح وصراحة ، هنا نجد تطاولاً على القصر وإرباكاً للخطاب الرسمي الأردني الذي هو من حق الملك ، والسلطة التنفيذية ، لكنه ليس من حق شخص واحد لا يمثل إلا نفسه في السلطة التشريعية.
رابعاً: الخطاب ليس قومياً ولا هو وطني بحدود المواطنة، ولمن أحسنوا الظن نقول: الخطاب ليس سوى بنداً في أجندة خفية لتحريك عجلة الوطن البديل ، وكانت الطعنة الكبرى أنه قيل في يوم استقلال الأردن ، فكان طعنة للأردنيين في استقلالهم وللفلسطينيين بالتنازل عن هويتهم ، فهل نستطيع بعد ذلك اتخاذ العذر لدولة طاهر المصري؟ لا أظن ذلك ، فالرجل لم يعرف قومياً من قبل ، والخطاب القومي يشمل وطننا من المحيط إلى الخليج وليس الأردن وفلسطين فقط.
خامساً: هل يقر طاهر المصري بحق إسرائيل في احتلال منطقة الثماني وأربعين \"48\"؟ وهل يستطيع دولته أن يعطي صك غفران لخطايا إسرائيل التي مسحت أكثر من أربعمئة (400) قرية فلسطينية عن الوجود وقتلت عشرات الآلاف من الفلسطينيين في مذابح جماعية وغيرت ملامح المدن العربية في يافا وحيفا وعكا ؟ وهل يقبل أن يكون مفاعل ديمونة النووي مصدر خطر على المنطقة بأسرها بينما شقيقته سورية تئن تحت وطأة التهديد والعراق قد أنهكته الحرب ، ومنابع النفط محتلة ومستغلة بكاملها \"وبلا ما نضحك على بعض ونقول تحت سيادتنا\" ؟
يا للعجب يتحدث بمنطق القوميين العرب ، غير أنه اختزل القومية والوحدة العربية في حدود الأردن التي ضمت الضفة الغربية حسب تصريحاته!!
لو طالب المصري بحقوق اللاجئين بالعودة لصفقت له \"ولكنت حبيته بين عيونه\" ، ولو طالب المصري بتحقيق العدل والمساواة لابناء المخيمات في الوطن العربي ، لكنت أول من يبايعه قومياً عربياً وحقوقياً فلسطينياً ، ولو أراد دولة طاهر المصري محاصصة وفق أصولها \"لمرقناها\" له ، لكنه حقيقة وفي خطابه المسموم قتل معنى الوحدة العربية ، واختزل مفهوم القومية العربية، ثم غرس إسفيناً في قلب الوفاق الأردني الفلسطيني الشعبي ، وجاء ليكرس الانقسام ويصب البنزين على النار، ثم ماذا ؟ هاهو يحتل منصب رئيس مجلس الأعيان ... أعتذر لكم يا سادة ، فمثل هذا المنصب يحتله من يعرف ويعي مصلحة الأردن ومصلحة فلسطين ، ومن هو أهل ليتحدث عن مفهوم القومية العربية دون اختزال وتشويه للفكروالمنهج والعقيدة القومية، وهذا المنصب لمن يعي مفهوم الاستقلال وتشربت نفسه كبرياء السيادة.
فلسطين والأردن والعراق وسورية وجميع الوطن جزء من معادلة النهج القومي، والحديث عن وحدة مجزوءة هي حالة تشويه لا نرتضيها ... فليتوقف المهاترون عن لغط القول فالوطن فوق الجميع ومن يرد به سوءاً سيجد من يرد إليه صوابه دون خوف أو وجل .. فهذا أردننا، لا تقبل المزايدة عليه من أي طرف ، وفلسطين عربية إسلامية لا نقبل التنازل عنها أو حتى عن شبر فيها ...
العودة حق والحق لا تلغيه الخطابات ولا يموت ويسقط بتقادم الزمن ، ففلسطين ليست قضية أمام محكمة قاضيها جائر مداهن ، إنما هي قضية تاريخية ، والتاريخ لا يسقط الحقوق حتى وإن طال الزمن ... لأنها حقوق ، فمن كان يؤمن بقوميتنا وإسلامنا وقضيتنا فليقل ما فيه خيرها أو ......
salaheddin1@yahoo.com