تعالت في الاوانه الاخيره العديد من الاصوات من داخل الاردن وخارجه الداعية والمشجعه لقيام وحدة بين الضفتين على اساس انها وحسب اعتقاد هؤلاء المصفقين والداعمين للوحدة تصب في مصلحة الاردن والقضية الفلسطينية معا وخاصة بعد فشل جميع المفاوضات المباشرة والغير مباشرة بين اسرائيل والسلطه الفلسطينية من اجل تحقيق السلام العادل والشامل والذي يعيد الحقوق الى اصحابها وبالنتيجه قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف , وللاسف قد تصدر وتنادى لهذا الموقف شخصيات اردنية من العيار الثقيل وسواء تم طرح الموضوع بطريقه مباشره لا تقبل التأويل والتفسير او طرح بطريقه غير مباشره ولكن يستطيع اي شخص فهم الرسالة حتى لو كان الطرح في السياق التاريخي للحديث , ويعتبر البيان الذي اصدره دولة السيد احمد عبيدات والذي صدر بعد صدور بيان المتقاعدين العسكريين وقد تنادت العديد من الشخصيات السياسية والاقتصادية وبعض الكتاب الصحفيين وغيرهم من فئات الشعب الاردني بالتوقيع عليه اي الموافقه المطلقه على جميع ما ورد فيه من طروحات وافكار اول من اشار الى هذا الخيار واستند دولته الى الفصل السابع من الميثاق الوطني الذي صدر في عام 1991 والذي يتحدث عن مستقبل العلاقه الاردنية الفلسطينية والذي كان دولته يرأس تلك اللجنه التي صاغت البيان حيث ورد في هذا الفصل السابع انه لا اختلاف بين الهوية الاردنية والفلسطينية وانا الوحدة بينهما حتمية وهنا اضع خطين تحت كلمة حتمية اي لا مفر منها ولا خيار لدينا غيرها في المستقبل ولكن قد غاب عن ذهن دولته ان بعد صدور الميثاق الوطني والذي يتحدث عن تنظيم العلاقه الاردنية الفلسطينية قام الفلسطينيون منفردين وبدون علم الاردن والعرب بالتوقيع على اتفاقية اوسلو والتي بموجبها تم انشاء السلطه الفلسطينية لتكونة مسؤولة عن الضفة الغربية وهي سلطة شرعية معترف بها عربيا ودوليا ولها رئيس منتخب وحكومة تستطيع تسيير امور الحكم ولو انها سلطه غير مكتمله لعدم وجود دولة ولا حدود وليس لديها السيادة على اراضيها وحدودها ولكن مع ذلك تعتبر الممثل الرسمي عن الشعب الفلسطيني , وبعد هذا البيان خرجت علينا العديد من المقالات الصحفية من كتاب ذوي اتجاهات معروفه تطرح نفس الخيار .
ان الكلام عن الوحدة بين الضفتين في هذا الوقت بالذات غير مبرر نهائيا تحت اي مسمى او عنوان او من اي شخص كان داخل الاردن مهما علت مرتبته او مهما كان موقعه فالوطن اكبر منا جميعا ولا يجب علينا ان نستغل اجواء الحرية والديمقراطية بالاساءة للوطن والشعب فالاساءه هنا خطيئة لا تغتفر .
الا يعرف منظري الوحدة انها مطلب اسرائيلي بحت وقد راينا ماذا كانت ردة فعل الصحف الاسرائيلية على الخطاب الذي القاه دولة طاهر المصري في حفل الاستقبال في ذكرى الاستقلال مع العلم بان في هكذا مناسبة لا يجب التطرق لا من قريب او بعيد عن موضوع الوحدة حتى لو كان ذلك في سياقها التاريخي لان المناسبة لا تحتمل الا الحديث عن الوطن الكبير الاردن ومنجزاته وتطلعاته المستقبلية .
لا ادري من منح البعض الحق في الكلام باسم شعب باكمله وهل هذا الشعب يعاني من انفصام او مرض نفسي حتى يبادر بعض الاشخاص بالحديث بالنيابه عنه وكأنه قد منح وكالة عامه بقضاياه وفي تقرير مصيره وخاصة في موضوع خطير وحساس كهذا والغريب ان هناك بعض الاشخاص يردد مقولة ان الوحدة حتمية وضرورية بين الضفتين وهي تصب في مصلحة الطرفين الاردني والفلسطيني وهنا اتوقف لاستطيع تحليل هذه العبارة ومحاولة فهمها لانها تحتاج الى عقل كعقل انشتاين ليستطيع تحليل مضمونها بابسط الصور وجعلها سهلة الفهم فكيف بالله عليكم انها مصلحة اردنية قد تكون كذلك عندما تحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في الدول العريبة على حسابنا بسبب هذه الوحدة وعندما يصبح الاردن الوطن البديل وبشكل رسمي وعندما تصبح الهوية الاردنية في مهب الريح وعندما يتم تصفية القضية الفلسطينية على حساب الاردن وبالتالي ترحيل جميع مشاكل الاخرين الينا وعندما تنجح اسرائيل في تنفيذ خططها المرسومة بعناية وبالتالي ازاحة حمل ثقيل جدا عن كاهلها والشعور بالامن والطمأنينه لشعبها لوجود قوات اردنية بالضفة الغربية على حساب امننا وراحة شعبنا وعندما ينجح المطالبون بالوحدة بتنفيذ اجنداتهم الخاصه والحصول على المكاسب لهم ولابنائهم , اظن ان في هذه الحالة نعم الوحدة ضرورية بالنسبة للداعمين اليها وللمشروع الامريكي الصهيوني .
وللاسف اقولها بمراره كبيرة ان الاصوات التي تخرج علينا بين الفينة والاخرى هنا في الاردن والتي تدعوا وتطالب بالتجنيس وبالغاء قرار فك الارتباط الاداري والقانوني مع الضفة الغربية الذي صدر عام 1988 والذي اصبح واقعا سياسيا وتطالب بالمحاصصه السياسية على اساس الكثافة السكانية هي اكثر الاصوات الداعمه والمؤيده لخيار الوحدة تحت شعار القومية العربية والتضامن العربي حيث ان في ظاهرها البراءه ولكن في باطنها الخبث الدفين .
اقول لهؤلاء المزمرين والمطبلين والمصفقين لخيار الوحدة كفى هذا الصلف والوقاحه في الطرح لان في مثل هذه الامور يجب ان يقول الشعب كلمته وليس مجموعه قليلة من الاشخاص الذين يعتقدون انهم يمثلون الكل ويستطيعوا الحديث باسمنا , يجب على الحكومة ان لا تبقى متفرجه وكأن لا شأن لها بما يجري وعليها ان تضع النقاط على الحروف وان تضع حدا لهذه المهزله المثيرة للسخرية وان تقوم بواجباتها السياسية تجاه الشعب الاردني الشريف بما يحقق مصالحه ومصلحة الاردن العليا ومستقبل اجيالنا القادمه بعيد عن الشعارات والخطابات الرنانه التي لم يأتي منها غير الهزيمه والانكسار.