ها هو العرس الإنتخابي الأردني على الأبواب، وبالنسبة لي ليس عرساً بمدلول الفرح إنما عرساً بمدلول " التجريص" !!
إن اكثر ما يبعث على التشاؤم هو ضعف وعي المواطن الأردني بحجم الأمانة الهائلة التي تقع على كاهله، فالصوت أمانه محاسبون عليها أمام الله وأمام هذا الوطن الذي يستحق منا أن نختار له الأفضل و الأقدر على رفع راية الاصلاح لا أن نثقله بمزيد من الفساد والفاسدين، فأردننا يستحق منا أكثر من ذلك.
إن حاولت أخي المواطن الجلوس بحلقة نقاش مفتوحه مع عدد كبير من نوابنا السابقين فأنا أجزم أنك ستخرج مذهولا مصدوما من وهانة مستواهم الفكري و رداءة تفكيرهم و ضعف ايمانهم، و أتحدى ان يتواجد 10% في مجلس النواب دخلوه للاصلاح والتغيير!! إن مفهوم الإصلاح والتغيير بالنسبة لنوابنا يتمثل بتغيير منزله وسيارته و إصلاح مصدر دخله وزيادة وجاهته!!
أخي المواطن، أي مجلس نواب هذا الذي ما إن تعطف جلالة القائد الأعلى بحله حتى تنفس المواطنون الصعداء وعاد الدم ليجري في عروقهم. أي مجلس هذا الذي عوضاً عن تحقيق حاجات الناخبين و تحسين ظروف حياتهم قام بخنقهم ونزع كل أمل في أعينهم و قلوبهم. أي مجلس هذا الذي وصل تقاعسه حداً لم يشهده الأردن من قبل!! فسلمت يمناك سيدي بحلِّكَ هذه الزمرة من العابثين بثقة المواطنين وثقتك.
ألم يأن أوان التغيير و إعادة التفكير في المسلك الصحيح للإنتخابات النيابية؟ إن لم نستفق مع هذه الفرصة الذهبية فمتى إذن!
فلننتهز هذه الفرصة لإلقاء الضوء على المعالم الأساسية لعملية إنتخابية صحية وديمقراطية ملخصة بنقاط كوني أراه أسلوباً أسهل للسرد وأقرب للوضوح:
ان الله يدعوكم الَّا تفضلوا احدا على الآخر على اساس لون أو جنس أو دين أو أصل، كلنا سواسية ولا وجه للمفاضلة بيننا الا بالتقوى، و التقوى علم وأمانة واخلاص ووعي وعمل جاد ومثمر لا عشيرة وجاه ومال وقمع. وهذه دعوة صريحة من الخالق عز و جل لنترفع عن كل هذه الصغائر ولنقيم الناس بأعمالهم.
أما آن لنا أن نترك العصبية القبلية الجاهلية؟ نحن في عصر الوعي وانتشار العلم والثقافة، أنستمر في التفكير كما لو كنا في العصر الجاهلي؟ أيصعب علينا ان نختار الانسان المناسب للمكان المناسب بغض النظر عن لونه وأصله وعشيرتة وحالته المادية؟ ايضيرنا ان يضم مجلس نوابنا نخبة النخبة من المثقفين العالمين بأحوال المواطنين المتفانين لخدمتهم؟
آلمتني عبارة سمعتها منذ أيام من أحد الزاعمين للترشح للدورة المقبلة بطريق الصدفة وكانت من ضمن النقاش مع احد داعميه للوصول لأكبر عدد ممكن من العشائر و الاشخاص لحصد عدد كاف من الأصوات. كانت العباره " هظول لا تحمل همهم بنشتريهم بسدر منسف"!!!!! هل أصبح المواطن الأردني رخيصا لدرجة أن يشترى بحفنة أرز!! وهل يصلح شخص يتفوه بمثل هذا الكلام الدنيء ممثلا لنا في مجلس النواب!!! مع العلم أنه نائب لأربع دورات متتالية.
و أسفاه على انسانيةٍ ذبحت و على عقولٍ استُبيحَت وعلى جباهٍ أبيَّة مرِّغت فالتراب.
أخي المواطن، أختي المواطنة: ما هو تعريف النائب يا ترى؟ النائب هو من ينوب عن المواطن في حمل أعباءه وهمومة وايصال صوتة الى المسؤولين لضمان حقوقة وأن ينوب عنه بالدفاع عن متطلباته وإيقاف الفساد والفاسدين وتسليط الضوء على تجاوزاتهم الصارخة للقانون. ولكن للأسف أصبح نائبنا نائبةً ومصيبة حلت علينا وعلى مواردنا وكأننا بحاجة لمزيد من التضييق، فالنائب أصبح يقف مع مرتكبي الأخطاء من المسؤولين ضد الشعب والنائب هنا خان الأمانة و ثقة الشعب الذي أعطاه صوته و أوصله لقبة مجلس الأمة.
نحن في بلد وفَّر لنا حرية إبداء الرأي وضمن لنا حقنا في الإنتخاب على أسس ديمقراطية واضحة و أمَّن لنا كافة السبل التي تسهل وصول صوتنا و قضاء أمورنا، فحري بنا أن نستغل هذه النعمه على أحسن وجه و أن نتخير ممثلينا ليعكسوا صورة المواطن الأردني الواعي و المثقف و ليكونوا صوتَ حقٍ و يد خير تبني وتنهض بالأردن الى أرقى المراتب.
أخي المواطن، أختي المواطنة: لا تجعلوا من أنفسكم سلعة رخيصة بيد عديمي الوطنية و الانتماء ولا تساهموا بإجهاض حلم الكثيرين بمجلس نيابي حر عامل معطاء يتسم بالأمانة و الإجتهاد والحرص على المواطن.
كم أتمنى لو أن العرس الإنتخابي الأردني يرتقي لدرجة يقيِّم فيها كل مرشح نفسه و يضع أجندة واضحة للمهام المنوطة به ليأخذ على عاتقة عددا من القضايا الكبرى التي تهم الوطن والمواطن لدراستها وتحليلها وطرح المناسب من الحلول القابلة للتطبيق.
و كم أتمنى أن يجاهد نوابنا بلسانهم لنصرة قضايا المواطنين الضعفاء ولحل المشاكل المتكررة بصدق، وكم أتمنى أن نحظى بنوابٍ آخر همهم الدنيا والكسب المادي و كم أتمنى أن نحظى بممثلين لنا لا يرونا سلعاً تشترى وتباع بأبخس الأثمان.
والله من وراء القصد.
بقلم م. ذكرى الدويري