زيارة ناجحة لوفد حركة فتح للعربية السعودية ضمت ثلاثاً من أعضاء اللجنة المركزية وفي طليعتهم مفوض العلاقات العربية عباس زكي إضافة إلى أمين سر المجلس الثوري أمين مقبول .
نجاح زيارة وفد حركة فتح للعربية السعودية ، يعود إلى عدة أسباب أولها إنه أول وفد حزبي من حركة فتح يزور السعودية بدعوة رسمية منذ الإجتياح العراقي للكويت في بداية التسعينيات ، و ثانيها إن الوفد إستقبل في منزل وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بصفته مسؤولاً عن علاقات العربية السعودية مع دول العالم ومسؤول ملف القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ، وكان إستقباله للوفد في منزله لأكثر من ساعة بمثابة رسالة لوفد حركة فتح حين ابلغهم إنه يستقبلهم بناء على تعليمات خادم الحرمين ،وتعبيراً عن دفء العلاقات السعودية الفلسطينية وثالثها تم إنزالهم في قصر المؤتمرات المخصص لرؤساء الدول أو على الأقل رؤساء الوزراء الضيوف الرسميون على المملكة .
الرئيس محمود عباس يزور الرياض دائماً ، ويحرص على العلاقات السعودية الفلسطينية حرصه على علاقات فلسطين مع كل من مصر والاردن فالعواصم الثلاثة ضمن أولوياته ، ولهذا يحرص على زيارة السعودية بمعدل مرة كل شهر ، وقد سجل أنه زار العربية السعودية 26 مرة منذ أن تولى سلطاته الدستورية عام 2005 ، ومع ذلك سهل وأثنى على زيارة وفد من حركته بعد نجاح مؤتمرها السادس وإنتخاب قيادة فتحاوية جديدة لها .
زيارة وفد حركة فتح مهمة ، سواء كانت في السلطة أو إنتقلت للمعارضة كما حصل بعد الإنتخابات التشريعية عام 2006 ، أو كانت شريكاً كما حصل في أعقاب إتفاق مكة 2007، فالحركة ، بإعتبارها الفصيل الأكبر والأكثر أهمية بين صفوف الشعب الفلسطيني وتقع في قلب قيادته ، بحاجة لتطوير علاقاتها مع مختلف الأطراف العربية ، دول وحكومات وأحزاب ومؤسسات مجتمع مدني ، ويجب على مفوض العلاقات العربية وأركان مكتبة التفرغ للعمل على تصويب وتطوير علاقات حركة فتح مع العالم العربي ، لا ان يلتهي أو يهتم بقضايا أخرى داخلية أو دولية خارج العالم العربي ، لأن ذلك النشاط سيكون بالنتيجة على حساب علاقات حركته مع الأطراف العربية.
حركة فتح ومفوضيتها العربية ، بحاجة لوضع أولويات لتحركها على المستوى القومي ، تقوم على علاقات الشراكة والتعاون والتنسيق مع :
أولاً : الأحزاب العربية الحاكمة ، في كل من مصر والسودان وتونس والجزائر واليمن وسوريا والصومال وجيبوتي ، والتوصل إلى إتفاقات حزبية مكتوبة مع هذه الأحزاب تقوم على المشورة وحسن الإختيار ، وكذلك مع أحزاب شريكة في الإئتلافات الحزبية الحاكمة في هذه البلدان إن وجدت .
ثانياً : إقامة الحد الأدنى من العلاقات مع أحزاب المعارضة وخاصة غير الإنقلابية منها وغير العنفية والتي تتخذ من المعارضة أشكالاً رسمية وديمقراطية ودستورية .
ثالثا : المشاركة بقوة مع المؤسسات العربية ذات الطابع الحزبي مثل مؤتمر الأحزاب العربية وغيرها ، وعدم ترك هذه المواقع لقوى سياسية أخرى أصولية أو يسارية أو قومية ، بل مشاركتها في العضوية من أجل تعزيز مواقعها ومكانتها داخل هذه المؤسسات في سبيل رجحان دور ومكانة فصائل الإئتلاف الوطني الذي يقود منظمة التحرير الفلسطينية .
رابعاً : العمل على صياغة برنامج سياسي بمشاركة القوى السياسية صاحبة المصلحة وخاصة من دول الطوق العربي لبنان سوريا الأردن مصر وغيرها لمواجهة التحديات المشتركة على المستوى القومي وفي طليعتها العمل ضد المشروع التوسعي الإسرائيلي الذي ما زال يحتل اراضي سورية ولبنانية وفلسطينية ، وهذا يتطلب اوسع جبهة قومية عربية تقوم على أساس الإحترام المتبادل بين المشاركين فيها بهدف لجم السياسة العدوانية لإسرائيل والتي تستهدف كافة الأقطار العربية حتى بما فيها تلك الموقعة معاهدات سلام معها كالأردن ومصر .
حركة فتح التي خسرت معارك داخلية في الإنتخابات البلدية عام 2005 والبرلمانية عام 2006 وامام الإنقلاب عام 2007 ، خسرت العديد من المواقع العربية الهامة ، بسبب قوة ونفوذ حركة الأخوان المسلمين العالمية العابرة للحدود وهي أقوى حركة سياسية عربية تساند وتدعم حركة حماس بإعتبارها أداتها وإمتدادها في الجسم الفلسطيني ، وتعادي منظمة التحرير الفلسطينية منذ نشأتها عام 1964 .
ولكن القوى السياسية العربية ، اليسارية وفي طليعتهم الشيوعيين ، والتيار القومي والتيار الوسطي الليبرالي يشكلون الحاضنة العربية الطبيعية لحركة فتح في مواجهة أحزاب التيار الأصولي الأربعة :
1- حركة الأخوان المسلمين .
2- ولاية الفقيه الإيرانية .
3- تنظيم القاعدة .
4- حزب التحرير الإسلامي .
ولهذا يجب على حركة فتح صياغة تحالفها بوضوح إعتماداً على قراءتها للوضع السياسي والإقتصادي والإجتماعي ، في ضوء المتغيرات الدولية التي أدت إلى :
1- هزيمة الشيوعية والإشتراكية والإتحاد السوفيتي .
2- إنحسار التيار القومي امام قوة الهجمة العدوانية الإسرائيلية وحلفائها الدوليين .
حركة حماس تملك حاضنة قوية من حركة الأخوان المسلمين المشاركة في الحكم في أربعة بلدان عربية هي السودان والصومال والعراق والجزائر ، وتقود المعارضة من موقع القوة في عدة بلدان عربية هي مصر والأردن وسوريا واليمن والكويت .
وفي ضوء ذلك تحتاج حركة فتح لتوسيع تحالفاتها ، وترميم علاقاتها وتعزيز حضورها على المستوى القومي العربي ، وما زيارة وفدها إلى العربية السعودية إلا سلاحاً قوياً بهذا الإتجاه على كل المستويات السياسية والتنظيمية والمالية .
h.faraneh@yahoo.com