ليس غريباً على المدللة إسرائيل أن تهاجم مدنيين عزّل في عرض البحر ، فهي التي تفعل ما تريد ونحن نقبل كل ما تريد . ونطلب منها المزيد ..
صمتنا كان قهراً وعهراً أممياً ، ليس اليوم ، لكن منذ أول رصاصة أطلقتها إسرائيل تجاه فلسطين والفلسطينيين ، وصمتنا كان عهراً أيضاً حينما قبلنا بإسرائيل دولة وتعاملنا معها وفق الأعراف الدولية تجاه الدول. فالمذكورة عصابة ، والعصابة ليست دولة ، والعصابة لا ترتضي حكم المجموعة المتعقلة من دول العالم ، والعصابة تعتاد القنص والقرصنة والقتل بأي صورة ممكنة ، وهذا ما جعل إسرائيل تفعل كل ما تريد ونحن نرتقب المزيد.
أكثر من خمسين دولة تشارك الغزيين هذا الحصار ببعض السفن التي ربما هي تعبير عن روح المجتمعات الانسانية ، سفن وبواخر مسالمة لا تحمل أي سلاح يذكر سوى الاصرار على كسر الحصار ، بواخر بأطقمها من نشطاء العالم الذين يسعون للوصول إلى غزة المحاصرة منذ سنين ، فكم يصعب على مثلي أن يصدق أن مثل هذا الحصار يحدث في القرن الحادي والعشرين ، لا ... فلنصدق جميعاً ، فنحن من حاصر العراق من قبل على مدار عشر سنوات ثم قام المجتمع الدولي بحرقه ... وهانحن نحاصر غزة وشاهدناها تحترق قبل ما يزيد على عام ، ثم هاهي بواخر وسفن كسر الحصار تتعرض للغطرسة الإسرائيلية ، وأتحدى كل من يقولون أن العالم لن يدع إسرائيل تفعل ما تريد ، أتحداهم أن العالم سيطلب منها المزيد.
الساسة يا سادة ليس لهم وجه واحد ، والساسة يا أعزائي يحملون هماً واحداً ، بالتأكيد ليس غزة وحصارها وأسطول الحرية ومهمته الإنسانية ، بل يحملون هم ذواتهم التي ترتكز على المكر والخديعة والكيل بألاف المكاييل ، ولهذا سنستمع للتصريحات الرنانة ، لكننا لن نرى فعلاً واحداً يرد عصابة المكر الصهيونية لرشدها.
لا شك هي حالة محزنة ، فقد شلت كل أيادي الدفاع عن الانسان ، واستبد الوحش بفرائسه ، فالضحايا ليسوا فلسطينيين وحسب ، بل من كل بقاع العالم ، فضحاياه على متن السفن من دول كثيرة لها سيادة كما تدعي ، وإسرائيل التي لا تعترف بالعالم ترى أن لها الحق في أن تضرب من تشاء وأينما تشاء ، والعالم يقر لها هذا الحق بصمته.
سنندد ... وسنتظاهر ... وسنصرخ بكل صوت وبأعلاه ... وإسرائيل لا ترى ولا تسمع إلا صوت كبرها وعنجهيتها وعجرفتها، فالقراصنة حينما يغزون في عرض البحر يصارعون الموج ويهاجمون ضحاياهم دون رحمة ، ومن يفلت من قبضة القراصنة ستلتهمه الأمواج ...
سحقاً لعالم نقض عرى القانون عروة عروة وأطلق العنان لقانون الغاب ... وأطلق لإسرائيل عنان فعلها المشين ...
سحقاً لدول تدعي أنها ذات سيادة وكلها تحت سطوة العصابة في تل أبيب ...
لم يعد في الزمن متسع للكرامة ولم يعد على الأرض مساحة للكبرياء ...
نحن في القرن الحادي والعشرين ... عصر التفرد بالقوة للجزار وعصر انصياع الضحايا ...
هكذا هي إسرائيل ... عصابة تفعل كل ما تريد والعالم من حولها يطلب المزيد من الذل والاستهتار بقيم الانسان.
من شاء منكم أن يتخذ قراراً يا ساسة العرب والعالم فليبقه في أدراج مكتبه ، فنحن بغنى عن هذه القرارات والبيانات...
لأننا نؤمن أن الزمن هو زمن الفعل، والحر الكريم لا ينام ودمه ينزف وأهله محاصرون ....
أبو القاسم الشابي يرحمه الله قال في المستعمر الديغولي الفرنسي :
(ألا أيــهـا الــــظَّـــالـــــــمُ الـــمــــســــتــــبــــدُ حَــبـــيـــبُ الــــظَّــــلامِ، عَـــــــــدوُّ الـــحـــيـــاهْ
سَــخَـــرْتَ بــأنّـــاتِ شَـــعْـــبٍ ضَــعــيــفٍ وكـــفُّـــكَ مـخــضــوبــةٌ مـــــــن دِمـــــــاهُ
وَسِــــــــرْتَ تُــــشَــــوِّه سِــــحْـــــرَ الــــوجـــــودِ وتــبـــذرُ شـــــوكَ الأســـــى فـــــي رُبــــــاهُ
رُوَيـــــــــــدَكَ! لا يـــخـــدعـــنْـــك الــــربــــيــــعُ وصحوُ الفَضاءِ، وضوءُ الصباحْ
ففـي الأفُـــــق الـرحـب هــولُ الـظـلام وقصفُ الرُّعـــودِ، وعَصْـفُ الرِّيـاحْ
حــــــذارِ! فــتــحــت الـــرّمــــادِ اللهيـــــــبُ ومَــن يَـبْـذُرِ الـشَّـوكَ يَـجْــنِ الـجــراحْ
تـــأمـــلْ! هــنــالِــكَ.. أنّــــــى حَـــصَـــدْتَ رؤوسَ الــــــورى ، وزهــــــورَ الأمَـــــــلْ
ورَوَيَّـــــــت بــالـــدَّم قَــلْـــبَ الـــــتُّـــرابِ وأشْـــربـــتَــــه الـــــدَّمـــــعَ، حــتَّــى ثَـــمِـــــلْ
سـيـجـرفُــكَ الـســيــلُ، ســـيـــلُ الـــدمـــاء ويــــأكــــلُــــك الــــعــــاصــــفُ الــمــشــتـــعِـــلْ)
الشعب الجزائري قدم مليون شهيد وانتصر ... لكن صدقت نبوءة الشابي وجرفهم السيل وجرّت فرنسا أذيال الفشل وغادرت الجزائر ... هذه نهاية القراصنة أمام إصرار الشعوب مهما غلا الثمن ...
اليوم فلنقلها للمدللة ... ألا أيها الظالم المستبد حبيب الفناء عدو الحياة .... سيجرفك السيل ، سيل الدماء ويأكلك العاصف المشتعل ...
أجل أيها القراصنة المتغطرسون ... سيجرفكم السيل ، سيل الدماء ويأكلكم العاصف المشتعل ...
Salaheddin1@yahoo.com