زاد الاردن الاخباري -
النشاط الذي اظهرته تعبيرات إعلامية تركية خلال اليومين الماضيين، وهي تنشر وتبث صورا لضباط اماراتيين في مغامرات جنسية مفترضة، تعكس التدحرج الكبير للأزمة العالقة بين المطبخ الخليجي و"تركيا أردوغان". الخلاف القطري الإماراتي الباطني على الأجندة المتعلقة حصريا بمصر، وترشح الجنرال السيسي، وملف الإخوان المسلمين، انعكس بوضوح على "أزمة" باطنية تتفاعل بين تركيا، الحليف الأهم إقليميا لقطر، ودولة الإمارات العربية المتحدة، الحليف الأهم عربيا وخليجيا للسيسي ولمصر في عهده.
إشارات هذا الخلاف بدأت مع توالي "الغمزات" ضد دولة الإمارات العربية من قبل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، عبر الإشارة لدور باطني لدولة الإمارات في التحريض على إثارة قضايا الفساد، للنيل من الحزب الحاكم داخل تركيا، وعبر بعض الإعلاميين.
أردوغان غمز بوضوح من قناة دولة الإمارات- من غير أن يسميها- عندما علق لصحافيين خلال زيارته لجامع تشامليجا موضحا: "قلنا إن هناك أطرافًا خارجية تتلاعب بأمن بلادنا ولحمتنا الوطنية، وسوف نؤدب كل من يتدخل في شؤون بلادنا بالشكل الذي يتناسب معهم.
"أردوغان" وجه بعبارته أعلاه إصبعه إلى دولة الإمارات، وما يؤكد ذلك سلسلة تسريبات إعلامية منهجية ومنسقة ذات الصلة بالإمارات، من بينها ما نشرته صحيفة "تقويم" التركية من أن مدعي عام اسطنبول "زكريا أوز" المسؤول عن قضية الفساد التي هزت الحكومة، قضى إجازة في أحد فنادق الجميرة خلال عيد الأضحى الماضي.
كذلك ما نشرته صحيفة "الصفوة" بحجة أن دولة الإمارات وعبر سفيرها في أنقرة طالبت بتهدئة التصعيد الإعلامي المتعلق بمزاعم تورط ضباط إماراتيين بقضايا جنسية.
وهذا التسريب مقصود تماما وممنهج برأي الكثير من المحللين.
ما نشر في صحيفة "تقويم" التركية قصد منه الربط بين الإمارات والمدعي العام "أوز"، وبالتالي الربط مع جماعة "حزمت" التي يتزعمها "فتح الله غولن"، أي أن التسريب يستهدف بناء صلة بين الإمارات وإثارة قضايا الفساد. ما نشر في صحيفة "الصفوة" رسالة سلبية إلى الإمارات، وهي أشبه برسالة تحذير تريد "أنقرة" أن تقول من خلالها إذا لم تكف الإمارات عن التدخل في الشأن التركي سيكون هناك مستوى من الرد، وهو التهديد الذي تسرب على شكل إشارة لابتكار قصص عن مغامرات جنسية لإماراتيين في تركيا. كل ذلك، يجعل من الواضح أن رسالة "أردوغان" موجهة إلى الإمارات بالدرجة الأساس، وإلى السعودية بدرجة أقل، في وقت لا تنازع بين بقية دول الخليج وتركيا، بل بعضها لديه تحالف مع انقرة، كدولة قطر، خصوصا بشأن دعم "الإخوان المسلمين".
يجب أن يوضع في الحسبان احتمال أن تكون قطر على صلة خفية بالتصعيد في العلاقة بين الإمارات وتركيا، وربما مدت "الدوحة" تركيا بمعطيات ومعلومات عن صلة "أبو ظبي" بما يحدث في "انقرة".
قضية الضباط الإماراتيين تعطي مؤشرا عن طبيعة الاستهدافات التركية لدولة الإمارات. ويبدو أن الحزب الإسلامي الحاكم في تركيا لن يتردد في إثارة قضايا من هذا النوع، فضلا عن إثارة قضايا سياسية وأمنية، وعبر تكثيف إعلامي مبرمج. ربما يفكر "أردوغان" أن تصعيد هجومه على الإمارات، بطرق مختلفة، قد يؤدي إلى توقف الدولة عن التدخل في الشأن التركي، وبما يمتد أثره، ربما، إلى التوقف عن مناوأة "الإخوان المسلمين". برأي خبير بارز تحتاج دولة الإمارات إلى تصورات دقيقة عن كل الاحتمالات التي يمكن أن تلجأ لها "أنقرة" للنيل من الدولة، ووضع ردود مناسبة لها، ويجب أن تكون هذه الردود محكمة ولا تعاني من ثغرات.
يمكن التفكير في استثمار أحزاب المعارضة التركية، بمن فيها حزب الشعب وجماعة "فتح الله غولن" ضمن تكتيكات قد تتبعها الإمارات لإرباك "أردوغان" وحزبه، وتقليل فرص فوزهم بأغلبية في الانتخابات المقبلة، خصوصا وان المعركة باتت مفتوحة بين دول خليجية وأردوغان المأزوم داخليا، بعدما فشلت كل جهوده في التواصل مع السعودية طوال الستة اشهر الماضية، وبعدما تفاعلت أزمته الداخلية التي يسعى الآن لتصديرها عبر شد أطراف بعض الأثواب العربية كما قال أحد المحللين الأتراك.
العرب اليوم