أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الصفدي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات الأوضاع في المنطقة الملك وولي العهد يستقبلان العاهل الإسباني لدى وصوله إلى قصر الحسينية غائب منذ يومين .. أين هو إسماعيل قاآني؟ وزارة الصحة اللبنانية: مقتل 23 شخصا وإصابة 93 بجروح ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 41 ألفا و870 شهيدا ميقاتي يطالب "بالضغط على إسرائيل" من أجل وقف إطلاق النار في لبنان الاحتلال يعتقل 15 فلسطينيا بالضفة الغربية الاحتلال الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء جديدة لسكان شمال غزة الاحتلال يهاجم جباليا ويحتفظ بلواءين في منطقة فيلادلفيا غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت قصف مدفعي إسرائيلي على بلدات في صور الحبس لـ"متعاطية" حولت دينارا إلى "لول" لتعاطي الكريستال اصابة 3 أطفال بحوادث دهس في عمان واربد «الصاغة»: طلب متزايد على الليرات والأونصات الذهبية الباص السريع يصل مادبا 23 مستشفى بغزة خرجت عن الخدمة صيانة 4 مراكز صحية في المفرق بمنحة بـ350 ألف دينار إسرائيل تدرس استهداف منشآت إيرانية مهمة استطلاع: ربع الإسرائيليين يرغبون بمغادرة الكيان تحقيق: هكذا اخترقت إسرائيل أجهزة البيجرز الخاصة بحزب الله
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة الإساءة إلى الأطفال .. وانهيار القيم .. وصمت...

الإساءة إلى الأطفال .. وانهيار القيم .. وصمت القانون .. إلى متى؟

01-06-2010 09:53 PM

لا يؤلمني في هذا العالم حادث كما تؤلمني حوادث الإساءة للأطفال، ولا تستفزني حادثة بقدر ما تستفزني مسألة انتهاك حقوق الأطفال، ولا أغص بأمر كما أغص بحكايات إيذاء الأطفال جسديا أو جنسيا وهتك عرض الإناث من الأطفال، ولا أستطيع حقا أن أتخيل طبيعة التكوين النفسي والعاطفي والعقلي لأولئك الذين يتلذذون بتعذيب الأطفال نفسيا أو جسديا أو جنسيا، وبالرغم من أننا نعلم أن المرضى النفسيين قد يتصرفون بناء على أوهامهم وأمراضهم الذهانية من منطلق انفصالهم عن الواقع، إلا أن أغلب حالات الإساءة للأطفال بأنواعها المختلفة لا تصدر عن مرضى نفسيين، بل يقوم بها أناس مضطربون نفسيا بسبب مركبات نفسية معقّدة لا تعدو في مجملها أكثر من تجرد الإنسان من إنسانيته تحت وطأة أنانيته وانشغاله بتحقيق رغبات وغرائز حيوانية ظلت رهينة \"الهو\" بما فيه من حاجات بدائية ورغبات خام وغرائز بهيمية، دون الامتثال لقوانين \"الأنا الأعلى\" بما يمثله الأخير من ضمير ومعايير وضوابط قانونية أو دينية أو ثقافية أو أخلاقية، في غياب تكوين نفسي سوي يحكمه \"الأنا\" المسئول عن تنظيم العلاقة بين هذين المكونين الرئيسين في بنية الشخصية الإنسانية.
لكنني هنا لست بصدد التحليل السيكولوجي المفصل للتركيبة النفسية لأولئك الذين يقومون بمختلف أنواع الإساءة للأطفال، ربما بسبب إيماني القاطع بأن هؤلاء المجرمين مجرد أناس انقطعت قنوات التواصل بينهم وبين خالقهم –عز وجل- وداسوا على قيم مجتمعاتهم الأخلاقية والثقافية، مما جردهم من إنسانيتهم ومشاعرهم وعقلانيتهم في غياب تشريعات قانونية صارمة يمكن لها أن تردعهم خوفا وترهيبا وقصرا.
الحادثة الأخيرة التي وقعت في الزرقاء حول السفاح الذي انتهك عرض ابنته وظل يغتصبها لمدة تتجاوز الأربع سنوات بل ووصل به الأمر أن حاول إجهاضها بنفسه بعد حملها السفاح منه، لم تثر اشمئزازي من ذئب مجرم سفاح مريض مغتصب وقاتل بقدر ما أثارت دهشتي أن نراقب بصمت وعجز مقصودين هذه الحالات الشاذة المريعة المربكة تحدث في مجتمع عربي مسلم محافظ دون أن نلمس رد فعل طبيعيا مساويا لحجم المأساة في المقدار ومخالفا له في الاتجاه بحسب قوانين الطبيعة الفيزيائية!
الملفت للنظر هنا أن الجرائم -سواء تلك المتعلقة بالكبار أو بالصغار- باتت تنتشر في مجتمعنا الأردني في الآونة الأخيرة بوتيرة سريعة وبسرعة عالية وبقوة خارقة دون أن تسترعي انتباه الجهات المختصة ودون أن تطرف للمسئولين عين أو تستنفرهم للوقوف لمراجعة نصوص القوانين ومواجهة الخلل المعشش في مفاصل تطبيقها.
السؤال المشروع يطرح نفسه بمنتهى الجرأة: \" إن كنا لم نعد نستمد قوانيننا وتشريعاتنا من أصول الشريعة الإسلامية والقوانين الجنائية في الإسلام فبتنا لا نعدم قاتلا ولانقطع يد سارق ولا نرجم زانيا ولا نعاقب مجرما أو خاطفا أو مغتصبا أو مؤذيا، فعلى ماذا نتكئ في تشريعاتنا؟\".
لا أجد القانون الأردني بحلته الجديدة المهترئة والمترهلة والواهية يستند إلى نظام قضائي فرنسي أو على اتفاقيات حقوق الإنسان أو على أي نصوص تحفظ للمواطنين كرامتهم وشعورهم بالأمن والأمان وللأطفال حقوقهم ومستقبل أحلامهم البريئة، بل أراه اليوم قاصرا يتخبط في عشوائية مستهجنة بين التسويف والمماطلة والاستهتار والوساطة والمحسوبية في ازدواجية غير مفهومة للقانون المدني والقانون العشائري بشكل يدوس على جثث الضحايا ببرود يدعونا للخوف على حياتنا وعلى مستقبل أبنائنا ومستقبل وطن يعيث فيه العنف والاضطهاد فسادا.
ما حدث في الزرقاء يخبرنا عما يحدث خلف وأمام وبجوار الزرقاء، ما حدث هناك مجرد حادثة مفجعة واحدة طفت على سطح الحقيقة لتدق ناقوس الخطر وتشي بما آل إليه المجتمع من خواء ديني وعري أخلاقي وفجور نفسي وتشوّه وجداني وخلل فكري، وهو حادثة تستفزنا لنطرح الأسئلة التالية بصدق:
\"هل نعلم أن هناك آلاف مؤلفة (54% من حالات العنف الأسري) من الحالات التي يتحرش فيها الآباء ببناتهم (3%) والأشقاء بأخواتهم (2.5%) والمحارم بذويهم (4%) دون أن تجرأ الطفلة أو الفتاة أو الضحية على البوح بها أو التصريح عنها حتى وإن وصل الأمر إلى حد هتك العرض واستمراء الاغتصاب المتكرر لسنوات؟\".
\"هل نعلم أن العلاقات غير المشروعة والمدفونة طي الكتمان بما في ذلك الزواج العرفي (أكثر من 255 ألف طالب وطالبة في الجامعات الأردنية) وزواج المسيار وزواج المحجاج وزواج المقراض وزواج المهراب وزواج المصياع وغيرها مما سنسمع به مستقبلا من مسميات مختلفة تحاول التستر على الزنا وتغطية الدعارة، أخذت تجد طريقا ممهدا لها وأراضي خصبة لتترعرع فيها وتنمو في مجتمعاتنا اليوم دون أن يتجرأ مفتي شرعي واحد على إدانتها أو تحريمها أو فتح ملفاتها بوضوح وصدق وصراحة وعدل وقوة إعلامية تجتث أصولها وتقتلع جذورها قبل أن تنمو وتستفحل؟\".
\"هل نعلم أن أكثر من 500 ألف امرأة تموت سنويا خلال مراحل الحمل من بينها 70 ألفا تتراوح أعمارهن ما بين 15-19 عاما، حيث تعد الوفاة أثناء الإنجاب السبب الأول في وفيات الفتيات في هذه السن، في الوقت الذي ما زال فقهاؤنا والكثير من أفراد شعبنا يؤيد زواج الأطفال والفتيات والقاصرات بالرغم من كل سلبياته التي لا تعد ولا تحصى؟\".
\"هل نعلم أننا أصبحنا لا نأمن على أطفالنا الخروج للعب الكرة أمام المنزل أو لشراء قطعة حلوى من محل البقالة المجاور لأننا نخشى أن لا يعودوا؟\".
\"لماذا لا نراجع قانون العقوبات المتعلق بالإساءة للأطفال ونخرج بصيغة قانونية وإعلامية ترهب أولئك الذين تسوّل لهم أنفسهم المساس بحقوق الأطفال –سواء أطفالهم أو أطفال غيرهم- ونشجع إعلاميا الأطفال الضحايا على البلاغ عن الجناة حتى لو كانوا والديهم أو من ذويهم، بل ونجري محاكمات علنية للمجرمين الجناة وللمتسترين عليهم –كما هو حال الوالدة في حادثة الزرقاء- بشكل قاسي ورادع ونوقع بهم أقسى العقوبات التي يجب أن تصل إلى الإعدام في الكثير من الحالات؟\".
\"لماذا استطعنا رد قانون الخلع بالرغم من مشروعيته ومنطقيته حرصا منا على النسيج المجتمعي والمنظومة الاجتماعية حتى وإن كان على حساب المرأة وحياتها وسعادتها، في حين أننا لا نستطيع في المقابل أن نحصر أشكال الإساءة للأطفال بمعايير ثابتة ومحددة ونصنفها ضمن خانات معينة بعقوبات حازمة وصارمة بشكل يسهل معه تطبيق القانون بصورة لا نحتاج معها دور لرعاية الأطفال المساء إليهم بل نقي الأطفال من وقوع الإساءة من أساسها؟\".
السؤال الأخير المطروح على أولئك المشتغلين بالقضاء وأولئك المسئولين عن القوانين والتشريعات والذين يحق لهم إلغاء مادة قانونية هنا وتعديل مادة أخرى هناك: \" هل حقا من العدل والنزاهة والصواب أن تأخذنا الرأفة والرحمة بمجرم لم يتوانى عن إيذاء طفله وفلذة كبده ناهيك عن أطفال الغير؟ هل من المنطق أن نتوقع من مثل هؤلاء أن يكونوا أفرادا منتجين في المجتمع أو صالحين للوطن في حين أنهم أساؤوا لأطفالهم الذين جاؤوا من أصلابهم سواء من خلال إهمالهم أو إيذائهم الجسدي أو اغتصابهم أو المتاجرة بهم؟\"
في الختام أرشق سؤالا عليلا مقهورا عاجزا في وجه ليل الظلم المبرقع بالأخطاء والذنوب والآثام: \"من قال أن الحق الشخصي لأي طفل في هذا العالم يقع في قبضة والديه حين يكون الوالدان هما الجانيان والمجرمان والظالمان؟ من قال أن الطفل لا يحتاج إلى قانون حكيم في تشريعاته وواضح في مواده وقاسي في بنوده وصارم في تنفيذه وعادل في تطبيقه ليحمي لا الأطفال فحسب بل المجتمع برمته من مغبة انتشار الرذيلة وتفشي الظلم بين أطفال هم عماد الوطن ومستقبل الأمة؟\".
لا تنسوا أن هذا الطفل المشوّه الذي تقذفون به في أحضان المجتمع سينمو عملاقا ممسوخا يشوّه أطفاله وأطفال الآخرين حتى نغدو مجتمعا من العمالقة والأقزام المشوّهين الممسوخين.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع