زاد الاردن الاخباري -
غموض ملف التسوية يدفع باتجاه اعادة ترتيب الداخل الاردني في مواجهة الاستحقاقات المفترضة.
ولعل حالة استشعار الخطر المقبل التي تسود الشارع وضعت الوطنية الأردنية والوطنية الفلسطينية في خندق واحد لمواجهة مشروع انهاء القضية الفلسطينية.
كل ما اختتم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري زيارة من زياراته المكوكية للمنطقة تتبلور خطوط التسوية الغامضة وغير المكتوبة على راي بعض المطلعين والمحصورة في مثلث الكيان الاسرائيلي، السلطة الفلسطينية والأردن الرسمي.
كثير من المعطيات تشير الى أن نقاط التسوية لا تقدم أي تنازلات اسرائيلية حقيقية ممكن ان تشكل أدنى مقومات التسوية المفترضة الممكن قبولها فلسطينيًا.
في المقابل يصر الاسرائيليون على الاعتراف بيهودية الدولة الأمر الذي يفاقم من مأزق نيتنياهو السياسي والدبلوماسي حيث اتهم رئيس الوزراء الاسرائيلي الاتحاد الاوروبي بالنفاق في وقت استدعى وزير خارجيته ليبرمان سفراء الاتحاد الاوروبي (بريطانيا،ايطاليا،فرنسا واسبانيا) واتهمهم بالانحياز للفلسطينيين عبر رفضهم لخطط التوسع الاستيطاني وطلب منهم بصراحة الاعتراف بيهودية الدولة.
اصرار الاسرائيليين على الاعتراف بيهودية الدولة يثير كثيرا من التساؤلات لدى العديد من الاطراف الدولية. الحقيقة أن مخاطر يهودية الدولة متعددة قد تتمثل بفكرة تهجير أكثر من مليون ونصف المليون عربي أو التأسيس لكيانات مذهبية وعرقية مستقبلًا أو حتى تطبيق فكرة الكانتون المغلق لكن تبقى النقطة الأخطر مرتبطة بمنهجية قلب الحقائق واسقاط الحقوق عبر الاقرار التاريخي بالرواية التوراتية التي تزعم ملكية الاسرائيليين لأراضي فلسطين.
على الصعيد العملي لا يمكن ان نرى في نقاط التسوية المعروضة الا ترحيلًا طبيعيًا للحل على حساب الأردن، سواء كان ذلك على الصعيد اللوجستي او الديمغرافي الذي قد يعني تغييرا طبيعيا في شكل الواقع المجتمعي والنظام السياسي ومكوناته مستقبلًا.
لسنا هنا في صدد مناقشة تفاصيل التسوية التي يزعم كثير من المطلعين بعدم معرفة أحد بحقيقة نقاطها اليوم، فالقناعة السائدة لدى الكثيرين تؤكد ان التفاصيل الكاملة لوصفة التسوية موجودة فقط في مطبخ البيت الأبيض.
لكن من الضروري تأكيد أن مواجهة المشروع في المرحلة الحالية لا يمكن ان تتم عبر سياسة الغموض والتكتم، او اخفاء الحقائق واللعب على المتناقضات، ولا يمكن لفئة قليلة ان تغتصب تمثيل الاردنيين والفلسطينيين وتعطي لنفسها حق التكلم باسمهم او نيابة عنهم.
آن الاوان أن تُفتح الغرف المغلقة وتُكاشف الشعوب بحقيقة ما يجري ويدور. لا يمكن اغتصاب القضية الفلسطينية من قبل بعض شخوص يعتقدون ان تقديم التنازلات اليوم هو قربان الظهور والأضواء مع ان حبل النجاة في إستراتيجية "المكاشفة".
وعْد كيري اليوم لا يقل خطورة عن وعْد بلفور المشؤوم لهذا فان الجميع معني اليوم على انضاج حالة وطنية قادرة على مواجهة أخطر مشروعات التسوية وخلق حاضنة مجتمعية مقاومة تمنع السقوط في فخ انهاء القضية الفلسطينية.
العرب اليوم