من النادر جداً أن تجد إجماعاً بالثناء على إنسان من زملائه ومن حوله، ولكن المعلمة عبير العديلي في مدرسة أم شريك الثانوية للبنات في لواء الهاشمية كسرت هذه القاعدة، وحظيت بتقدير وثناء ومحبة جميع زميلاتها وطالباتها وقبل الجميع مديرتها الفاضلة.
عبير العديلي ... معلمة تجدها في كل مكان، مبادرة، متطوعة، مشاركة، متعاونة، لا يحدث في مدرستها أي نشاط إلا ويكون لها ضلع وحضور قوي فيه، ولا تعقد دورة في المدرسة أو المديرية إلا وتكون السباقة إليها، وحتى في الطابور الصباحي لا تتوانى أن تشارك طالبات المدرسة التمارين الرياضية مشجعة معززة لتكون النموذج والقدوة.
سألتها من أنت، فأجابت: إنسانة صاحبة رسالة، طموحة، بسيطة، عملية، مرنة في تعاملي مع الناس، وسطية في تفكيري، أنظر دائماً للأمام، قاعدتي أن من الخطأ يتولد الصواب، ومن خطأ اليوم نجاح الغد، أتمنى أن أكون من الأولين في الإسلام وفي طريق الخير ، وأن يعزني ربي، وأن يعز الإسلام على يدي، وأؤمن أن الحياة لا تحتمل الفراغ، فإذا لم يوجد الجيد تقدم السيئ.
لم تتعدى خبرة عبير خمس سنوات كمعلمة تربية إسلامية، ومع ذلك فقد سبقت من هن في مقام معلماتها في حضور الدورات وتحصيل الخبرات والحرص على التنمية المهنية، فهي حاصلة على شهادة ICDL وشهادة إنتل، ودورة القانون الدولي، ودورة حقوق الطفل، ودورة الرعاية الوالدية، ودورة الرعاية النفسية والاجتماعية للأطفال في الأزمات، ودورات متقدمة في التجويد مع الإجازة، وغيرها من الدورات. وقامت بالتدريب على القانون الدولي وحقوق الطفل وإنتل المتقدم وجائزة الأمير حسن، وهي منسقة القانون الدولي ومنسقة البيئة المدرسية الآمنة في مدرستها.
وفي المجال التطوعي لها حضورها الفاعل والمؤثر والمبادر، فمن دورات التجويد في مراكز التحفيظ، إلى إفطارات جماعية، وقيادة رحلات مدرسية، وتنظيم مسابقات ثقافية، وتقديم خدمات للمجتمع المحلي ضمن نشاطات جائزة الأمير حسن، وتنفيذ مشاريع خيرية في رمضان للتكافل الاجتماعي، وغيرها. وحصلت على العديد من كتب الشكر وشهادات التقدير من المدرسة والتربية وجهات مجتمعية أخرى، وأعظم تقدير حصلت عليه –حسب قولها- هو محبة طالباتها ونتائجهن الممتازة في الثانوية العامة.
وحول تبريرها لدوافعها نحو التميز ومشاركاتها الواسعة في جميع المجالات، ومشاركتها في جائزة الملكة رانيا للتميز التربوي لدورتين، قالت: أهدف إلى تغيير الصورة المتعارف عليها لمعلم التربية الإسلامية، وأسعى أن يكون الانطباع عنه أنه مرن، مبادر، واعٍ، ومشارك في كل نشاط إيجابي.
تنظر عبير إلى مهنة التعليم على أنها رسالة كونها مهمة الأنبياء وليست وظيفة، وهي تجمع بين التربية والتعليم، ومهمتها التغيير السلوكي للأفضل، وهو بحد ذاته إنجاز كبير.
وعن علاقتها بطالباتها قالت إنها تتمثل قول الإمام علي رضي الله عنه بقوله: \"لاعبوا أولادكم سبعاً، وأدبوهم سبعاً، وصاحبوهم سبعاً\"، وتؤكد أن شخصية الطالب يجب أن تُستوعب وأن تُراعى ظروفها، مشددة على انتقاء الكلمة الطيبة المناسبة، واحترام شخصية الطالب وتقديرها. وتوجه نصيحة إلى طالباتها بالمحافظة على الهوية والشخصية الإسلامية في معترك الحياة فكراً وسلوكاً، وامتلاك أدوات المعرفة كافة مع الحفاظ على القيم.
وتخص زميلاتها المعلمات برسالة أن لا يكون المعلم نمطياً تقليدياً، وأن يكون ذا نهم معرفي ليكتسب الصفة الموسوعية التي تجذب طلابه إليه، وتجبرهم على احترامه وتقديره، وأن يدرك المعلم أن مهنة التدريس هي علاقة إنسانية وخطة اتصالية مضمرة تجري بين المعلم والطالب، وأن الكلمة طاقة، والقبلة طاقة، واللمسة طاقة، فلا يبخل على طلابه بها، وأن يحرص على التعزيز والدعم ما أمكنه ذلك.
وتأمل من وزارة التربية أن تخفف الضغط على المعلم وخاصة الأعمال الكتابية التي حولت المعلم إلى مدخل بيانات وكاتب سجل، وأن يتم التركيز على مهمة المعلم الأساسية وهي التربية والتعليم.
عبير العديلي تهوى المطالعة والكتابة والعمل التطوعي والاستكشاف عبر الرحلات، ولديها مشاريع مستقبلية كثيرة منها التركيز على المطالعة والكتابة، وتنفيذ مشروع (اقرأ تصعد) مع طالباتها في الفصل الدراسي القادم لتعزيز ثقافة المطالعة وحب العلم والمعرفة عبر العلاقة المباشرة بالكتاب.
مديرة المدرسة السيدة زينب العموش تؤكد أن عبير إنسانة متميزة جداً، مبادرة، تثبت وجودها في أي عمل يوكل إليها، وأن سر تميزها يكمن في أنها تعمل في كل مجال بصمت وإخلاص مع استعداد تام لتذليل أية عقبات تصادفها. وتشير إلى أن علاقتها مع زميلاتها قائمة على الحب، وأنها على تواصل دائم مع الجميع تعاملهم كأخت، وتبادر إلى السؤال عنهم، محبوبة من جميع زميلاتها ولها شعبية طاغية بينهن وبين طالباتها.
المعلمتان ماجدة حسني وكفاية البدور يرين في عبير إنسانة ديناميكية، تشعر مع الآخرين، تجدها عندما تحتاجها، إنسانة حقيقية تحترم زميلاتها، متعاونة وإيجابية، وهي دائمة التواصل والسؤال والدعم لزميلاتها وطالباتها، وتلجأ إليها الطالبات لحل مشاكلهن، ونشاطاتها لا محدودة ومتنوعة في جميع المجالات.
الطالبتان بشرى المصاروة وفاطمة الزيود يعتبرن معلمتهن عبير بأنها معلمة مثالية، وأنها تعاملهن كأخت ومرشدة تقدم لهن النصح الصادق بمحبة خالصة، ويعزين سبب تميزها إلى شخصيتها البسيطة القريبة من القلب، وأسلوبها المميز في الشرح والتعامل مع الطالبات، وأنهن يحرصن على العمل والتعاون معها في أية مشاريع أو خدمات تطوعية داخل المدرسة وخارجها.
تقول أم محمد إحدى الأمهات أن المعلمة عبير هي أكثر شخصية مؤثرة على ابنتي، وتنقل لنا أخبارها أولاً بأول، ودائماً ما تستشهد بأقوال المعلمة لتدلل على وجهة نظرها، مما يضطرني ووالدها إلى أن نغير رأينا لصالح رأي المعلمة عبير ثقة بها وصدق توجهها وحصافة رأيها. وتؤكد أم محمد أن علاقة المعلمة عبير بابنتها وزميلاتها الطالبات ممتازة ومثالية، وسبب تميزها حسب رأي أم محمد هو شخصيتها المميزة وطبيعتها وقدرتها اللامحدودة على العطاء وحب الخير.
وبعد ... هذه الأنسة عبير العديلي نموذج رائع ومميز لمعلمينا الأعزاء ومعلماتنا الفضليات، الذين فيهم بالتأكيد عدد كبير من هم مثلها، وهي نموذج يصلح أن يكون قدوة وأسوة حسنة للجميع معلمين ومديرين وقادة تربويين، لأنها حسب معلوماتي ومشاهداتي على قدر عال من العطاء والتفاني وحب الخير، تمنح ولا تنتظر جزاءً ولا شكوراًً، تعمل بصمت دون ضجيج أو دعاية، تبادر دون طلب إن كان في العمل خير وصلاح، لا تثنيها العقبات، طموحها أن تكون إنسانة ناجحة مؤثرة إيجابياً على من حولها، تفتح ذراعيها للحياة بحب ومودة، تحرص أن تترك بصمتها أينما حلت.
mosa2x@yahoo.com