بقلم : محمود أبو الرز- كاتب ومترجم أردني-السودان
إذاً ، هي معركة الضمير الإنساني على امتداد أنفاس الخيرين من كل لون وملة ودين ، والتي تتجاوزاليوم بحمد الله حسابات الحمساويين والفتحاويين وصراعاتهم الممجوجة على مغانم موهومة، كان ثمنها الباهظ وما يزال، تشويه الوجه الإنساني المشرق لتضحيات شعب فلسطين الواحد الموحد على امتداد تاريخه الوضاء ؟ ولأنهم إخوتنا الذين نأبى بعد اليوم أن يأتونا بدم كذب، فليسمعوا منا ما ينفعهم ولا يضرهم حتى لو لم يسرهم، عملاًُ بقوله تعالى : \"وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغا\" . أو لم يقسموا معاً على تجاوز محنة الشقاق وإعادة اللحمة في فناء الكعبة المشرفة ( زادها الله تشريفاً ونعظيما) ثم نكصوا على أعقابهم مدبرين ؟ أنقول تهرباً :لا علينا..او نعم ولكن ليس الآن..أو لندع الأمور للزمن ؟ عجباُ لنا وأي عجب ! كيف نجامل خطيئة كبرى و علينا تقع كل تبعاتها لا مناص ؟ نعم، و بكل فم ملآن بالكلم طيب نقول: إن علينا جميعاً أن لا نقبل منذ الآن ، وأعني كل محبي فلسطين الأخيار الأطهار، أي مبرر لاستمرار ابتذال عذابات ونضالات شعبها العظيم في تلكم الصولات المقززة من تبادل التلاوم والتخوين..أوأن نترك من يتفانوا في خسيس المغانم ، أياً كانوا وبأي شعار تدثروا، ليختطفوا منا ، في عصر الفضاءات المفتوحة ، أنبل قضية للضمير الإنساني، المتوفز على الصحيان معنا وإلى جانبنا، إن أفقنا نحن أولاً من أضغاث أحلامنا الضيقة البائسة وباكرنا بالفوز بمفاتيحه الذهبية ، التي وإن زُيف البعض منها ، فلا يزال ذخرُ منها كما رأينا بالأمس على مشارف غزة الفداء ، وعلى امتداد الأعين ويقظة البصائر ، لا يناله صدأ ولا يخبو له لمعان ! ويبقى السؤال الذهبي : كيف يمكن أن نراكم الصحيان ( ولا أقول الصحوة) حتى لا نعود كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ؟
لقد أثبت سلام القوة العمياء ، القائم على القتل الحقود اللدود من أي طرف جاء ، وكذلك سلام الظلم والهضم ، المتمثل في مؤتمرات ومبادرات الزيف و الاستخذاء ، إفلاسهما التاريخي والأخلاقي لمجافاتهما لقواعد الحق والعدل واعتمادهما على الموازين العوجاء لحق القوة بدلاً من القسطاس الأسمى\" لقوة الحق \" !
أما والحالة هذه ، فإنه لم يعد أمامنا الآن سوى التدرع بقوة السلام الحقيقي ، القائم على التصعيد المدروس والمنسق لاستراتيجية شن سلام الصدور المؤمنة العارية في وجه القوة العمياء الباغية : أليس هذا هو سلام موسى (عليه السلام ) في وجه الجبارين وسلام عيسى( عليه السلام ) في وجه الفريسيين وسلام محمد ( عليه السلام) في وجه المشركين ؟ أليس هذا هو سلام غاندي ومانديلا وسائر القادة الأخيار المصلحين في وجه البغاة والمستعمرين و العنصريين على كر الدهور ومر السنين؟
إن النفس الواعي الحليم والحازم الحكيم الذي رأيناه في أوردغان وسائر ربابنة القيادة التركية الموفقة لكسب معركة الضمير الانساني ضد أعداء كل ضمير إنساني ، ليستحق منا عرباً وفلسطينيين أولاً كما من سائر أحرار العالم ، أن نلتف حوله بكل ما أوتيتا من وعي وعزيمة وقوة شكيمة ، لنثبت مجددا ًكما أثبت صناع كل عارفة وأعداء كل عائبة على مدى التاريخ، أن قوة الحق فوق حق القوة وأن قوة السلام فوق سلام القوة !
ألم يصدق شاعر العربية إذ قال: الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المحل الثاني !
إننا بأمس الحاجة ، أكثر من أي وقت مضى ، خصوصاً في ظل انقلاب القيم وانحطاط الهمم ، أن نعيد رسم معالم معركة السلام العادل والدائم ، التي لا تحققها أحباروترهات المفاوضات بل تعمدها بالدم الزكي الصدور المؤمنات الواعيات، لكن هذه المرة ، ليس على طريقة العنف الثأري الأعمي بل على طريقة القيم الإنسانية المشتركة العظمى التي تنتصر بالفطرة للدم الزكي على السيف الغوي وللكف العزلاء على المخرزالعوراء وللبريء المسالم على الباغي والظالم !
وأبسط وأول مقتضيات هذه المعركة النبيلة بلا جدال هو إعادة الوحدة والتلاحم فلسطينياً دون إبطاء على قاعدة الجهاد السلمي المحاط بتحشيد كل ذوي الضمائر الحية على امتداد العالم، لدعم انتفاضة سلمية واعية في سائر أنحاءالاراضي المحتلة ، مسنودة بتحشيد سلمي واع ومنسق عربياً وعالمياً لعودة سلمية جماعية للاجئين والنازحين الفلسطينيين تتزامن مع فتح أبواب العودة الكريمة والمأمونة لسائر يهود الدول العربية أولاً إلى مواطنهم؟ نعم ،هكذا نشن سلامنا...فينكسر جبروتهم لا محالة!
قال تعالى: \" إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب \" ؟ صدق الله العظيم.
malruzz@yahoo.com