بعدما تناقلت وسائل الأنباء العربية أخبار الاعتداء الصهيوني الهمجي المتغطرس على النشطاء الإنسانيين واغتيالهم ، بدأت وسائل الأنباء تتناقل بشكل متواصل الأخبار حول مصير شيخ الأقصى " رائد صلاح " لتذيب مهج المحبين لهذا البطل الرائد ، وبدأت تتوالى الأخبار رويدا رويدا ، فابتدأت الحملة بنبأ عاجل مفاده إصابة الشيخ رائد صلاح إصابات بالغة ثم نبأ أنه يجري عملية جراحية حرجة في رأسه ، ومع توارد هذه الأنباء تبدأ الشرطة الصهيونية في أراضي 48 وتحديدا في بلدية أم الفحم بنشر عناصرها و فرض الحواجز بشكل استفزازي مباشر ، مما يدفع العديد من المحللين للاعتقاد بأن حكومة كيان الصهاينة تمهد لإعلان نبأ اغتيال قنديل المسرى الذي لطالما سعى نوره بين أضلع عشّاق المرتحلين روحا في مصليات المسجد الأقصى المبارك ، ولم يكن طلب الحكومة الصهيونية من عائلة الشيخ رائد صلاح وخصيصا زوجته للحضور إلى مستشفى تل هشومير للتعرف على احدى الجثامين التي يُشتبه بأنها للشيخ رائد صلاح ولمقارنة " DNA " عبثا أو لجهل من قبلهم بالتعرّف على تلك الجثة ، فبمجرد ما تناقلت وسائل الإعلام هذه الأنباء حتى صبّ الغضب العارم شوارع 48 وحالة غليان انتفضت في الوسط الفلسطيني العالمي وحالة احتقان مؤلم ترصدت أعين المسلمين حول العالم الذين اعتادوا على سماع نبض فؤاد الشيخ من ارتجاج صوته الصاخب فوق المنابر بصرخاته المدوية " لن نفرط بالمسجد الأقصى المبارك " مرتقبين أي نبأ يطمئنهم عليه ، وفي غموض شديد ووسط تعتيم غير عادي يصل يقين إلى جميع وسائل الإعلام بأن مصير الشيخ رائد صلاح مجهول لا يعرفه أحد لا حتى عائلته ولا نائب الحركة الإسلامية الشيخ كمال الخطيب ، وسرعان ما تجد على صفحات الانترنت أنباء حول استشهاد الشيخ رائد صلاح أو تأكيدات بنسبة 90% من العديد من المتصفحين للانترنت بأن الشيخ قد رحل إلى جوار ربه مجاهدا بحريا ، وأن الصهاينة إنما يتكتمون على الخبر تحسبا لردات الفعل العارمة وخشية اشتعال انتفاضة ثالثة تبدأ بدماء حامي منبر صلاح الدين وتنتهي بتحرير ذاك المنبر ، وبعد ساعات من الانتظار والارتقاب وقبيل مساء الاثنين يتكشف مصير الشيخ بأنه حي يرزق لم يصب بأذى وفي طريقه لميناء أسدود ليقبع في غرف التحقيق الصهيونية هناك ، إن الناظر في هذا السيناريو الإعلامي السابق يجد بأنه سيناريو مدروس لخيار تصفية الشيخ رائد صلاح الذي يبدو أنه كان مطروحا وبقوة ضمن تركيبة معينة مبررة ضمن مجزرة الحرية ، لكن يبدو كالعادة حسابات الاحتلال فشلت في رصد النتائج فقد احتلت أنباء الشيخ رائد صلاح مساحة إعلامية واهتمام شعبي بحجم ما احتلت أنباء مجزرة الحرية ، فالشيخ رائد صلاح يزن عند هذه الأمة ما يزن حب حماة المسجد الأقصى في القلوب ألم تشاهد صور الشيخ في مختلف مسيرات العالم وكم دعاء ورسالة جوال سمعت وقرأت باسم الشيخ رائد صلاح خلال ساعات قليلة ، وكم من الدمع تحشرج في حناجر المتصلين على الفضائيات يعلنون كامل تضامنهم مع الشيخ ويتوسلون لذي الجلال أن يحفظه ويعصم دماءه فلطالما تمنى الشهادة في ساحات المسرى هناك حيث يغدو الموت عذبا ، كم مرة سمعت سؤال من حولك ما أخبار الشيخ ؟ ماذا حدث له ؟ هل من جديد بخصوص الشيخ ؟ ، رغم الألم وحالة شدّ الأعصاب التي سيطرت على المتابعين لأخبار الشيخ إلا أن هذه الأمة أثبتت ودون أدنى شك بأنها وفية لطهر بذل قيادات الأمة المدافعة عن قضاياها الرئيسة وأنها ما زالت تهتم وأن أملها في قرب الصباح المنبثق من أعين أمثال صلاح قد أسرج لها خيول مقدسية من جديد ، إن التضامن الشعبي العالمي مع الشيخ رائد صلاح يعكس وبشكل صارخ نبض الأمة المجمع على خيار المقاومة ودعم رموزها النابذة لسياسات الاحتلال والتطبيع ، فيا جنرالات الحماقة العسكرية والخيبة السياسية الصهيونية إن قوما قالوا لنبيهم " اذهــب أنــت وربــّك فـقـاتــلا إنـَّـا هـاهـنـا قـاعــدون " أمثال هؤلاء القوم أبدا لن يهزموا ويكسروا عزيمة قوم قالوا لنبيهم " هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما " ، لكنني سأقول ما قاله الشاعر تميم البرغوثي : ولكن عذركم معكم فأنتم بعدُ ما زلتم غزاة محدثين .
فدوى حلمي