لست أدري لماذا قفزت في ذهني قصة الأقزام السبعة، وأنا أحاول أن أكتب شيئاً لتركيا، ثم تذكرت قصصاً أخرى توالت مثل قصص العملاق الذي يسكن جزيرته وحده، وقلت لنفسي ربما أن المقارنة بين العملاق والأقزام، ضد يظهر حسنه الضد.
وعلى عكس إيران فارس التي \" أطرمتنا\" بكثرة جعجعتها ولطمها وسبّها، تبرز تركيا الجديدة بكل مجدها الغابر، وكأن سليمان القانوني ومحمد الفاتح ينهضون من جديد لضخ الدماء في عروق الأمة كلها، بكل هذا الكبرياء الذي لا يأبه للتضحيات من أجل فلسطين، وقبلهم وبعدهم عبدالحميد الثاني الذي تكالبت على دولته العثمانية كل قوى الشر بسبب موقفه من الاستيطان اليهودي في فلسطين.
تركيا الجديدة التي تنفض عن أكتافها \" قيود\" العسكر، وإرث أتاتورك الذي قيدها في عقال العلمانية الغربية عقوداً طويلة، نراها اليوم عملاقة بسبب مسحة من إيمان بزعامة أوردوغان الذي وقف يوماً ليتصدى لأكاذيب بيريس أثناء العدوان على غزة، وقال له بالحرف الواحد: لا يشرفني أن أجلس في مكان يجلس فيه قتلة الأطفال، في الوقت الذي ظل فيه أمين عام جامعة الدول العربية جالساً يوزع ابتسامات الذل والاستجداء.
ربما يستغرب المطلعون على التاريخ الأردني، أن يرى \" أردنياً كركياً ماجدياً\" يقول لتركيا: شكراً لك، بسبب أحداث تاريخية قديمة، لكنني لا أملك –وأنا أرى الأبيض المتوسط صار أحمر قانياً- إلا أن أنحني بإجلال وأقول لتركيا شكراً، في الوقت الذي أُعلن فيه وفاة العرب كما أعلنها نزار قباني قبل عقود.
ماذا يعني أن يقدم الأتراك أرواح أبنائهم رخيصة لأجل فلسطين، وكيف يمكن لنائب في البرلمان التركي أن يقدم روحه بكل هذه البساطة لأجل فلسطين، في الوقت الذي امتهن بعض نوابنا الأشاوس تجارة المخدرات وبيع الاسمنت الأردني إلى إسرائيل لخنق الفلسطينيين بواسطة الجدار العازل.
ومنذ حادثة الاعتداء السافر الإجرامي على قافلة الحرية، لم نسمع من الأنظمة العربية إلا الشجب والاستنكار واستدعاء السفراء ليقدموا لهم كؤوس العصير المنعش، مع ابتسامات تملأ الأشداق، ثم يودعون السفير الإسرائيلي حتى بوابة سفارته معززاً مكرماً.
أعتقد أن على أنظمتنا أن تعي أن سر بقاء الدول هو تبني أنظمة حكم قوية لإرادات الشعوب، وليس العكس كما هو عند العرب، وإلا، فإننا جميعاً لا نستحق البقاء في عالم باتت فيه الكرامة الوطنية خطاً أحمر لا يجوز الاقتراب منه.
Karakjo&yahoo.com