أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
وزير الخارجية: غزة أصبحت مقبرة كبيرة للأطفال والقيم الإنسانية نائب أردنية تسأل عن الشركة المصنعة لعدادات العقبة القسام توقع قوة إسرائيلية في كمين ببيت لاهيا النواب يناقش رده على خطاب العرش في جلسة مغلقة شهداء ومصابون بقصف الاحتلال لمنزل في رفح جنوبي قطاع غزة بـ99 دولارا .. ترمب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا (كارت أحمر) مرتقب من ترامب للمتحولين جنسيا بالجيش الأمريكي العلوم والتكنولوجيا والألمانية الأردنية والحسين التقنية تطلق شراكات بحثية وأكاديمية تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL إطلاق منصة الابحاث والابتكار المائية. الخط الحديدي الحجازي الأردني يعلن إيقافا مؤقتا لرحلات القطار السياحية مذكرة تفاهم لتوليد 400 ألف طن سنويا من الأمونيا الخضراء إربد .. البندورة والزهرة بـ40 قرش في السوق المركزي هكذا عقّب سفير أمريكي أسبق على إمكانية اعتقال نتنياهو .. ماذا قال؟ إعلان موعد بدء استقبال طلبات منح رخصة الكاتب العدل اصابة 4 أشخاص بحادث تدهور باص على طريق الزرقاء - المفرق إيران تنفي التورط بمقتل حاخام يهودي بالإمارات واشنطن تدرس نشر قوات في اليابان في حال حدوث أزمة مرتبطة بتايوان توقع الانتهاء من تنفيذ مشروع قابلية نقل الأرقام مع بداية عام 2026 تعليق الدراسة ببلديات إسرائيلية عديدة بعد تصعيد أمس

القارئ والنص ..

03-06-2010 10:02 PM

عندما تحدثت عن القارئ في مقالتي حول جدلية العلاقة بين الكاتب والقارئ لم اقتصر بقصدي بالقارئ أو المثقف الذي يحضا بالمعرفة أو العلم والمتمرس بالتثقيف فقط بل الممتلك للحدود الدنيا من صفات المثقف وسماته وأدواته بالربط والتحليل وطرقة بالتعامل مع النص وتأويلاته ، و قصدت أيضا كل شخص يمكن أن يقرأ شريطة امتلكه أساسيات القراءة ؛كأن يعرف اللغة التي يقرأ بها وأدواتها وقواعدها ونظمها ومكوناتها وقصدت أيضا القارئ الذي يجهد من اجل القراءة ذاتها ليحقق المتعة وصولا إلى الحرية حتى يخرج من دوائر السيطرة المتماثلة من المجتمع ، التراث ، البيئة ، التاريخ ، الإرث الحضاري ، الدين والنص القدوة وحتى الصدفة وحتى دواخله وما يسيطر عليها من الشهوات واللذات مع مراعاة الحفاظ على الإرث الأخلاقي والقيم الإنسانية الروحية ، لنصل بذلك إلى القارئ الحقيقي الذي يستمتع ( وهي درجة من درجة المتعة ) بما يقرأ ويتحرر من القيود جميعها ليكون أكثر فاعلية في عمليات التعامل مع النص بتأويله وتفسيره ونقده وتفكيكه إلى بنى ومن ثم إعادة ربطها وجمعها بصورة جديدة ابتكاريه وهذا التأويل يرجع فضله للنص وليس إلى أي شيء أخر ، من اجل العلم والمعرفة ذاتهما.

      وإذا علمنا أن حركة الثقافة تعتمد في أساسها على إحلال نظام فكري جديد مكان نظام فكري قديم غير قادر على تلبية احتياجات زمانه وأدواته ومناهج تفكيره ، القائم على فكرة التقويض ولن يتم الإحلال أو التقويض إلى بما يرافقه من ارتفاع في المستوى الثقافي على الصعيد الجماعي للمجتمعات الشعبية والطبقية و حتى يأخذ المستوى الثقافي شكله الشعبي الذي لا يمكن تحديده وهذا ما ذهب إليه غرامشي " كل حركة ثقافية تريد أن تستبدل الرأي والتصورات القديمة المتعلقة بالعالم عامة... يجب أن تدأب في رفع المستوى الفكري للطبقات الشعبية أكثر فأكثر وذلك كي تعطي شخصية للعنصر الشعبي الذي لا شكل له " .

      الأمر الذي يدفع بنا إلى التعرف على صور المثقف وتميزها بين المثقف العضوي والمثقف التقليدي ، وأول من أورد صور المثقف هو غرامشي فقسهما إلى قسمين ، الأول : مثقف عضوي ، يشارك في المجتمع ويتفاعل معه برفض السلبيات مثلا ومعارضة الفساد وشاعرا بهموم الناس عامة ومشاكلهم حتى لو كان كما سمي من خونة الثقافة أو مثقف السلطة عند ادوارد سعيد في كتابة " صور المثقف " الذي يسعى إلى خدمة مصالحة الشخصية أولا ولكنه يحقق مصلحة نفعية للمجتمع بما تقتضيه مصلحته الشخصية ومن خلالها . ومثقف تقليدي، المطالب بالحدود الدنيا من متطلبات الحياة كالطعام و الشراب وغيرها وليس عنده هم غير هذا إلى حد ما مع بعض الاستثناء في بعض الأحيان . وهناك " المثقف الناقد" وهو الذي يقوم بمراجعة المسلمات والقيم ويطرح قضايا فكرية ملتبسة و له صور متعددة منها : المثقف المواجه لهموم الذات ، المثقف الفوضوي ، المثقف المتمرد ، والمثقف العدمي ، والذي يهتم بالقضايا العامة والشعبية ويدافع عنها وهموم الناس ومشاكلهم .

      فقد شهد العقد المذكور صدور مجموعة من الكتب التي تندرج في إطار نقد المثقف باحثة عن الطريق إلى المستقبل، ومنها كتاب : محمد عابد الجابري "المثقفون في الحضارة العربية، 1996" وعلي حرب "أوهام النخبة، 1996" وعلي أومليل "السلطة السياسية والسلطة الثقافية، 1996" وإدوارد سعيد "صور المثقف، 1996" وفهمي جدعان "الطريق إلى المستقبل، 1996" وعبد الإله بلقزيز "نهاية الداعية، 2000" وغيرها كثير .

      وعندما تقرأ هذا تشعر وكأني ادفع بك إلى نظرية النص من وجودية سارتر إلى حفريات فوكو ، والى نظرية التلقي ، فبينهما علاقة مشتركة فعالة بين النص والقارئ المتلقي. أي إن الفهم الحقيقي للنص ينطلق من القارئ الذي هو المنتج الحقيقي للنص، ثم يعيد الاعتبار له كونه هو المرسل إليه والمستقبل للنص ومستهلكه، وهو الذي يعيد إنتاجه نقدا وتفاعلا وحوارا وبذلك يكون النص مبدعا ، فالكاتب قارئ لمجموعة نصوص سابقة ، وبسبب طرق عرض النص دفع بالقارئ إلى إنزيحات جديدة ، أدت بدورها إلى إنتاج النص الجديد بانزيحاته وإيماءاته المختلفة عن النص الأول .

      صحيح أن الوجودية بدأت بانتشارها الواسع بعد الحرب العالمية الأولى على يد سارتر مستغل ما صنعته الحرب من دمار وفتك بالإنسان و القضاء على وجوده الإنساني بسبب خطورتها وبشاعتها ظهرت الوجودية مستغله وضع الحروب وويلاتها ونادت بحرية الإنسان بدون ضابط أو قيد ، وهذا النوع من التفكير فيه الحاد وإلغاء للوجود الإنساني ، والتي أدت خاصة في المجتمع الأوروبية إلى الانغماس في الشهوات والملذات والإباحة الجنسية وزادها سواء انتشارها بين فئة الشباب والمراهقين ، بمعنى أنها غالت كثيرا في قيمة الإنسان وتفرده وانه صاحب إرادة حرة وليس بحاجة إلى من يوجهه ، ونادت بضرورة التخلي عن الماضي وطرحه جانبا وعن الدين وعن كل القيود الاجتماعية أو الفلسفية أو المنطقية ، وبذلك تكون الوجودية مذهب الحادي يلغي الدين والقيم الدينية والأخلاقية ، لدرجة أنها تعتبر الحياة سخف تورث الهم والقلق والخوف على أساس قاعدتها القائمة على العدم والتعطيل .فأي نظرية سنأخذ فهي تعطل الحياة وتشيع الفساد والإباحية والتحلل الأخلاقي التي بدأت تنتشر بين شبابنا العربية الإسلامي من دون علم منهم بذلك او من دون قصد .

      وصولا إلى البنيوية التفكيكية التي قضت وقوضت الفكر الوجودي ونسفته نسفا بالغا وحلت مكانه بناءا على قاعدة التقويض والإحلال و غيرت من مفهوم النص كثيرا ومن سلطة القارئ  .

      هناك خلط واضح بين البنيوية والتفكيكية علما أنهما ينتمين إلى المشروع ما بعد حداثي ، فالبنيوية أقدم من التفكيكية القائمة على أساس أن النص مستقل عن كل المؤثرات الخارجية بما فيها المؤلف أي سلطته ،وان النص بمجرد الانتهاء من كتابته فهو نص منتهي مغلق و تأويلاته تحال للنص نفسه لا لي غيره على عكس التفكيكية التي جاء بها رائدها جاك دريدا الذي اعتبر التفكيكية منهج للقراءة أي بمعنى أن السلطة فيها للقارئ وليس لأي كان بدأ من المؤلف وانتهاء بالظروف والمؤثرات ، ونظرت للنص نظرة الدائم المنفتح الذي لا ينتهي بمعنى أن القارئ يعمل فيه الفكر مستخدما كل أدوات النقد و التحليل بتفكيك النص الذي يحوي مجموعة من البنى الداخلية فيه التي عليه اكتشافها وتفرديها ومعاملاتها على أنها بنى مختلفة متناقضة ثم إعادة نظمها ( ربطها ) بطريقة جديدة ونص أخرى لذلك قالت التفكيكية إن النص غير منتهي ولا مغلق بمعنى أن بداخله نصوص كثيرة بعدد قرأه الذين يقرؤه ، لذلك على القارئ دائما أن يفكك رموزه ويعيد كتابته من جديد وهكذا .

        وأثناء قيام القارئ بقراءة للنص يمر في مرحلتين هما : مرحلة التفكيك ثم مرحلة التركيب وأساسهما اللغة وليس أي مؤثر أخر خارج حدود النص  . بمعنى أن المنهج البنيوي يعتمد في دراسته على ركيزتين هما : البنية وموت الكاتب، أي دراسة النص من الداخل في درجة الصفر في الكتابة وهذا ما يسمى عند البنيويين بموت الكاتب أي عدم الاهتمام بشخصيته و لا بالظروف المحيطة به . وقد استفادت البنيوية من علوم أخرى كاللسانيات و الأنتروبولوجيا و علم النفس ، لكنها ظلت أداة للنظر وتحليل النصوص ولم تتطور إلى علم قائم بذاته . ويسمى هذا الحقل المعرفي في المشروع ما بعد حداثي أو ما بعد الحداثة ومن رواده نيتشه ، مارتن هيدقر ، جاك لاكان وميشال فوكو وجاك دريدا.والحديث عنه طويل وشائك ولم تفهم كل مشاريع الرواد بعد بسبب غموضها وتناقضها في بعض الأحيان .

      حلمي درادكه أبو احمد





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع