بقلم:مهدي أنيس جرادات
العالم كلّه صاح من نومه فجر 31 أيار الحالي ليرى مجزرة أسطول الحرية في قاع البحر الأبيض المتوسط..العالم كلّه رأى عبر وسائل الإعلام هول وفظاعة الجريمة التي نفّذتها ماتسمّى بقوات البحرية الصّهيونية ضد المئات من المتضامنين الدوليين العزّل والتي ذهب ضحيتها العشرات بين شهيد وجريح،هذه المجزرة أثبتت للعالم الحر أنّ العصابات الصّهيونية تكره الأغيار وتكره في نفس الوقت كلّ من يقترب من أمن الصهاينة حتّى لوكانت تلك المسافة مامقداره شبرواحد فقط.فالآلة العسكرية والسياسية الصّهيونية تسعى كلّ منهما إلى تنفيذ لغة الدّم وذلك لتحقيق مأرب ومصالح تصب كلّها في مصلحة الكيان الصّهيوني الغاصب.
ولنتسائل نحن أصحاب العقول النيّرة لماذا قام الكيان الصّهيوني الآن بهذه القعلة النّكراء وهم يعلمون كلّ العلم أنّ هؤلاء ليسوا بإرهابيين وإنّما دعاة للحرية والسلام؟ولماذا كانت العقول العسكرية الصّهيونية مصرة على إرتكاب هذا الفعل الإجرامي في عرض البحر بالرّغم أنّهم يعلمون أنّهم ينتمون إلى 50 دولة وحكومات بعض دولهم ترتبط بالكيان الصّهيوني علاقات سياسية وإقتصادية وعسكرية؟ أليس علينا الآن أن نقرّر أنّ هذه المسرحية الدرامية كانت مكسب للكيان الصّهيوني بشكل كبير؟ أي بمعنى آخر ليس لأنّهم سيطروا على سفن الأسطول وإرتكبوا تلك المجزرة فقط،ومنعوا الجهود الخيّرة من الوصول إلى قطاع غزّة الصّامد.بل هناك حدث زلزل الكيان الصّهيوني قبل حدوث المجزرة فأراد الكيان الصّهيوني أن يوظّف تلك الجريمة ليبعد الرأي العام العالمي عن هذه الفضيحة.
فكانت تلك المجزرة معدّة مسبقاً ،حيث نسّقت عن طريق مخرج المسرحية الحكواتي وهي بالإشارة إلى دولة عربية شقيقة ومازالت ترتمي في الحضن العربي العتيد،وكان الثعلب وهو بالإشارة إلى الكيان الصّهيوني ممثل هذه المسرحية،وكان علينا لزاماً أن نقرّر أن هذه المجزرة جاءت بشكل متعمّد ،حيث من خلال إعترافات بعض المتضامنين الدّوليين الّذين كانوا على سفينة مرمرة التركية والّتي وقعت بها المجزرة،يتبيّن لنا أنّه منذ لحظة إنطلاق أسطول الحرية من قبرص إلى غزّة كانت هناك أجهزة تجسس صهيونية على متنها، فأستطاعت المخابرات الصّهيونية خلالها إلى الإستماع إلى جميع أنواع المحادثات المتداولة بينهم .فكيف كان ذلك؟ نعتقد أنّ الجواب عندكم،وعلى هذا الأساس لا أتفق مع المحللين والكتاب السياسيين حول تحليلهم لهذه المجزرة ،ولهذا كان يجب عليّ أن أجتهد لتحليل الحدث من أوسع أبوابه فخلصت إلى الآتي:
قبل أيّام من حدوث المجزرة أصيب الكيان الصّهيوني بالشلل بعد قيام الباحث الأمريكي \"ساتا بولاكوف سورانسكي\" بكشف وثائق خطيرة لصحيفة الغارديان البريطانية مفادها أنّ الكيان الصّهيوني عرض عام 1975 بواسطة الإرهابي شمعون بيريز رئيس ما يسمّى الكيان الصّهيوني بيع روؤس حربية نووية إلى نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ،وأعتبر ذلك أول دليل يثبت بالوثائق إمتلاك الكيان الصّهيوني للأسلحة النووية ،وهذا بالعلم أن ّوسائل الإعلام العالمية كانت توجّه أنظارها إلى هذه الفضيحة المدوّية ..ولكن أراد الكيان الإجرامي أن يصرف النّظر ويوجّه الرأي العالمي نحو هذه المجزرة ليشغل الدول التي ينتمي إليها هؤلاء المتضامنين الدّوليين بقضية الرّهائن الّين يقدّر عددهم أكثر من 600 متضامن ومتضامنة.
وهذا السيناريو الّذي طبّقه الكيان الصّهيوني بمعاونة الحكواتي هو شبيه بهروب الصّهاينة من فضيحة سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين،وهذا ما كشفه الصحفي السويدي \"دونالد بوستروم\" عندما كتب مقالاً بعنوان\"أبناؤنا ذهبت أعضاؤهم\" في صحيفة أفتون بلاديت السويدية في السابع عشر من آب 2009 ،عندها تبرعت السلطة الفلسطينية في الثاني من تشرين أول 2009 وبأمر من الحكواتي بأن طلبت تأجيل النظر بقرار القاضي غولدستون المكلّف بالنّظر إلى جرائم هولوكوست غزّة، وذلك لصرف النّظر عن ماكشفه بوستروم ..وعندما ننظر إلى هذا السيناريوهان سنجد دقة التشابه في التنفيذ والأداء ورسم الخرائط من أجل عدم إصابة الكيان الصّهيوني بأيّة شوكة، وسنرى في الأيّام القادمة صدق ما أقول.
فإذاً الخسارة كانت لتركيا وشعبها وكذلك حركة حماس وحليفتها إيران والمكسب فقط للكيان الصّهيوني بالدّرجة الأولى ،فعلينا أن لا نتوجّه إلى العاطفة، فيجب الحكم على الحدث ودراسته ومن ثمّ نستطيع توزين الأمور بدقّة ، ولهذا فإنّ العالم مشغول ومشتاق إلى مجريات بطولة كأس العالم في جنوب أفريقيا والتي ستبدأ في الحادي عشر من حزيران الحالي ،وعندها أتت الفرصة المناسبة للفلفة جرائم الصّهاينة على قاعدة \"كما هربوا من فضيحة غولدستون سيهربون الآن من هذه المجزرة المروّعة\"، فالكيان الغاصب وبمساعدة عملائه قادر على تحويل العالم إلى مسرحيات لايدفع ثمنها إلاً الأبرياء فقط.