إن العديد من الدول عبر الكرة الأرضية ناضلت ولا زالت شعوبها تناضل من أجل الحصول على حريتها ، أما نحن فلا .. فقد ذهب الهاشميون الأبرار إلى إطلاق مبادئ \" الحرية ، وترسيخ مفهوم \" الديمقراطية \" ومنحها للشعب الأردني ليحفظوا لهذا الشعب حقه في التعبير بكل جرأة وشفافية ، ووفروا له أغلب ما توصل إليه العلم من وسائل التكنولوجيا الحديثة من أجل إيصال المعلومة وبثها دون خوف أو تردد ، في حين أن العديد من الشعوب في العالم لا زالت تتناحر وبصورة دموية للوصول إلى العتبات الأولى لمفهوم \" الديمقراطية \" أو العيش بكرامة الإنسان بحده الأدنى ..!!
إن هذه المنحة \" وبكل ما تعنيه من معنى \" التي منحها الهاشميون لهذا الشعب العاشق لتراب هذا الوطن والوفي لقيادته الحكيمة ، يجب تقديرها خير تقدير وجعلها لنا نبراساً بين العيون ، والحفاظ عليها من أي مسٍ مقصود ، ولا بد من التعامل مع هذه المنحة الملكية بكل أمانة وإخلاص ، وبرؤية ثاقبة في من نحن بأشد الحاجة لجرأتهم تحت قبة البرلمان وإيصال همومنا واحتياجاتنا والمناداة بها عبر فضاءه دون تردد أو محاباة ، ودون البحث عن أطماع شخصية ، وبعيداً عن \" الوزرنة \" التي كانت \" الشاغل الأكبر \" للعديد من نوابنا السابقين الذين كانوا يرون في المنصب الوزاري أكثر نفوذاً وجاهاً ، وتخلّوا عن الهدف السامي الذي انتخبهم الشعب من أجله ، فمنهم من سنحت له الفرصة في اعتلاء كرسي \" الوزرنة \" ، ومنهم من لم يحالفه سوء الطالع لذلك ، فذهب للمحاباة بين معتليي هذه المناصب للحصول على ما قد يبقيه في نظر منتخبيه أنه \" خدوم وذو نفوذ \" ، وذلك على حساب المهمة الأسمى وهيّ \" التشريع ومراقبة الأداء الحكومي \" ..!!
لقد سئمنا وعود تلك المجالس النيابية السابقة ، وتحملنا مشاهدة العديد من المهاترات \" \" غير اللائقة \" من على ألسن نوابها ، وصلت حدً \" رفع اليد والشتم \" دون أدنى احترام لمكانة المجلس و قبته التي من أجلها جاهد العديد من النواب و باعوا الغالي والنفيس لبلوغها والجلوس في فنائها ، وبدلاً من أن يرتفع صوت الحق ، ارتفعت صوت المهاترات الشخصية اللامسؤولة تجاه هذا المنصب الوطني .. !!
لذلك وبعد الفراغ التشريعي الذي نعيشه الآن ، وبعد طول انتظار لقانون الانتخابات النيابية الجديد الذي صدر مؤخراً ، وأخذ صبغة الإقرار القطعي بعد أن توشح بالإرادة الملكية السامية .. ليأذن جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين \" أمد الله في عمره وأعز ملكه \" لشعبه بممارسة حقه الانتخابي في اختيار من يمثله ويوصل كلمته وأوجاعه بكل أمانة وإخلاص إلى فِناء قبة البرلمان ..!!
ولا نريد هنا وفي سياق هذه الأسطر ، التكهن مسبقاً عن مدى فاعلية المجلس القادم من عدمه ، ولا نريد استباق الأحداث من الآن ، ولكن الأمل سيبقى معقوداً على الضمائر الحيّة للناخبين ، أما المرشحون فنأمل أن يكونوا على قدر \" أهل العزم \" ، وأن تخلو أجندتهم وبرامجهم \" الانتخابية \" من الاستخفاف بعقل الناخب والمزايدة على همومه وأوجاعه ، أو اقتناص الجانب المظلم الذي يعاني منه ، بل يجب أن يتلمسوا \" همّ ووجع \" هذا الشعب الكادح ، القابع بآلامه تحت خط الفقر والجوع ، الذي ما فتئ يبحث عن من يقفز به فوق ذاك الخط ، إلى حياة أقل بؤساً وإيلاماً ، بعيداً عن الوعود أو شراء الضمائر والمقايضات المشروطة بين المرشح والناخب أي بمعنى \" صوت مقابل خدمة \" يراد منها الوصولية ..!!
إن الأطماع البشرية ليس لها حدود ، ولكن الأطماع الشخصية والفردية سرعان ما تزول ، أما القوانين والتشريعات العامة ورغم حدوث بعض التعديلات عليها أحياناً إلا أن هدفها ثابت لصالح المجتمع والوطن بشكل عام ..!!
من هنا ومن باب التجارب السابقة في الانتخابات النيابية ، وما لمسناه كمواطنين من تجاوزات وعدم جدوى \" شراء الضمائر \" التي لم ولن تأخذ بأيدينا إلى الأمام ، بل على العكس من ذلك ، قد تجرنا جراً إلى أيامٍ كنا نتطلع فيها لبصيص أملٍ يخرجنا من عتمتها إلى نور مستقبل مضيء يحفظ لنا كراماتنا واستقرارنا ..!!
قد يكون قانون الانتخاب الجديد قد طرأ عليه بعض التعديلات التي حدّت من بعض الامتيازات التي كانت ممنوحة للنواب في المجالس البرلمانية السابقة .. وضيّق على المرشحين أيضاً المساحة الانتخابية ، فقسم المملكة إلى دوائر انتخابية ودوائر فرعية فيها .. والتي أرى فيها نوع من العدالة في التوزيع النيابي ، التي من الممكن أن تخدم أغلب التجمعات السكانية حيث أنه لن يتكرر ما حصل في المجالس السابقة ألتي أفرز قانون الانتخابات السابق أكثر من نائب من بلدة أو مدينة واحدة على حساب البلدات الأخرى المشاركة بذات الدائرة الانتخابية ، ما يعني أن انتفت حينها صفة العدالة ، فكانت خدمة بلدتهم وأبنائها \" أي النواب \" مقدمة على خدمة البلدات الأخرى التي تقع ضمن دائرتهم الانتخابية .. ولكن هذا بالتالي لا ينفي أن النائب هو نائب وطن أو نائب دائرة انتخابية ..!! م . سالم أحمد عكور akoursalem@yahoo.com