زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - دخلت النخبة السياسية الأردنية في مساحة ممتدة من الحيرة وتحسس الرؤوس مباشرة بعد خطاب مهم للعاهل الملك عبدلله الثاني لوح فيه وبوضوح بالكشف عن أسماء من وصفهم بمثيري ‘الفتنة’ في بلاده من المصرين على تكرار نغمة ‘الوطن البديل’.
موجة عاتية بعد دقائق من التهديد الملكي أدخلت الصالونات والأوساط السياسية في مستوى توقع مفاجأة ملكية لاحقة في السياق نفسه حيث توجهت أصابع الإتهام لمسؤولين سابقين ونشطاء في الساحة المحلية ولموظفين متقاعدين بالعمل منهجيا على توتير الشارع العام بدعوى التوطين والوطن البديل.
المفاجأة يمكن توقعها من الآن فالملك ووسط أركان الحكم والدولة وسلطة التشريع قال إنه يعرف شخصيا الذين يحترفون إقلاق المجتمع بالإشارة للوطن البديل في تهمة طالما تم توجيهها لمؤسسات الحكم والقرار ومن قبل مسؤولين سابقين على هامش الجدل حول خطة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.
هذه التهمة لا مبرر لها وتنطوي على محاولة خداع واضحة على حساب الحقيقة كما ألمح الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الشيخ حمزة منصور وهو يسأل أمام ‘القدس العربي’ : عن أي وطن بديل يتحدث الأدعياء؟.
وجهة نظر الشيخ منصور أن الوطن البديل عبارة عن ‘فرية’ إخترعها البعض لإقلاق الأردنيين مشيرا لأن الشعب الفلسطيني لم يؤمن يوما بالوطن البديل حتى عندما قامت دولة وحدة الضفتين.
الملك وفي الخطبة الشهيرة التي أثارت عاصفة من الجدل وعد بالكشف عن مروجي هذه الفرية واعتبر الوطن البديل مجرد ‘وهم’ لكن في رسائل لقائه مع نخبة السلطة التشريعية تمكن مراقبون من تلمس ‘انتقادات’ ضمنية لعدد من المسؤولين الذين استمعوا للخطاب ولا يقومون بواجبهم في التصدي لهذه الكذبة.
مضمون خطاب الملك يبدو منصفا في تقييم المشهد الداخلي على حد تعبيرعضو البرلمان محمد حجوج والملك وجه رسالة قاسية وخشنة ضد من يثيرون الفتنة ويحاولون تأزيم المجتمع حسب نائب رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي الذي وضع ‘القدس العربي’ بصورة الخطاب الملكي الجاد الذي يحاول الرد وبلغة قوية على كل من يزعم أو يتزعم محاولات التوتير وإشاعة الإضطراب.
الصفدي شرح لـ’القدس العربي’: الواقع الداخلي كان بحاجة ملحة لمداخلة ملكية حاسمة من هذا النوع ترد على المرتجفين والمترددين الذين يسقطون من حساباتهم متانة الجبهة الداخلية وقوة مؤسسة القرار والثقة العالية بالنفس وفقا للرؤية الملكية التي تؤكد أن الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين وأن تلك عبارة عن حقيقة وطنية أردنية عابرة للإفتراضات والتخيلات والمشاريع السياسية.
إشارات العاهل الأردني بالخصوص أمس الأول أربكت النخبة السياسية ودفعت كثيرين لتحسس رؤوسهم خصوصا مع القناعة أن الرسالة في مضمونها قد تشمل شخصيات في مؤسسة الإدارة سابقا وحاليا.
والسبب في الإرباك له علاقة مباشرة بالسياق الحازم الذي عرض من خلاله ‘الإنذار الملكي’ عمليا للنخب المناكفة والمشاغبة من داخل المؤسسة وخارجها حيث عرض الملك شريط فيديو يتضمن تأكيداته المتتالية على مدار سنوات بعدم وجود ما يبرر الخوف من الوطن البديل.
المسألة التي لم يشر أ ليها الإعلام الأردني تمثلت في أن القصر الملكي وخلال جملته الإنفعالية ضد متهمي الدولة بالموافقة على الوطن البديل ألمح إلى أن شريط الفيديو المقبل في السياق نفسه قد يتضمن ‘تسجيلات’ لخطب ومداخلات هؤلاء المعنيين بالهجمة الملكية المعاكسة التي تعيد وضع الأمور في نصابها الحيوي والأساسي كما يرى رئيس مجلس النواب عاطف طراونة.
هذه التسجيلات كما علمت ‘القدس العربي’ موجودة بين يدي المؤسسة الرسمية والإشارة لها يشكل أدلة ثابتة ومباشرة ستحرج العديد من رؤوس إدارة الفتنة في المملكة في الوسطين الإجتماعي والسياسي.
برأي مراقبين سياسيين أن خلفيات المداخلة الملكية التي سيطرت على أجواء النقاش في البلاد طوال الـ48 ساعة الماضية لا تقف عند حدود السعي لحسم الجدل حول الوطن البديل بقدر ما تمهد الطريق سياسيا أمام ضبط إيقاع النخب السياسية في المرحلة اللاحقة التي يجلس فيها الأردن في موقع متقدم جدا ومؤثر في معادلة القرار الأمريكي خصوصا في ظل تواتر الحديث عن احتمالات مشروع كيري وجلوس الأردن على كرسي رئاسة مجلس الأمن والمعالجات المقترحة للملفين السوري والفلسطيني.
الإنذار الملكي بهذا المعنى قد يكون عبارة عن جملة مقصودة سياسيا تسبق عدة قرارات مهمة على الصعيد المرجعي والنخبوي وهي قرارات لن تخرج عن سياق تخلص المؤسسة وبقرار سياسي من المناكفين والمشاغبين أو الذين يغردون خارج السرب خصوصا من الجالسين أصلا في حضن النظام والدولة.
القدس العربي