الكاتب : الشيخ محمد عايد الهدبان
(( الحلقة الثانية : الاقتصاد الإيراني )))
تكلمنا في حلقتنا الأولى من سلسلة الحرب على إيران عن الحدود الإيرانية وتطرقنا الى نقاط القوة ونقاط الضعف فيها وعن طبيعة الحدود الداخلية بين المدن وطبيعة توزيع السكان من مؤيد وغير مؤيد ...
واليوم نتطرق الى موضوع مهم جدا وهو الكلام عن الاقتصاد ... لأن الاقتصاد في أي دولة هو سبب قوتها او ضعفها ، فعلى سبيل المثال هناك دول منعت من صنع الأسلحة كاليابان وألمانية ولكنها متفوقة جدا في الاقتصاد لهذا تعتبر من الدول المتقدمة والتي يحسب لها الف حساب ، ويحسب لها بين الدول انها دول عظمى و تتجنبها الدول في كل مشكلة بعيدا عن المشاكل حيث تبحث بعض الدول عن إرضائها وعلى النقيض من ذلك هناك دول تقدمت عسكريا ولكنها ضعيفة اقتصاديا على سبيل المثال كوريا الشمالية ، حيث ضعف اقتصادها يضعها في متاهة لا متناهية على عكس جارتها كوريا الجنوبية التي تتمتع باقتصاد قوي و ايضا بتسليح جيد وبصناعة بعض الأسلحة الدفاعية ، وعلى شاكلتها بعض الدول مثل سويسرا والسويد وبلجيكا حيث عندها اقتصاد مستقر وصناعة أسلحة متقدمة جدا دفاعية مع ان بعضها لا يملك جيشا انما هي نظرة اقتصادية من هذه الدول ....
وهنا ننظر الى موضوعنا وركيزة كلامنا عن ايران ونظرتنا اليها من ناحية اقتصادية .. حيث قبل ان اشرع في الكلام عن اقتصاد ايران وعن قوته او ضعفه ابدأ ببعض المرتكزات التي ينبني عليها كل كلامنا هو حجم صادراتها واستيرادها ... حيث بلغت صادراتها تقريبا الى مستوى 50 مليار دولار السنوات القريبة وهذا يشمل السلع الغير نفطية و الغريب في الأمر ان صادراتها الغير نفطية بلغت ما يقارب 25 مليار دولار ويعملون الى رفعها كما قلنا الى 50 مليار دولار ... وبلغت مع الصادرات النفطية ما يقارب 75 مليار دولار .
حيث عملت على تنويع صادراتها وعدم الاعتماد فقط على الصادرات النفطية والسبب يعود الى \"\" سنوات الثمانينيات تعرّضت إيران لصدمات البترول بسبب اعتمادها على صادراته، ومن هنا وجد اتجاه في إيران نحو إنقاص الاعتماد على صناعة وتصدير البترول والسعي إلى إعادة هيكلة الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل \"\" لذلك اذا نظرنا نظرة شمولية لما حدث وجدنا ان إيران أصبحت تعتمد على الأيدي العاملة المحلية مع كثير من الحوافز في الإنتاج حيث عملت على تحفيز الأفراد في المجال الصناعي والزراعي ... فعلى سبيل المثال أدى الاهتمام بالزراعة إلى ارتفاع نصيب الإنتاج الزراعي من الناتج القومي إلى أكثر من 36% وكما عملت على انشاء ما يقارب 9000 مشروع في سنوات قليلة الذي أدى الى توفير الكثير من فرص العمل في المجال الغذائي والزراعي وانتاج الملابس وغيرها كما اهتمت بالصناعات الثقيلة حيث \" قامت الحكومة خلال خطة التنمية الأولى بالاهتمام بالصناعات الثقيلة، فوصل إنتاج الآلات الثقيلة من صفر إلى خمسة آلاف آلة عام 1995، ومن 10 آلاف جرار إلى 20 ألف جرار، وزاد إنتاج صناعة البتر وكيماويات من 55.25 ألف طن عام 1989 إلى 107 آلاف طن عام 1995، وزاد إنتاج سيارات الكروب خلال نفس الفترة من 13 ألفًا و600 سيارة إلى 74 ألفًا و800 سيارة، وزاد إنتاج الأسمنت من 12.2 مليون طن إلى 16.9 مليون طن \" .. كما شجعت الاستثمار الخارجي حيث عملت كان هناك مجموعة من المؤشرات التي تعكس مدى الانفتاح في الاقتصاد الإيراني نحو الخارج ورغبته في جذب الاستثمارات الخارجية وهذا ما يسمى بمظاهر الانفتاح في الاقتصاد الإيراني والذي يساعد ايران في هذا الانفتاح انها غنية بالموارد الطبيعية حيث يوجد عندها غير النفط ايضا الغاز الطبيعي، والفحم، والكروميت، والنحاس، وخام الحديد، والرصاص، والمنجنيز، والزِّنك، والكبريت ... وكل هذا شجع المستثمرون مع امتياز إعفاء الماكينات والمواد الأولية المستوردة من قوانين الجمارك و للمستثمر الحق في إخراج أرباح نشاطه إلى بلده الأصلي وايضا حرية التعامل مع البنوك الوطنية والأجنبي مما جعلها بنية جيدة لرؤوس الأموال الأجنبية ...
كل هذه القوة الاقتصادية والتنامي السريع للاقتصاد الإيراني يوهم البعض انها ستكون قوة اقتصادية هائلة في العالم ولكن لو نظرنا الى الناحية الأخرى للاقتصاد الإيراني لرأينا انه مبني على أساس ضعيف ... حيث الأصل في القوة الاقتصادية لكل دولة ان يكون حجم صادراتها يفوق قيمة الواردات ، فاذا علمنا ان صادراتها كاملة بلغت 75 مليار دولار علينا ان نعلم ايضا ان قيمة الواردات هو 105 مليار دولار وهنا نجد النسبة حيث يضاف اليها مصروفات من تعليم وتسليح ومنح وخدمات ما يقارب 100 مليار دولار .. وكل هذا يسبب انعكاسه اقتصادية للقوة الاقتصادية الإيرانية ..
مع التنبيه الى أمر آخر مهم جدا في الأسباب لضعف الاقتصاد الإيراني و المعاناة التي تعيشها ايران في التضخم الذي وصل فيها الى 40 % وارتفاع البطالة الى 20 % وقد يكون سبب ذلك ضعف إنتاجية المؤسسات المحلية و بيروقراطية أجهزة الدولة المختصة ، مع نسبة عدد السكان الهائل الذي وصل الى 80 مليون نسمة الذي جعل نسبة متوسط نصيب الفرد منخفضة ما يقارب 1800 دولار وهذه نسبة منخفضة باعتبار ايران من الدول النفطية ولكن حجم السكان الهائل وضعها حالة لا تحسد عليه مع انه لا توجد أي دلالة على محاولة ايران تقليل نسبة الانجاب فيها وقد يكون ذلك بسبب مذهبي وعقائدي عندها نتكلم عنه في حينه
...... يتبع .... مع الحلقة الثالثة (( الحلقة الثالثة : السياسة الإيرانية ))
الشيخ محمد عايد الهدبان
Malhadn2000@yahoo.com
0788171870