يحاول السيد رائد الجوهري في مقاله (الحكومة تستنزف أموال الضمان الاجتماعي) أن يخلط الأمور بطريقة غير موضوعية ، ولا تحمل شيئاً من المنطق، ويأخذ الكاتب المحترم عليّ شخصياً أنني كتبت منتقداً ما تضمّنه نظام الخدمة المدنية من تقييد لحرية الموظف العام في الكتابة والتعبير عن الرأي وهو ما قلت أنه يشكّل مخالفة دستورية صريحة للمادة (15) من الدستور التي نصت على حرية المواطن في التعبير عن رأيه بالكتابة أو بالتصوير أو بغيرها من وسائل التعبير.. ويتهمني الكاتب المحترم بأنني أسكت عما يعتقده هو مخالفة دستورية في قانون الضمان الاجتماعي كونه ميّز بين متقاعد الشيخوخة ومتقاعد المبكر فربط راتب الأول بالتضخم وحرم الثاني منها إلاّ عند بلوغه سن الشيخوخة.!وأودّ هنا أن أقول للكاتب الجوهري بأنني على قناعة تامّة وأنا رجل قانون إضافة إلى كوني إعلاميّ، بأنني لا أرى أي مخالفة دستورية في هذا النصّ، ولا حتّى مجرد شبهة مخالفة دستورية، لأن منطق العدالة يقول بأنه من غير العدل أن نساوي بين منْ تقاعد على سنّ شيخوخة، وبين منْ تقاعد على سنّ مبكّرة، ولا ضير من التمييز بينهما في استحقاق علاوة التضخم السنوية عند الحصول على الراتب التقاعدي، مع أن القانون ساوى بينهما في استحقاق هذه الزيادة عند سن الشيخوخة، فمنْ تقاعد تقاعد الشيخوخة، و هو التقاعد الطبيعي عند سن 60 للذكور، وسن 55 للإناث يربط رابته فوراً بالتضخم، ومنْ تقاعد قبل هذه السن، أي تقاعداً مبكرا، يُربط راتبه بالتضخم أيضاً عند بلوغه سن الشيخوخة المذكور... وهذا هو مطلق العدالة، ولو فكّرنا بالموضوع مليّاً لرأينا كم تحمل من المنطق والعدل..أما ما يتعلق بالمادة 172/ب من نظام الخدمة المدنية، فما زلت أقول بأنه ليس من حق أحد أن يُرغم أحداً على التقاعد المبكّر، والمادة المذكورة تعطي حقاً للمرجع المختص بالتعيين بإنهاء خدمات الموظف العام الخاضع لقانون الضمان بناءً على طلبه أو دون طلبه إذا استكمل شروط الحصول على التقاعد المبكر.. فاعتراضي هو على عبارة "أو دون طلبه.." فهي مقيّدة لحرية الموظف في اللجو إلى التقاعد المبكر من عدمه، والتقاعد المبكر في قانون الضمان هو بناءً على رغبة المشترك/المؤمّن عليه، ولا يجوز إرغامه عليه، وقد لا يكون في النص المذكور بنظام الخدمة ما يشي بالإرغام صراحة، لكن يُفهم منه بأنه يقيّد حرية وإرادة الموظف العام، ويُلجئة إلى التقاعد المبكر اضطراراً، وبخاصة إذا لم يكن لديه مصدر دخل آخر.. وهو ما يتعارض مع القانون، ويتعارض مع حرية الشخص التي كفلها الدستور.. أخيراً، أرجو من السيد الجوهري الذي اعتاد أن يستشهد بكثير مما أدلي به لوسائل الإعلام بصفتي ناطقاً باسم الضمان الاجتماعي، أو بما أكتبه بصفتي كاتباً وإعلامياً.. ألاّ يخلط بين الأمور بطريقة غير صحيحة.. كما آمل منه أن يميّز بين عملي الرسمي في مؤسسة الضمان، وبين مساهماتي الشخصية ككاتب له الحق في التعبير عن رأيه بكل حرية في أي قضية وطنية، فأنا لا أريد للأخ رائد الجوهري أن يخلط الأمور بالطريقة التي يفعلها، حتى لا يخطيء، فيندم..!