صادف يوم السبت 5-6-2010 الذكرى الثالثة و الأربعون لاستشهاد البطل الأردني الطيار فراس العجلوني الذي قضى في أثناء قصف جوي لمراكز طيران العدو الإسرائيلي عام 1967. وأي ذكرى أسمى من هذه لتستدعي منا إستذكار دعم الهاشميين الأزلي للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني الشقيق، و أي ذكرى أوجب من هذه لإستذكار دماء شهدائنا الزكية التي روت أرض فلسطين ممزوجة بالدم الفلسطيني الطاهر. وكيف لنا أن ننسى شهيد الحق جلالة الملك عبد الله المؤسس الذي سقط شهيد القضية برصاصة غدر على عتبات المسجد الأقصى.
فالهاشميون منذ تأسيس الأردن أخذوا على عاتقهم حل القضية الفلسطينية حلاً عادلا وشاملا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، و جعلوا هذا المطلب أولى أولويات الأردن وزرعوا فينا الإنتماء للأرض المقدسة مذ كنا طلابا على مقاعد الدراسة.
لقد قدم الأردن على مدار نصف القرن الماضي من معاناة الشعب الفلسطيني كامل الدعم والإهتمام متمثلاً بإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، قوافل الخير الهاشمية، المستشفيات الميدانية، علاج الإصابات الحرجة في المستشفيات الاردنية، الدعم المعلن والمطلق للحقوق الفلسطينية في كافة المحافل الدولية وغيرها الكثير لا يسعني حصرها أو ذكرها.
وأعظم ما يمكن ذكره وهو الشيء الذي تفرَّد به الأردن وتميز به عن غيره من العرب والمسلمين،و هو إستيعاب الأعداد الكبيرة من إخواننا الفلسطينيين المهجرين و إدخالهم في الحياة الإجتماعية والسياسية ومنحهم الجنسية الأردنية وضمان العيش الكريم والمرفه لهم كجزء لا يتجزأ من كيان الدولة الأردنية، فكان الأردن ملكا وشعبا وحكومة مثالاً حيا لأنصار رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في نصرتهم للمهاجرين وفي إقتسام قوتهم ومواردهم وحياتهم مع إخوانهم حتى لا يكاد يخلوا بيت أردني من رابط دم مع المواطنين من أصول فلسطينية.
إن الأردن والهاشميين وشعبنا الأبي أسمى وأرقى و أعظم من أن يقذف بكلام الفاسدين أو أن يكون في نطاق المقارنة مع أي بلد عربي أو إسلامي فيما يخص الولاء للقضية الفلسطينية، فالأردن كان وسيبقى الداعم الأول والأخير للقضية والنصير الذي لا يقبل المساومة على حقوق الشعب الفلسطيني المجاهد. ونحن هنا لا ننتقص من قيمة المبادرات العربية الأخرى تجاه الشعب الفلسطيني ولكن نرفض أن يتم التعتيم على الجهود الأردنية الصادقة والمتواصلة لنصرة أشقائنا الفلسطينيين.
إن الظروف التي يحيى فيها المواطنون من أصول فلسطينية في الأردن لم توفر لأي لاجيء على مر الأزمان والعصور، وأقل واجباتهم تجاه هذا الوطن الغالي هو الإنتماء الحق والذود عن حماه أمام السفهاء المغرضين الهادفين لشق صف الوحدة الوطنية الأردنية وهذا هو ما نلمسه في حياتنا اليومية.
إن أكثر المواضيع أهمية في الوقت الراهن هي حث أقطاب القيادات الفلسطينية للإجتماع حول طاولة الحوار المفتوح لحل الإنقسامات الداخلية في الجسد الفلسطيني، فآخر ما يحتاجه شعبنا المناضل هو مزيد من الفساد والإختلاف و السعي وراء المصالح الشخصية. القضية الفلسطينية ليست مدار نقاش أو اجتهاد فهي من مسلماتنا وثوابتنا والأردن أعظم من أن يساوم أو يشتري ويبيع بقضية بذل من أجلها الغالي والنفيس.
إن اللحمة الوطنية جامعةً الأردنيين والفلسطينيين في نفس البوتقة الإجتماعية والسياسية هي عماد مستقبل أمتنا و مدعاة فخرها وقوام أمنها و أمانها، فالقضية الفلسطينية التزامنا و اهتمامنا و الأردن ملكا وحكومة وشعبا معنيون بها كما تعنى الأم بأولادها، فلا مناص لنا من هذه المسؤولية التي يفرضها علينا ايماننا العميق بحق الشعب الفلسطيني المغتصب وهو أمر فطرنا عليه.
قرأت في الأيام الفائتة نتيجه لإستطلاع رأي أجراه مركز الدراسات العربي الأوروبي في العاصمة الفرنسية باريس، أوضح أن فكرة الوطن البديل غير مقبولة على الاطلاق لأغلبية من خضعوا للإستطلاع، و أثارت إعجابي الجملة التي خلص لها هذا الإستطلاع وهي " الأردن ليس جمهورية موز ولا شركة متعددة الجنسيات يمكن أن يتغير مالكيها تبعا لمن يملك الحصة الأكبر في أسهمها". ليس اقوى ولا أعمق ولا أصدق من هذه الجملة لتلجم أفواه المتؤامرين الهادفين لنشر الخوف و القلق في صفوف شعبنا الغالي.
و أود ان أؤكد هنا على أن الأردن أقوى من أن يقدم كأضحية أو أن يغرق في وحل مؤامرة الوطن البديل، فالأردن بقيادته الواعية والحكيمة الأقدر على درء كافة المخاطر التي يمكن أن تحيق به.
حفظ الله أردننا الغالي وحما وكلل بالخير خطى سيدنا جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين الذي لا يألو جهداً في قيادة الأردن لكل ما فيه خيرٌ وقوةٌ ومنعةٌ و استقرار.
بقلم: م. ذكرى الدويري
6-6-2010