عندما حدثني صديق لي عن صعوبة الحصول على رخصة قيادة في الأردن ، كان ذلك مثار إعجاب لي ولمن حولي وشعرت بفخار أن بلدي لا يمكن أن يعطي هذه الوثيقة الخطيرة لأحد إلا بعد أن يثبت كفاءته في الحصول عليها وذلك لخطورتها على أرواح العباد وكون حوادثها تعتبر السبب الثاني للوفيات في بلدنا. وقد حملت هذه الفكرة مفتخراً ومتفاخرا بها في غربتي بين الآخرين حتى عدت إلى الوطن ورأيت صديقي يقود السيارة هناك ويجد صعوبة في إيقافها أمام بيتي. وأثار ذلك استغرابي ، ولكنه أجابني وبارتياح \" بدون واسطة كان من المستحيل الحصول عليها \"...واستغربت أن يكون هناك واسطة في الحصول على رخصة قيادة ، وتساءلت هل من الممكن أن يكون هناك واسطة للحصول على رخصة للقتل ؟؟؟؟!!!
لا يستطيع أي مسؤول في إدارة السير أن ينكر واقعاً سمعته من العديد من المواطنين أنهم حصلوا على رخص قيادتهم بواسطة الواسطة المعدة مسبقا أو بواسطة اسم العشيرة المشابه للفاحص أو بواسطة معرفة أحد موظفي إدارة السير أو .. أو .. وإنكار ذلك هو من قبيل المناكفة وحجب الشمس بغربال. أما من ليس له واسطة فهو بحاجة إلى الفحص تلو الفحص من أجل الحصول على تلك الوثيقة بحجة اهتمام دائرة السير بأرواح المواطنين....وأهمية الواسطة هنا أن معظم أبناء الشعب الأردني ممن هم فوق العشرين يحتاجون لهذه الرخصة ، وهذا يبين عدد المواطنين الذين يعرفون بأمر واسطات الرخص وموضوع المناطق التي يسهل فيها أخذ الرخص بالمقارنة مع مناطق أخرى ...
إن إدارة السير مدعوة إلى إعطاء هذا الموضوع اهتماما جاداً في وضع الضوابط المناسبة لإعطاء الرخص بصورة عادلة ليس فيها تعقيد لمن لا نعرفهم وعدم إعطاء تسهيلات مضحكة لمن لهم الواسطة المطلوبة، فهذا أحد أنواع الظلم الاجتماعي الذي تمارسه إدارة السير الآن .....
ومن المواضيع الملفتة للنظر في الأردن عدم وجود حد أعلى للأعمار التي يسمح لها بالقيادة في الأردن مثل دول العالم المتقدم. فمن المعلوم أن قيادة المركبات للأشخاص ممن تبلغ أعمارهم الخامسة والسبعين عاما هو من الخطورة بمكان لهم ولمن حولهم. ومن الأفضل علمياً لهؤلاء الأشخاص أن يتجنبوا قيادة السيارات وذلك للمحافظة على وظائف الدورة الدموية والقلب بشكل أفضل، كما أن ردة فعلهم الطبيعية للصدمات المفاجئة في الطريق هي أضعف مع تقدم السن. وعلى إدارة السير أن تتوقف عن تمديد الرخص بعد ذلك العمر حتى ولو كانت الحالة العامة لديهم جيدة....
نحن نعلم جميعا الجهود التي تقوم بها دائرة السير في تخفيف الحوادث في شوارع الأردن وزيادة أعداد الرادارات التي تراقب السرعة هو من النقاط الإيجابية في بلدنا، ولكن تصحيح بعض الثغرات هو من قبيل الوصول إلى وضع أفضل .