( الدكتور عبدالناصر محمد صالح جابر الزيود* )
كيف تستقيم الأجيال ..؟ سؤال يتردد كثيرا بين أبناء المجتمع وخاصة الآباء والأمهات ، متسائلين عن كيفية قيامهم بتربية أولادهم حتى يحصلوا في النهاية على أولاد - والأولاد لفظ يشمل البنين والبنات - قد ربوا تربية حسنة صالحة حتى يكونوا في النهاية عناصر فعالة ومنتجة وصالحة في هذا المجتمع حيث أن المجتمع ما هو إلا عبارة عن مجموعة الأفراد الذين يعيشون به .
إن استقامة الأجيال أمر يشترك به الجميع من مؤسسات إعلامية أو تربوية أو غيرها من مؤسسات المجتمع التي لها تأثير وخاصة على فئات عمرية محددة من هذه الأجيال ، ولكن الحلقة الأهم والأقوى في استقامة الأجيال وصلاحها هي الأسرة وخاصة الأم والأب في هذه الأسرة ، فكلاهما عليه واجبات وحقوق يجب أن يقوم بها اتجاه من يعول ، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته ) ، فالأولاد أمانة في عنق الوالدين وهما مسؤلان عنهم مسؤولية كاملة في الدنيا والآخرة ، وبتربيتهم التربية الصحيحة المستقيمة يخرج الولدان من تبعة مسؤولية أولادهم ويكون الأولاد لوالديهم قرة عين في الدنيا والآخرة .
ولقد استهان الكثير من الآباء والأمهات بحق أولادهم بالتربية الصالحة التي تحقق الاستقامة ، وأضاعوا أولادهم ونسوهم كأن لا مسؤولية لهم عليهم ، لا يتابعونهم ولا يسألونهم عن شئ ولا يتعرفون على أصدقاؤهم ولا يوجهونهم التوجيه الصحيح اللازم للتربية المستقيمة تاركين الأولاد لأنفسهم ورفقاء السوء غارقين بالأخطاء ، ومن ثم نلقي اللوم عندما يفوت الأوان على غيرنا في فساد أولادنا , معتقدين أن الأولاد يحتاجون فقط المأكل والملبس وإغداق النقود عليهم ، متناسين أن هؤلاء الأولاد يحتاجون إلى الأهم من ذلك وهو العناية النفسية والتوجيه الصحيح وخاصة في السن الخطرة لهؤلاء الأولاد ، وتعريفهم بمواطن الخطر والإنزلقات لكي يتجنبوها والأخذ بأيديهم للوصول إلى بر السلامة .
فالمسؤولية كبيرة على الآباء والأمهات...وعلى المدرسين والمدرسات...وعلى العلماء وذوي الأقلام...والحلقة الأهم والأقوى في هذه المسؤولية هي الحلقة الأولى الأم والأب ، فان صلحت فما بعدها هين وبسيط ، وهؤلاء جميعا عليهم مسؤولية اتجاه استقامة الأجيال ، ويستطيعون تهيئة الأسباب ، وصناعة الجو المناسب لتنشئة الجيل المستقيم ، لما فيه صلاح المجتمع كاملا والبعد به عن مواطن الفساد والانحلال وإدمان المخدرات والسموم والتمثل بعادات وتقاليد ليست من طبيعة ولا من مبادئ مجتمعاتنا الصالحة الخيرة ، إنما هي دخيلة علينا من الواجب على الجميع أن يتكاتف لمحاربتها والقضاء عليها .
وأخيرا أقول وفقنا الله جميعا لتربية أولادنا وتنمية مداركهم والوصول بهم إلى بر السلامة والأمان للحصول على مجتمع يتحلى بالاستقامة والسمو والأخلاق الحميدة بإذن الله .
أستاذ مساعد في كلية الشريعة والقانون
جامعة العلوم الإسلامية العالمية
www.jaberabd@yahoo.com