رحم الله الخطّاب...؛ ما أنِ إستفاق بعد أن طعنه ذلك السّافل (المجوسيّ) وهو يؤمّ الناس في صلاة الفجر؛ إلّا واستفاق قبل طلوع الشمس ببرهة، فالتفت يميناً وشمالاً والنّاس يبكون من هول ما حدث، لينظر لإبنه عبدالله وقائلاً بلهفة وتعجّل: أصلّى النّاس؟ قال: صلّوّا، فقال: الحمد لله...؛ فلا حظّ في الإسلام لمن ترك الصّلاة، فطلب الماء، فناوله عبدالله الماء ليشرب، فقال: ناولني ماءً لأتوضأ، فإنّي لم أصلّي الفجر...! وما أن توضأ وصلّى وهلّل وسبّح...؛ التفت للناس متسائلاً: من قتلني؟ قالوا: قتلك الغلام (المجوسيّ)، فقال: الحمد لله الذي جعل موتي على رجلٍ لا يُحآجّني بسجدة سجدها لله قط...!
ما أتقاك في أمانات الله يابن الخطاب! فلم تشغلك روحك عن أعظم حدّ من حدود الله، فلم تسأل عن جرحك أبليغ أم بسيط، أمميت أم معيق، بل كان همّك هو: أصلّى النّاس...؛ يالله...! كيف هذا والله أقرب إلى عمر من حبل وريده؟! لقد عرفت الله وعبدته وكأنّك تراه يا عمر! فلا غرابة أو ضيرٍ في أن تتساوى الحياة فيك مع الموت...!
وما أورعك! إذ لم تقل الحمد لله الذي جعل موتي على رجلٍ أعجميّ، أو عربيّ، أو فقيرٍ ليس غنيّاً، أو حرّ ليس عبداً....، فلا فضل عندك لعربيّ على أعجمي أو أسود على أبيض إلّا بالتّقوى! ولم تقل كذلك الحمدلله الذي جعل موتي على رجلٍ لم يزكِّ، أو لم يحجّ أو لم يصم، بل قلت على رجلٍ لم يصلِّ... !
يابن الخطّاب: إنّنا نعلم ونفقه لما فعلت ذلك؟ فمثلك علم ما قيمة الصّلاة، وأيقن مثلك كذلك أن قاتله هالك لا محالة إذ لم يكن ممن يقيمونها او من أهلها، الست أنت صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد سمعته حين قال: (أوّل ما يُحاسب عليه العبد من عمله يوم القيامة؛ الصّلاة، فإن صلحت؛ نُظر في عمله، وإن لم تصلح؛ لم يُنظر في باقي عمله)؟ نعم إنّه أنت...، يا صاحب الدرجة الثّانية بعد الأنبياء!
يا بن الخطّاب: ما لم نفقهه أو نعلمه للآن...؛ اننا ومنذ عهد طويل، ورغم أنّنا مسلمون ويحكمنا مسلمون؛ فلم نشاهد منهم أحداً وقد صلّى بالناس، أو سأل هل صلّى النّاس... لطفك يا الله، إنّهم يابن الخطاب يحتفلون بــــ (فيفي عبده ) كأمٍ مثاليّةٍ للمسلمين فلا وقت لديهم ليأمرو أو يقيموا الصّلاة! وإن قتلهم أو إغتالهم مسلم، يحمدون الله على أنّ من قتلهم هو إرهابيّ بنظرهم كونه يصلّي...؛ تصوّر يا بن الخطاب...!
حبي لك، جعلني أفهم خارطتك النّفسيّة والفكريّة، واستناداً على ذلك؛ سأجتهد لأعرف جوابك على ذلك ماذا سيكون...؛ فكأنّي بك تقول لي: لقد كان حولي؛ عليّ وعثمان والطلحة والزّبير وأبو ذرّ، و....، .....، أمّا الذين حول هؤلاء؛ فهم أنت وأمثالك...!
صدقت يابن الخطّاب، فمثلك وأصحابك من أهل الصّلاة؛ نطقوا قولاً وفعلاً لأيّن كان حال خروجه عن الحق برسالتك المشهورة: (متى استعبدتم النّاس وقد ولدتهم أمّهاتهم أحرارا)، أمّا نحن؛ فأُحْفِظْناها فقط كمتطلب لمادة التاريخ في الإعداديّة مع وقف التنفيذ، فأرسلت ووصلت لنا بطريقة سرديّة مُفكّكة من معانيها وأواصرها السّامية، وبغض النّظر أكنّا نصلّي أم لا أو حتّى نُسأل! فعذراً يا من وافقت الوحي مرّاتٍ ومرّات، فمثلنا وقد أضاع الصّلاة؛ فلن يقلها لمن استبدّ أو ظلمَ أو إعتزّ بغير الله أبدا...!
نعم...؛ إنّها الصّلاة لا غيرها يا بن الخطّاب، إنّها الدّواء لكلّ داء...! وآآآه...! لو كنّا نسمع أو نعقِل! فلعلّ وعسى...!