في خضم الاحتفال بأعياد الوطن،طل جلالة الملك عبد الله على شعبه،كما شمس ننظرها بشوق كل صباح،لتنشر الأمان الاطمئنان في كافة الأرجاء، فخطابات جلالته أضحت تشكل علامات فارقة،تضع النقاط على الحروف،اعتمادا على الحكمة الهاشمية ونظرتها المفصلية الاستشرافيه للأمور،التي تنطلق من الوطن اولاً وتستقر في الوطن اخيراً.
الخطاب تعرض لكافة الأمور التي تشغل بال المواطن حيث لم يترك شاردة ولا واردة يحس بها،او يشعر بها،او يفكر بها جلالته،وبحاجة المواطن الأردني لها، الا وتناولها .
الخطاب كما هو معتاد،وجه إلى كافة أبناء الشعب الأردني،وتعرض لجملة من القضايا التي شهدتها الفترة الماضية،وتوجيهات سامية للتعامل مع الفترة القادمة.الخطاب جاء إيذانا بانطلاق مرحلة جديدة سمتها المصارحة والمكاشفة والعمل في العلن لا خلف الأبواب المغلقة .انطلاقا من الأمل والتفاؤل القائم على العمل ألتشاركي التفاعلي ما بين كافة أبناء انطلاقا من تشاركنا في الوطن. ان تحقيق الانجاز الذي يعزز النظرة المستدامة إلى أردن متطور،قوي يضاف إلى المنجز الذي تحقق.بعيدا عن المصالح الشخصية،والجهوية، والحزبية،او العشائرية. بل يكون هدفها الأسمى مصلحة الوطن والمواطن بالدرجة الأولى\"المعيار الحقيقي للمواطنة والانتماء،هو بمقدار ما يعطي الإنسان لهذا الوطن،وليس بمقدار ما يأخذ\"يقول جلالة الملك.
*****************************
الخطاب على أهميته،لكن سوف ارتكز على جزئية واحدة خارج الإطار العام داخل الالتزام،من الأهمية بمكان تناولها والوقوف عندها. واقصد هنا دور المعلم والتربية والتعليم التنويري التثقيفي القائم أساساً على البناء والتعمير،لا الهدم والتخريب،حيث قال حرفاً حرفاً كلمة كلمة\"المعلم يا إخوان،هو بمكانة الأب،وهو صانع الأجيال وباني المستقبل،ورسالته في هذه الحياة،هي أنبل وأعظم رسالة،ويجب إن يحظى المعلم،بكل الدعم والاحترام والتقدير من قبل الجميع\".
ان تناول فضية المعلمين في الخطاب الملكي هو تأكيد على ضرورة علاج تلك الظواهر التي تهدد مدارسنا كما تهدد المنظومة التربوية التعليمية برمتها.
هذه الظواهر لا تنسجم مع عاداتنا وتقاليدنا كونها تقف حائلا بوجه اعتبار الأردن مركزا تعليميا تربويا يشار له بالتفوق والبنان المبني على العمل والانجاز،هذا لابد له من العمل على تعميم مشروعات تخاطب لغة العصر وتواكبها.
هذه الكلمات ما هي في حقيقة الأمر إلا تقدير هاشمي للمعلم وبالتالي دور وزارة التربية والتعليم ومنجزها الذي يمتد على جسد منذ عشرات السنين بطعم ونكهة الإبداع وتخريج أفواج كان لها دور بنائي في تشييد هذا الوطن الذي نعشق.
*****************************
كما يدخل في إطار نصرة المعلم،فهو واحد من أهم أعمدة الدولة وعلى كاهله يقع بناء المستقبل من خلال بناء طلبة يتسلحون بالعلم والمعرفة، كما إن حديث الملك عن دور المعلم ما هو إلا رد صاعق حارق للمشككين بدورة الوطني.
ان التحيز الهاشمي للمعلم،لا يعني الاتكال على الفكرة،بل يقود إلى العمل على إعادة بناء الصورة الحضارية للمعلم التي أصيبت بخلل طال بشرره كافة أضلع العملية التربية،نتيجة عدم مسؤولية البعض،وإهمال البعض الأخر.
أن توجيهات جلالة الملك ودعمه الموصول للقطاع التعليمي لا يعني انكفاء المعلمين بل فهم مسؤول، كلا في موقعة العمل على تحقيق الرؤية واعتمادها كبرنامج يسهم في تطويرها لا قتلها. لقد اعتبر جلالة الملك ان كرامة المعلم احد أهم أسباب قوته وهي ركيزة الأساسية التي تأخذه صوب شواطئ الإبداع والعطاء والبناء.لابد اذن من تعميم الاهتمام بالمعلم،وهذا لا ولن يتأتى من خلال الأقوال بل لابد من الأفعال،تثبت ذلك بعد الاتفاق على أسلوب تشاركي يبدا تقوده وزارة التربية والتعليم مرورا بالطالب وصولا للمجتمع. تطرق جلالة الملك لهذا الموضوع لم يأت من فراغ،بل هو ناتج عن إحساس عميق جدا بما آلت إليه العملية التربوية،انطلاقا من إيمانه المطلق بأنها أنبل وأعظم رسالة يتوجب دعمها واحترامها وتقديرها،لا الانقلاب عليها وقتلها وإرهابها واغتيالها .
*****************************
بذا بات لزاماً علينا جميعا القيام بأدوارنا،كلا في موقعة،هذا يتطلب دراسة مستوفية الشروط من قبل وزارة التربية والتعليم تضع بواسطتها أناملها على الجرح.للاقتراب أستار النجاح ان بقي المعلم أينما كان متكلاً على أفكار الوزارة،لابد من المشاركة في كافة الطروح والمشروعات التي تسهم في التطوير والبناء على المنجز،الا الاكتفاء فقط بالانتقاد والتذمر والتسويف.
من الأهمية بمكان ان لا ننكر وجود دراسات عديدة تقوم بها وزارة التربية والتعليم،تقوم على البحث عن السلبيات بموضوعية لعلاجها،والايجابيات لتأكيدها وتطويرها،كما أننا نعلم بوجود العديد من المشروعات التي يتم العمل عليها بغية الرفع من شأن العملية برمتها.
في عين السياق نجد جلالته حريصاً أتم الحرص على دعم المعلم،طبعاً هذا ليس بجديد على سليل الدوحة الهاشمية،الدعم في الخطاب الملكي يعني اهتماماً لا حدود له،عنوانه الاحترام والتقدير\"كرامة الإنسان الأردني،التي هي عندي أهم و فوق كل الاعتبارات\"وسمته تصويب أوضاع المعلمين باعتبارهم حملة لواء البناء للأجيال،انطلاقا من رسالته السامية،هذا التوجه منوط بوزارة التربية والتعليم التي لابد لها من ترجمة الأفكار إلى واقع ملموس.من اجل مكافأة\"الذين يخدمون بلدهم ومجتمعهم بشرف وإخلاص\".
كم تعجبني جملة \"بكل الدعم\" التي جاءت في سياق حديث أبا الحسين عن المعلمين،بخاصة إذا علمنا ان هذا الكل لا يمكن اجتزاؤه او تقسميه او تأجيله،من المعيب ان يتم القفز عنه،كونه دعوة ورسالة واضحة تقول بالبحث عن السلبيات في مواقعها،كبرت أم صغرت،من ثم علاجها،بشتى الوسائل التي تمتلكها الوزارة.
*****************************
لا نفشي سرا ان قلنا ان هناك الأمور تعمل عليها وزارة التربية والتعليم،لتلبية رغبة جلالة الملك،حيث منحت المعلمين الحقوق،وبدأت فعليا بدراسة حال المعلمين بشيء من الجد والاهتمام.
ان الانتقال من المرحلة التي غلب عليها التداخل نتيجة تدخل العديد في ملامحها بما لا يتوافق وتطلعات جلالة الملك وشعبنا ،يتطلب من أصحاب القرار شد الأحزمة ووصل الليل في النهار لبلوغ الهدف السامي،وقطع الطريق على أصحاب الأجندة الباحثة عن مكسب،او منصب،او مكان تحت الشمس.
قد يقول قائل ان من حق المعلمين المطالبة بحقوقهم أسوة بغيرهم،فنقول ان لا خلاف على هذا،لكن الخلاف يكمن في الوسائل المتبعة التي تقوم على التصعيد والإضراب والاعتصام.
ان الحكومة،واللجنة الحكومية التي شكلت للبحث في مطالب المعلمين،وزارة التنمية السياسية،وزارة التربية والتعليم،جميعهم جلسوا واستمعوا للمعلمين،في أكثر من مناسبة وأكثر من اجتماع وأكثر من لقاء،هذا بحد ذاته اعترف ضمني من قبل الحكومة بحقوق المعلمين،كما أنها - الحكومة- لا تنكر الحقوق،بل لديها الراغبة في تلبيتها،انطلاقا من آليات الحوار الهادئ،لا الصد والتعكير والهجران الغوغائي القائم على أفكار الظواهر الصوتية.
*****************************
ان الهدف السامي من هذا ما هو إلا وسيلة لتفويت الفرصة على أزلام المصالح الشخصية الذين يريدون وأد العملية التربوية التعليمية،بهدف الترويج لأفكارهم القريبة من الكوابيس،جلالة الملك على إطلاع مباشر،ويعلم بخفايا الأمور وبواطنها،لذا انتصر للمعلم.
\" الأردن العزيز، يستحق منا جميعا أن نعمل من أجله بمنتهى الإخلاص والانتماء.وأسأل المولى عزّ وجلّ أن يوفّقنا جميعا لخدمة هذا الوطن، وتحقيق طموحات شعبنا الخير المعطاء\" يقول جلالة الملك في خطاب سابق له،ان الخطاب يشكل انتصارا حقيقيا للشعب الأردني الذي استعد ويستعد وسيستعد،ماضيا وحاضرا ومستقبلا للوقوف بوجه من يريد النيل منه،بل نحن على استعداد للتضحية بكل ما نملك بأرواحنا وأبناءنا وأموالنا،ليبقى الوطن ونذهب نحن في سبيله،وعلى رأي المثل\"المنية ولا الرديه\"والموت في سبيل الأوطان لهو أهون علينا من تسليمه أعداءنا،على اختلاف أصولهم وألسنتهم وأديانهم،سر جلالة الملك،ولن نقل اننا إلى الخلف منك،بل سنقول اننا إلى جانبك كتف بكتف وللأبد. الله يرحمنا برحمته .... والسلام على أردننا الهاشمي ورحمة من الله وبركة.
خالد عياصرة
Khaledayasrh.2000@yahoo.com