زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - تنامي قوة تنظيم ‘جبهة النصرة’ على خاصرة الحدود الشمالية للأردن ووجود أكثر من ’1000′ مواطن أردني على الأقل ضمن صفوف االجبهة بعضهم في مواقع متقدمة وقيادية دفع عمان سياسيا وأمنيا لإعادة حساباتها ميدانيا على أساس مسلسل الإخفاقات للبرنامج السعودي الأمريكي السابق الذي حمل شعار ‘إسقاط نظام بشار الأسد’.
عمان وعلى مستوى بعض مؤسساتها السيادية في الدولة العميقة مثل مركز الأزمات ومجلس الأمن القومي وحلقات أخرى تجري حاليا تقييمات شرسة للوضع الحدودي مع سوريا وللوضع الميداني في إطار قواعد الإشتباك داخل معادلة الأرض السورية.
عبر عن حزمة المخاوف رئيس وزراء الأردن الدكتورعبدلله النسور عندما التقى رؤساء تحرير صحف بلاده على هامش قمة الكويت وحذر من أن الأوضاع الأمنية جنوب سوريا في أسوأ أحوالها.
تلك كانت أول رسالة موقف أردنية علنية سياسية تعترف بالوضع الأمني المنفلت على الحدود الأردنية السورية وأعقبها النسور بنصيحته السريعة للنظام السوري عندما قال: الوضع جد خطير وننصح الأخوة في دمشق بالإنتباه جيدا لما يجري في المنطقة الجنوبية.
في قياسات النسور أصبحت الأوضاع جنوبي سوريا ‘مشكلة أردنية’ تماما فقد سبق له أن أفاد أمام ‘القدس العربي’ بأن تحشد المتشددين والجهاديين في الحدود شمالي المملكة يتعارض مع المصالح الأردنية وأوضح: إنتصارهم عسكريا مخيف لنا وحسم النظام ضدهم عسكريا مقلق أيضا لأنهم سيحاولون العبور إلى بلادنا عندما يتضايقون.
النسور اعتبر الوضع جنوبي سوريا من التحديات الأساسية واقترح أن ينتبه الجميع لكن يعتقد وعلى نطاق واسع أن ‘تسريباته’ في الكويت هادفة سياسيا وتمهد لشيء ما سيحصل على الحدود مع سوريا.
وفي تقدير محامي التنظيمات الجهادية موسى العبدللات فما سيحدث هو مغامرة أردنية جديدة مكلفة وخطيرة قوامها التحالف مع بشار الأسد والإستبداد ضد المجاهدين.
العبدللات نصح مجددا النظام الأردني أن لا يتورط لصالح الإستبداد ويساعد في كماشة عملياتية شمالي الأردن وقال لـ’القدس العربي’: هذا يعني الإقتراب من عش الدبابير والتضحية بالإتجاه الواضح للشعب الأردني المناصر للمجاهدين ولثورة الشعب السوري وأيضا المجازفة أمنيا.
تقديرات العبدللات يمكن اعتمادها كأساس لمخاوف التيار السلفي الجهادي الأردني المناصر بقوة لجبهة النصرة وأحيانا لتنظيم ‘داعش’ في سوريا.
لكن في دوائر التقييم الأردنية المغلقة تخضع الأمور برمتها لعملية تقييم مصلحية شرسة حيث جرت مراجعات حول عدة محاور.
أهم هذه المحاور الإعتقاد أن النظام السوري ‘ينجح’ في جعل ما يحصل في درعا جنوبي سوريا ‘مشكلة أردنية’ بامتياز، وأن صمود النظام أصبح خيارا إستراتيجيا لكل من إيران وروسيا وبالتالي لحزب الله.
وعليه يتفاوض العالم اليوم مع بعضه حول برامج تم تقليصها تدرس وتختبر مسائل بسقف منخفض من طراز ووزن ‘التمديد’ من عدمه لـ بشار الأسد أو تأجيل استحقاق إنتخابات الرئاسة أو التفكير في العودة لجنيف 3.
جرس الإنذار ‘الأمني’ قرع بصوت عال في الأردن عندما لاحقت أجهزة الأمن الأردنية وبكفاءة ‘شحنة صواريخ’ متوسطة المدى من النوع الذي يطلق عبر الكتف أو عبر شاحنة متوسطة وهو سلاح أوصلته السعودية بصورة غامضة إلى فعاليات في الجيش السوري الحر وظهر بيد مقاتلين في جبهة النصرة ، الأمر الذي دفع السلطات الأردنية إلى القلق والإنزعاج.
ذراع أمنية أردنية قامت بواجبها الإستراتيجي في هذه المسألة حرصا على الأمن الحدودي والوطني الأردني وتمكنت فيما يبدو من ملاحقة هذه الشحنة وإحباطها بطريقة غير واضحة بعدما أفتى الخبراء بأنها تمثل سلاحا خطيرا على الأمن الأردني بسبب طول مداه ونوعيته ووجوده- وهذا الأهم- في أيدي عناصر يمكن في أي لحظة أن تكون ‘معادية’ للمملكة وفي أرض قريبة جدا تصل إلى عمق المدن الأردنية الشمالية.
في السياق تحركت المؤسسة الأردنية السياسية خلف الأضواء وقاومت بشدة ضغطا سعوديا لإيصال صواريخ ومقذوفات متطورة وبمدى بعيد لمقاتلين في درعا وتعامل الأردن بحزم مع هذا الموضوع ورفض حتى الخضوع للضغط الأمريكي الذي حاول المساهمة في إقناع الأردنيين.
لكن عمان رفعت ‘فيتو’ مباشر وواضح وقطعي في وجه استعمال الحدود الأردنية في أي عملية من هذا النوع.
دمشق التقطت الرسالة الأردنية الأخيرة حصريا ولتشجيع الأردن على التصلب في موقفه’ العملياتي’ فتحت الباب الأسبوع الماضي لما يمكن وصفه بأرفع ‘تواصل أمني’ بين العاصمتين وهو تواصل ناقش حصريا مسألة تخص مطالبة الأردن بعودة الجيش السوري النظامي لحماية حدوده من الجانب السوري ولاستلام معبر درعا الرسمي الذي سيطرت عليه قوات النصرة مع الجيش الحر.
دمشق وكما ذكرت ‘القدس العربي’ في تقرير سابق لها تعاملت مع الطلب الأردني على أساس أنه تبديل تكتيكي كبير عملياتيا في محيط درعا وضوء أخضر يقول ضمنيا بأن الأردن سيتفهم – وقد يتعاون- إذا ما بدأت معركة درعا عسكريا بالقرب من خاصرته الشمالية على أن لا يطال الشرر الأرض الأردنية.
إنطلاقا من هذا الفهم لتطور الإتصالات الأردنية السورية عبر القنوات الأمنية مؤخرا يمكن إلتقاط ما هو جوهري في الرسالة التي طرحها في الكويت على شكل تسريب صحافي رئيس الوزراء المخضرم عبدلله النسور .
القدس العربي