على غير العادة ، استيقظ أهالي الحي على صراخ أبي عبدا لله ، عندما وجد حبلا في عنق التيس داخل حظيرة الأغنام ، فأرداه قتيلا ، وفي الحال سارع الأهالي في البحث عن شبهة جنائية داخل الحظيرة ، إلا أن أبا عبدا لله قد أكد للجميع أنه لم يكن هناك أية آثار تدل على جناية ، فالباب كان مغلقا كما تركه بالأمس ، ولا يوجد آثار شجار أو أداة حادة على جثة التيس ، ولا يوجد منفذ أخر لدخول أي مجرمين أو قتله أو أصحاب ثأر إلى داخل الحظيرة ، لذلك أصدر أبو عبدا لله تقريرا أوليا يفيد بانتحار التيس شنقا . ولكن لماذا انتحر التيس ؟.
تعددت الآراء حول الأسباب التي أدت بالتيس إلى الانتحار ، كما أفاد السيد مندوب الصحافة، حيث قام بعدد من المقابلات مع أهالي الحي في محاولة للكشف عن ملابسات الحادث وتداعياته وننقل لكم بعض منها حسب ما جاء على لسان المندوب : بائع الخضار فرحان قال : أنا أعرف التيس حق المعرفة فلم يكن يعاني من أية مشاكل نفسية حسب اعتقادي ، فلم يكن لدية ثلاثة أبناء في الجامعة يقوم بتدريسهم في برنامج الموازي على حسابه الخاص ، ويترك الأفواه الجائعة في البيت تقتات الفتات لذلك لا اعتقد أن هذا هو سبب انتحاره .
أما السيد نادر عضو الجمعية الخيرية فقد أفاد أن التيس لم يكن في انتظار إدراج اسمه في القائمة الثالثة لاسترجاع أموال البورصة فهو لم يكن يملك شيئا حتى يضع نقوده في البورصة مع المشايخ ، لذلك قال أنا لا اعتقد أن البورصة كانت سببا في انتحار التيس .
أما الحاج صالح الذي ظهر على وجه ملامح المتشفي بموت التيس لأنه على خلاف مستمر مع أبي عبد الله فقد قال: علينا البحث بدقة اكبر في ظروف حياة التيس ولنسأل أنفسنا أولا هل عجز التيس عن تسديد فواتير الكهرباء والماء وأجرة المنزل وكم بقي من دخله المحدود لتوزيعه على أوجه الإنفاق الأخرى ، هل استطاع أن يسدد ما عليه من ديون لأصحاب المحلات التي استدان منها لسد حاجاته الأساسية كالسكر والرز والخضار .وقد أقسم الحاج صالح ثلاثا أن التيس لم يكن يملك هاتفا نقالاً لا هو ولا أولاده .
فقال : الفت نظركم أن التيس ربما قتل ببطء شديد .
الأستاذ فاخر الحزبي المعروف لم يتوان عن تقديم معلومات عن سبب انتحار التيس فقد أفاد أن \"ذي القرنين\" ربما أصابته حاله من الجنون عندما سمع عن قانون الانتخاب الجديد وتقسيم البلد إلى دوائر انتخابية اصغر ، وبالتالي فأن عشيرة التيوس سوف تتوزع على أكثر من منطقة انتخابية وعندها ستتضائل فرص النجاح في الانتخابات القادمة ، وأيضا انه لن يستطيع استخدام المال السياسي في توجيه الانتخابات لمصلحته الذاتية خاصة بعد فرض عقوبات على المشتري والبائع ، ومع ذلك انا اعتقد أن التيس لم يكن ينوي ترشيح نفس للانتخابات لأنه لا يملك المال اصلاً ولا تنطبق عليه شروط الترشيح لأنه \"تيس\" ابن \"تيس\" !!!!.
ثم أعاد إلينا السؤال لماذا انتحر التيس ؟ أسباب غامضة وراء انتحاره أثارت حفيظة المسئولين في المنطقة وظلت علامات الاستفهام والخوف مرسومه على الوجوه ، والتي أدت إلى إثارة الرعب والخوف لدى السكان ، وظلت العيون تلاحق ابي عبدا لله لعلها تحظى بإجابة مقنعة ، لذلك اصدر أبو عبدالله تقريره القطعي بأن التيس كان مربوطا من عنقه بحبل قوي ، واراد أن يتخلص من ذلك الحبل حتى يتسنى له التحرك داخل الحظيرة ولكنه لقي حتفه فيما تمناه.
محمود الشمايله كاتب وقاص اردني
mhmoud23@yahoo.com