زاد الاردن الاخباري -
"القدس العربي" من بسام البدارين: عدة رسائل لا يمكن القول الا انها مهمة جدا وجهها جلالة الملك عبد الله الثاني لمراكز القوى الداخلية قبل مغادرته البلاد في جولة خارجية.
وهذه الرسائل التي تباينت الصحافة المحلية في قراءتها وتفسيرها في اليوم التالي وجهت لكل جهة معنية على هامش خطاب عام القاه الملك بمناسبة عيد الجلوس الملكي والثورة العربية ويوم الجيش مرتديا الزي العسكري ومحاطا بجميع اركان الدولة والقصر وكبار المسؤولين الامنيين والسياسيين.
اقوى هذه الرسائل محليا تلك المتعلقة بالرد المباشر على ظاهرة العنف الاجتماعي ومحاولات المساس بالامن العام والملكيات العامة والخاصة والاعتداء على رجال الشرطة بعد خلافات صغيرة تبدأ بين شخصين ثم تنتهي بين عشيرتين فتبدأ محاولات الاعتداء على هيبة الدولة.
هنا ابلغ الملك ضمنيا بأنه يراقب التفاصيل وبعد انتقاد ظاهرة الخلافات العشائرية التي تبدأ بين فردين فقط وجه الرسالة الاهم قائلا بأنه لا احد اقوى من الدولة الاردنية، مشيرا بوضوح الى ان الدولة اقوى من الجميع ولا يوجد احد "فوق القانون" في تلميح سياسي مباشر يشير الى ان الحكم لم يستخدم ازاء الكثير من المشكلات ادوات الدولة في مواجهة ظاهرة الاعتداء على القانون.
وكانت قد توسعت قليلا مؤخرا بعض المظاهر من طراز احراق اكواخ الشرطة وسياراتهم والمطالبة بالثأر الشخصي ومحاولات الضغط على المحاكم عشائريا في بعض قضايا القتل وهي مسألة انتهت قبل اسابيع بتغيير قيادات مؤسسة الامن العام املا في معالجة واحتواء الظاهرة مع تشكيل لجنة وزارية خماسية تبحث في الظاهرة وتعالجها.
وفي السياق انتقد الملك بعبارات واضحة تنامي الاعتداء على ثلاثة اصناف من المواطنين هم الشرطة والاطباء والمعلمون، مشيرا الى ان معيار القانون سيكون موحدا في التعامل بحزم مع هذه الاعتداءات في تلميح معمق الى ان الدولة واجهزتها قادرة على التصرف في اي وقت، لكن الملك قال انه يتوقع ان يساهم الجميع في الحفاظ على الحقوق الخاصة والعامة واستثمار القيم النبيلة في المجتمع والعشيرة.
الرسالة التالية في مستوى القوة كانت تلك المختصة بجدل الهوية الوطنية والوطن البديل حيث صدرت بيانات مؤخرا من مثقفين وسياسيين ومتقاعدين ساهمت في توتر الاجواء وشككت في قدرة الدولة على التصدي لموامرة الوطن البديل كما دعت في الوقت نفسه للتوسع في سحب الجنسيات.
وفيما يخص هذا الملف الشائك كان الملك مباشرا وصريحا وهو يربط بين المشككين بخيارات الدولة الاردنية سياسيا واقليميا وفلسطينيا وبين اجندات خارجية ضاغطة على البلاد قائلا بوضوح انه لا يقبل اي حل لقضية فلسطين على حساب الاردن ولا يقبل اي دور للمملكة في الضفة الغربية، ومعتبرا،كجلالة المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال طيب الله ثراه، من يتسبب بالفتن ويمس بالوحدة الوطنية عدوه الشخصي الى يوم القيامة .
وهنا تقصد جلالة الملك ان يقول للداخل وليس للخارج: "ومن المواضيع التي يكثر فيها الحديث، بين فترة واخرى، موضوع ما يسمى بالوطن البديل، والـخيار الاردني والتوطين، وموضوع الوحدة الوطنية. وبدون الدخول بالتفاصيل، اريد ان اعيد واكرر ما قلته في السابق، الوحدة الوطنية امانة في عنق كل واحد منا، فهي ركيزة استقرارنا، وضمانة مستقبلنا، وهي خط احمر، ولا يمكن ان نسمح لايٍ كان بتجاوز هذا الخط. ويجب ان نتصدى جميعا، لكل من يحاول العبث بهذه الوحدة، التي نعتز ونفاخر بها، والتي يجب ان نحميها بكل الوسائل والطرق. واريد ان نتذكر كلنا، واقول للجميع، وبلا استثناء، ما قاله الحسين طيب الله ثراه، كل من يحاول العبث بالوحدة الوطنية، او الاساءة اليها، هو عدوي الى يوم القيامة، وهو ايضا، عدو عبدالله بن الحسين، وعدو كل الاردنيين"."
وفي هذا المحور شدد الملك الاردني على ان المعيار الحقيقي للمواطنة والانتماء، هو بمقدار ما يعطي الانسان لهذا الوطن، وليس بمقدار ما يأخذ، مؤكدا انه "لن نقبل بأي حل للقضية الفلسطينية على حساب الاردن، ولن يكون للاردن اي دور في الضفة الغربية. وفي نفس الوقت، لن نتخلى عن واجبنا ودورنا التاريخي، في دعم الاشقاء الفلسطينيين، حتى يقيموا دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني.
ووصل الملك الى جوهر رسالته هنا عندما قال: ومن المؤسف، وبسبب تعثر العملية السلمية، يجد هذا الكلام، من يروج له عندنا في الداخل، بقصد او بغير قصد، وربما بعضهم موجود معنا الآن، ويجعل منه وسيلة للمزايدة، وتحقيق بعض المصالح الشخصية او الشعبية العابرة، وخاصـة ونحـن على ابواب الانتخابات النيابية.
والرسالة الثالثة الموازية التي تلمسها المراقبون تتعلق بالاشارات الواضحة التي اكدت مجددا على ان انتخابات 2010 ستعقد قبل نهاية العام الحالي مع جرعة دعم خاصة بحكومة سمير الرفاعي ومطالبة الرأي العام بالصبر على الضائقة الاقتصادية.