زاد الاردن الاخباري -
في وقت كان فيه ابتكار واختراع وسائط اتصال جديدة، كالإنترنت والموبايل، مرهونا بحاجة الإنسان لتطوير أدوات اتصاله، غاب عن مخترعي ومبتكري هذه الوسائط، أن هناك من سيأتي لاستخدامها في مجالات لم يكن مفكرا فيها حين نفذت، ومن بينها التسول.
وهذا ما أقدم عليه "متسولو اللينك" في الأردن، على حد تعبير أحد ضحاياهم، الذي أشار الى أن متسولين يستخدمون رسائل الموبايل، طالبين مساعدتهم عن طريق ارسال بطاقات شحن بقيم متعددة، أقلها خمسة دنانير، ملحقين طلباتهم بشعارات خير وإحسان.
واعتبر أشخاص تعرضوا لمثل هذه الممارسات أن هذه الوسيلة من التسول، غريبة على المجتمع الأردني، مشيرين إلى ان الصفة التي باتت تطلب عليها هي "التسول لينك"، أي الاتصال عبر الموبايل لجلب نقود عبر استدرار عطف الآخرين بطلب معونات مادية وعينية.
ويسعى "متسولو اللينك" الى الحصول على أرقام موبايلات مواطنين، يتوقعون إحسانهم، ويصبحون ضحاياهم، إذ يلاحقونهم بـ"المسجات" والاتصالات المنقطعة "المس كول" عدة مرات طلبا للعون على ما يزعمون، ما يضطر الضحية الى الاتصال بهم.
ويشير أحد الذين جرى الاتصال بهم ورفض الكشف عن اسمه إلى أنه يتم إبلاغ الضحية بأن شخصا موجود في مكان ما، وقد تقطعت به السبل، لذا وكي يخرج مما هو فيه، فإنه يحتاج الى العون، بالتبرع له بمبلغ يصل أحيانا الى عشرة دنانير.
وغالبا ما تتسم الرسائل بلغتها التسولية، والمشحونة باستدرار العاطفة، إذ يطلب "متسول اللينك" عونا لشراء دواء، أو حليب لطفله، أو طعام لعائلته التي تتضور جوعا، كما يقول أحد الذين وقعوا ضحية لهذا النوع من التسول.
ويضيف أن العبارات المرفقة بالرسائل الخلوية تتحدث عن أجر المؤمن جراء صدقته وإحسانه، لافتا الى ان "متسول لينك" يطلب بطاقة شحن، ثمنها يصل الى حجم الحاجة التي يريد تلبيتها له او لعائلته أو لطفله، مبينا، أي المتسول، أنه سيقوم ببيع البطاقة للحصول على ثمنها وقضاء حاجته به.
وهناك اتصالات، يقول أحد الضحايا، ترد احيانا من أشخاص يتحدثون بلهجات عربية متنوعة، على اعتبار أنهم من جنسيات غير أردنية وقد جاءوا الى الاردن بقصد العلاج، وانهم فقدوا نقودهم وبحاجة الى من يساعدهم لإكمال علاجهم.
وفي هذا السياق، أعرب مدير مكافحة التسول في وزارة التنمية الاجتماعية يوسف الجبور عن أسفه من انتشار هذا الشكل وسواه من أشكال التسول في الاردن، لكنه رفض الاعتراف بممارسة "التسول لينك" التي تتم عبر الموبايلات، لافتا الى أن مديريته لم تتعامل معها، معتبرا أنها تدخل في باب الاحتيال او الازعاج.
ودعا الجبور المواطنين ممن يتعرضون إلى هذا النوع من التسول الى إبلاغ الحاكم الإداري، لتتم مراقبة موبايلاتهم، ومن ثم معرفة المتصلين بهم، لاتخاذ الإجراءات القانونية او الإدارية بحقهم.
وقال إن "مديريته لا تملك الادوات والآليات لمكافحة هذا النوع من التسول حاليا"، لافتا الى انه في حال تعاملت المديرية مع هذه الممارسة فلا بد من الاستعانة بخبراء اتصالات لملاحقة هؤلاء المتسولين.
"الغد" حصلت على رقم هاتف خلوي لـ"متسول لينك"، يزعم أن كنيته أبو أحمد، بعد تلقيها عدة اتصالات مقطوعة منه، وبعد الاتصال به لمعرفة ماذا يريد، أفاد انه موجود قرب منطقة القسطل، وبحاجة لمبلغ من المال، متأملا أن يرسل له عن طريق بطاقة شحن من دون ان يحدد قيمتها المالية.
لكن طلب هذا المتسول لم يلب، وحين تمت مساءلته حول ما يقوم به، رفض ان يفصح عن شيء، وأغلق الموبايل، كما لم تنجح محاولات الاتصال به لاحقا.
من جانب آخر، استقبلت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات العام الماضي نحو 1443 شكوى تتعلق بخدمات الاتصالات، جزء منها حول الازعاجات التي يتعرض لها مواطنون، لكن مصادر من الهيئة رفضت الإفصاح عن وجود شكاوى تتعلق بالتسول عبر الموبايل.
ويوجد لدى كافة شبكات الهاتف المحمول في الاردن 6 ملايين مشترك، منهم 94 % يستخدمون البطاقات المدفوعة مسبقا وبعضهم غير موثق، ما يدفع جزءا منهم الى القيام باتصالات إزعاج او ممارسة التسول، ومن ثم إتلاف الشريحة التي استخدمت في هذا النطاق.
مصدر أمني مسؤول في مديرية الامن العام قال إن "المديرية ليس لها علاقة بالتسول، سوى مساعدة العاملين في مديرية مكافحة التسول في وزارة التنمية بملاحقة المتسولين والقبض عليهم".
ويلفت الى أنه "في حال تعرض أي مواطن لهذا النوع من الاتصال، فعليه إبلاغ البحث الجنائي، الذي يتولى متابعة أصحاب الاتصالات المزعجة عموما، وملاحقتهم أمام القضاء او الحاكم الإداري".
موفق كمال