زاد الاردن الاخباري -
يعد مشروع قناة البحرين (الاحمر - الميت) اردني الفكرة حيث تم تكليف شركة هازار الاميركية عام 1979 باعداد دراسة مؤداها وقف انحسار مياه البحر الميت واعادة منسوبه الى ما كان عليه عام 1964 والحفاظ على مكوناته والبيئة المحيطة به.
ووفق دراسة اجراها الزميلان عمر شنيكات ورادا بني هاني من قسم الدراسات بوكالة الانباء الاردنية (بترا) فانه وبعد توقيع معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية عام 1994 تشكلت لجنة ثلاثية اردنية - اسرائيلية اميركية وبمشاركة من البنك الدولي لبلورة مشروع قناة البحر الاحمر - الميت, اذ بينت الدراسة ملامح الامكانات الفنية والاقتصادية لهذا المشروع والبعد البيئي له بكلفة 15 مليون دولار, وبتمويل من البنك الدولي.
ولم يدرج المشروع في المعاهدة الاردنية الاسرائيلية وتم اقتراح لجنة ثلاثية اردنية - اسرائيلية - امريكية لبحث المشروع.
وحرص الأردن على أن يكون مشروع قناة البحرين مشتركا بين الأطراف الثلاثة المطلة على البحر الميت , واعتبر المشروع إستراتيجيا لامنه المائي ويجب أن ينفذ سواء بمشاركة ثلاثية أو أن يقوم بتنفيذه وحده.
واجرى الاردن دراسة جدوى اولية بمنحة ايطالية; للتعرف على ملامح جدوى المشروع, وبنهاية التسعينيات حسمت قضية الجدوى وبدأ التفكير في تنفيذ المشروع الذي يحتاج لتمويل كبير, بكلفة تقدر ب¯اربعة الى خمسة مليارات دولار.
خيارات تنفيذ المشروع
كان الخيار الاول شق قناة مفتوحة, والاخر استعمال الانفاق والانابيب, واوضحت الدراسة انه بسبب التكلفة في البداية كان الافضل شق قناة, اذ ان تكلفة النفق مرتفعة جدا, بالاضافة الى صعوبة الصيانة والرقابة وعدم القدرة على اصلاحه في حال رشحت المياه منه, كما ان النفق يبدأ من منسوب صفر من البحر الاحمر ووادي عربة ثم يرتفع وبعدها يبدأ بالانحدار بمسافة 40 او 50 او 60 كيلو مترا, ويتم خلال هذه المسافة حصر المياه بمجرى لتوليد كهرباء, بحيث تنزل المياه على مسطحات التحلية بدلا من ان تنزل على توربينات.
وقدرت سعة الناقل الذي سيأخذ المياه بقطر متر ونصف المتر لايصال كمية من المياه لمواجهة كميات التبخر ولاعادة منسوب مياه البحرالميت تدريجيا لكي تصل خلال عقدين او ثلاثة الى المنسوب الذي كان عليه خلال الخمسينيات وهو حوالي ناقص 393 مترا.
وتولى البنك الدولي عمل اجراء دراسة الجدوى الاقتصادية, والتقرير الفني, والتقرير البيئي.
الا ان التخوفات الاقليمية واقناع الجهات الممولة باهمية المشروع لغايات بيئية وفي مقدمتها الحفاظ على البحر الميت من الاندثار ارست المشروع على ناقل للمياه عبر انابيب وتكون اجزاء محددة منه على شكل قنوات ومسطحات مائية.
وتوقعت دراسة البنك الدولي انتاج 850 مليون متر مكعب من المياه المحلاة سنويا وهذا يتطلب مد انابيب لنقل المياه الى التجمعات السكانية ما يزيد من التكلفة اضافة الى التكاليف الاخرى كالمنشات وعدادات مياه لتصل التكلفة التقديرية في النهاية بين 4 الى 5 مليارات دولار.
مراحل التنفيذ يلخص المشروع بإنشاء خط ناقل للمياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت بطول 180 كلم; لنقل حوالي 1900 مليون متر مكعب من المياه سنويا وبتكلفة تبلغ حوالي مليار دولار في المرحلة الاولى من المشروع.
وفي مرحلة ثانية من المشروع ستتم الاستفادة من فرق المنسوب بين البحرين الأحمر والميت والبالغ نحو 400 متر لإنشاء محطة تحلية مياه ومحطة توليد كهرباء لتحلية حوالي 850 مليون متر مكعب من المياه سنويا توزع على الدول المطلة على البحر الميت, وبتكلفة قد تصل لملياري دولار.
الحفاظ على البحر الميت يمثل البحر الميت ظاهرة نادرة غير متكررة على سطح الأرض وبخاصة فيما يتعلق بخصائص مياهه وما تحمله من عناصر ومركبات معدنية مهمة, والطبيعة التكوينية له وللمناطق المحيطة به, ما جعله منذ عهود كبيرة مركزاً لاهتمام العلماء والباحثين من مختلف أنحاء العالم.
ويقع البحر الميت في اخفض منطقة على سطح الارض وسط حفرة الانهدام, وتبلغ مساحته حوالي 1000 كيلو متر مربع, ويتكون من حوضين, الحوض الشمالي ومساحته 756 كيلومتر مربعا تقريبا, والحوض الجنوبي, ومساحته 244 كيلومتر مربعا, وتبلغ نسبة الملوحة في مياه البحر الميت حوالي 30% وهي أعلى نسبة ملوحة في البحار والمحيطات, ولهذا يخلو البحر الميت من الأسماك والكائنات البحرية الاخرى.
ويتميز البحر الميت بانه منطقة جذب سياحي لما تحتويه مياهه الدافئة من عناصر ومركبات معدنية وكيميائية مهمة, وأشعة الشمس المصفاة والهواء المشبع بالأكسجين علاوة على الطين الأسود المشبع بالمعادن الذي يعد علاجا لكثير من الامراض الجلدية بالاضافة الى ينابيع الماء العذب والمياه الحارة المعدنية التي تصب فيه وبلغ دخل الاردن للعام 2009 من السياحة العلاجية ,1 1 مليار دولار.
ويعاني سطح البحر الميت منذ فترة طويلة جدا انخفاضا مستمرا في منسةب مياهه, وتؤكد بعض الدلائل والأبحاث أن مستوى سطحه كان يقع على انخفاض 182 متراً فقط من سطح البحر, وبالتالي فإن مياهه كانت ممتدة على طول غور الانهدام من أطراف بحيرة طبريا في الشمال وحتى موقع عين حصب في وادي عربة على بعد 38 كم جنوبي البحر الميت.
وقد أثر انخفاض منسوب المياه والذي بلغ معدله خلال السنوات الخمسين الماضية ما بين 70 سنتمترا الى متر سنويا, على مساحته التي تقلصت من 1000 كم2 لتصل اليوم إلى 660 كم2 تقريبا.
حيث تنخفض شواطئه أقل من متر سنوياً في المناطق ذات الانحدار الشديد, و30 سنتمترا في المناطق قليلة الانحدار وبالتالي كان معدل تقلص مساحة البحر الميت ما بين 5-6 كيلو مترات مربعة سنوياً.
وتتوقع دراسات اجرتها وزارة المياه والري ان البحر اذا لم يتم إنقاذه, سينحسر الى مستوى تصبح فيه الفائدة الاقتصادية وخصائصه البيئية معدومة ومع الزمن سيزول.
ورغم وجود العديد من الأسباب التي ساهمت في هذا الانخفاض ومنها التغيرات المناخية التي يشهدها العالم بشكل عام والمنطقة بشكل خاص والتي أدت إلى حالة من الجفاف وشح الأمطار واختلاف معدلات التبخر, إلا أن أهم أسباب انخفاض منسوب سطح البحر الميت في العقود الخمسة الماضية هي قيام مشروعات استغلال من قبل دول حوض نهر الاردن ومن خلال مشروعات احادية كانت اكثرها تأثيرا وضررا على مياه الحوض المشروعات الاسرائيلية التي نفذت لاستغلال مياه الأنهار التي تصب في البحر الميت وبخاصة نهر الاردن لخدمة أغراض التوسع والاستيطان في منطقة النقب.
كما ساهم قيام صناعات لاستخراج البوتاس والأملاح المختلفة من المياه في استهلاك كميات ضخمة من المياه ما زاد من تدهور المنسوب, ونتيجة لذلك فقد البحرالميت حوالي 90% من كمية المياه التي كانت تصل اليه; ما أدى إلى اختلال المعادلة البيئية التي كانت توازن بصورة دقيقة بين كمية المياه الواصلة إلى البحر الميت وتلك التي يفقدها جراء التبخر.
وأشارت دراسات الموازنة المائية للبحر الميت التي أجرتها وزارة المياه والري إلى أن معدل كميات المياه في السنوات الأخيرة المغذية للبحر الميت لا تزيد على 150 مليون متر مكعب بالسنة, علما بأن حاجة البحر الميت السنوية من المياه حوالي 1400 مليون متر مكعب والتي تساوي كمية التبخر لكي يحافظ على منسوبه دون هبوط.
آثار انخفاض منسوب مياه البحر الميت انخفاض منسوب مياه البحر الميت ليس المشكلة الوحيدة, فالأدلة التاريخية تثبت أنه خلال الثلاثمئة سنة الماضية, تأرجح منسوب المياه ما بين 375 الى 405م تحت مستوى سطح البحر.
وانما المشكلة المترتبة على حدوث انخفاض منسوب المياه, وأهمها انخفاض منسوب المياه الجوفية في المناطق المجاورة للبحر الميت هي انهيار حفر, وتشكل حفر مفاجئة عميقة وواسعة في الوحدات الزراعية المروية ما عرضها للانهيار, وازدياد ملوحة مياه البحر الميت, وتبلور وترسب الأملاح.
فقد بدأت في التشكل حفر معرضة للانهيار على جانبي البحر الميت جراء انخفاض كثافة المياه وبالتالي ازدياد سرعة حركة المياه الجوفية العذبة باتجاه البحر الميت وجرف الأتربة والصخور الداخلية ما شكل حفرا انهدامية سببت خطورة كبيرة على المواطنين وعلى الزراعة بما في ذلك انهيار جزء من الطريق السريع المحاذي للبحر الميت.
فالوضع البيئي في البحر الميت مترد وخطير ويحتاج لمعالجة حتى لا تمتد الآثار المترتبة عليه لتشكل مخاطر كبيرة على المنطقة المحيطة ومواردها المختلفة, وبخاصة المياه الجوفية والأراضي الزراعية وصناعة استخراج البوتاس.
اهمية المشروع وسيكون المشروع في الاراضي الاردنية, وهو عبارة عن قناة, وخط أنابيب من البحر الأحمر إلى البحر الميت, , ليس فيه قناة مفتوحة.
ويهدف الى اعادة منسوب المياه في البحر الى ما كان عليه قبل عام 1964 اي عندما كان منسوب المياه فيه 415 مترا واليوم هو 390 مترا اي ان منسوب البحر الميت نقص حوالي 25 مترا.
كما ان انحسار مياه البحر وتدني نسبة المياه المتدفقة من المرتفعات المحيطة يسهم في تزايد حركة المياه وسرعتها في المنطقة ما يزيد من كميات المياه الجوفية التي تذهب هدراً, بينما عودة منسوب البحر الميت إلى وضعه الطبيعيي يقلّل من دخول المياه الجوفية إلى البحر الميت.
فالمشروع سيؤدي إلى منع تهريب أو انسياب المياه العذبة إلى البحر الميت وسيوقف هدر المياه الجوفية.
اما الانهيارات التي تحدث احيانا في المناطق المحيطة بالبحر الميت, تحدث نتيجة انحسار مياه البحر الميت ما يشكل فراغا تحت سطح الارض ويؤدي لهبوطها وعودة البحر الى منسوبه الطبيعي يؤدي الى استقرار وتوازن بيئي.
وفيما يتعلق بالانزلاقات الأرضية تشير الدراسات الى ان المرتفعات والمناطق التي حدثت فيها الانزلاقات سواءً في ناعور, البحر الميت او في مناطق جبال عجلون أو إربد - عمان فهذه مناطق مرتفعة وبعيدة جداً عن منطقة المشروع والمسار الذي سيمد فيه الناقل يعد من أكثر الطرق استقراراً.
وهناك دراسات زلزالية للمنطقة, تشير الى ان رفع منسوب البحر الميت إلى المنسوب الطبيعي لن يزيد أو يؤدي إلى اختلاف جذري في موضوع الزلازل, وأقرب مثال على ذلك السد العالي, الذي كان هناك تخوفات كثيرة من الزلازل التي ستؤدي لها عملية تعبئة السد, فالزلازل لن تكون مشكلة لأن الصدوعات موجودة.
ايجابيات المشروع:- 1- انقاذ البحر الميت من كارثة بيئية وتوفير 850 مليون متر مكعب من المياه للأردن.
وستساهم بحل مشكلة المياه في الاردن اذ يقدرالعجز المائي حالياً بحوالي 500 مليون متر مكعب وتوفير مياه لاغراض التنمية المختلفة وتوليد 500 مليون ميغا واط من الكهرباء ستساهم في التنمية وبخاصة الصناعية.
و المساعدة في استتغلال الزيت الحجري وتوفير مياه للمفاعلات النووية المنوي انشاؤها لتوليد الطاقة.
و انشاء بحيرات صناعية لتربية الاسماك و تنمية منطقة وادي عربة التي تتميز بخصوبتها والخلاصة المشروع الان قيد الدراسة وبدعم من البنك الدولي, فعلى ضفاف الانهار قامت الحضارات.
ويأمل الاردن ان يساهم المشروع في تطوير منطقة وادي عربة التي تتميز بثرواتها.
ان اي حديث عن بدائل للمشروع كإنشاء محطة تحلية على البحر الاحمر وضخها الى عمان بواسطة انبوب مشروع جر مياه الديسي او استغلال مياه الامطار الهاطلة بكميات كبيرة على البادية الشرقية من خلال السدود والحفائر الترابية لتغذية المياه الجوفية لن تكون مجدية على المدى البعيد بوضع حد لتفاقم مشكلة العجز المائي في الاردن.
وتجرى الان اجتماعات تضم ممثلين عن الأردن وإسرائيل والفلسطينيين بشكل دوري للبحث في إعداد دراسة عن الجدوى الاقتصادية لمشروع قناة البحرين التي يفترض أن تربط البحرين الأحمر بالميت.
وسيغطي مشروع قناة البحرين في حال تنفيذه احتياجات الأطراف الثلاثة من المياه, حيث سيحصل الاردن على نحو 570 مليون متر مكعب من المياه العذبة سنويا إضافة إلى مياه عائدة غير مستعملة تقدر بحوالي 300 مليون متر مكعب لأغراض الري, بالإضافة الى توليد طاقة كهروبائية نظيفة, تعد من احتياجات الاردن الاساسية لاغراض التنمية المستدامة ويعد الأردن واحدا من أفقر ثلاث دول مائيا في العالم.
ويفوق العجز خمسمئة مليون متر مكعب سنويا وتتجاوز فيه الاحتياجات السنوية 2.1 مليار متر مكعب.
وفي حال تم البدء بتنفيذ المشروع الذي سيستغرق خمسة أعوام فإنه سيتم ضخ المياه من البحر الأحمر باتجاه البحر الميت عبر أنبوب أو عدة أنابيب صغيرة تمر عبر الاردن بطول مئتي كيلومتر.
بترا