يعتبر كتاب \" الإسلام والدولة \" للمؤلف السوداني الشيخ النيل أبو قرون من أهم الكتب أو الأهم على الإطلاق في جرأة المؤلف في اقتحام الموروث ومناقشته ونقضه بالحجة والبرهان اعتمادا على كتاب الله وعصمة نبيه ، إذ تمكن المؤلف من ضبط بوصلة فوضى الأحكام والاجتهادات المنتشرة ، التي صنعها مجتهدو امة الإسلام ، في مرحلة ما بعد انتقال نبي الرحمة - سيدنا محمد صلى الله عليه واله وبارك ، والت بالإسلام إلى هذه الحالة من الفوضى و التطرف والعنف والقتل ، والتقرب إلى الله بقتل البشر ،وأي رحمة جنيناها في تكفير الناس وقتلهم ؟!
والأدهى انه قد تم تبرير ذلك بموروث وقواعد فكرية باطلة زيفوها وحرفوها، كأن قالوا \"اختلاف العلماء رحمة \" بهدف تبرير كل الآراء ، وفتحوا باب التناطح ، وبذلك أصبح الصح والخطأ سواءا بسواء محض رحمة ، بل جعلوا كل الآراء أغثها وسمينها رحمة ، حتى مرروا أفكار الخارجة عن الملة والمكفرة والقتلة والمجرمون فأصبح الجميع مؤمنين ، ومن هنا جاءت الطامة الكبرى ! وفي مقابل ذلك قالوا في تحريم الفتوى لغير فلان وحجروا على الناس
\"فلا يفتى وفلان في المدينة \" لان فلان جمع العلم في ذلك العصر فافتقر العصر ولم تلد النساء .
وهل يجوز أن نقول في عصر ما أو اليوم \" لا يفتى ونوح أو علي الفقير أو القرضاوي أو الشعراوي ...في البلد الفلاني \"
أو المحامي كذا أو الطبيب كذا .... ولماذا جاءت أحاديث مثل افتراق اليهود والنصارى مثلا أو
\"قاضيان في النار وقاضي في الجنة \" ألان في اجتهاد اغلب القضاة وإحكامهم عذاب وليس رحمة ! أم ماذا ؟وهل ما نراه اليوم أن اختلاف العلماء رحمة أم عذاب وفرقة ؟ أم هل تحول الدين إلى مناطحات وصراعات وعنف بين امة الإسلام والأمم الأخرى وسالت دماء المسلمين ...
ثم ولقد كانتا سمتا الحجر والتبرير هما سمتا الماضي والحاضر ؟
لقد ظهرت العديد من الأفكار والكتب أبرزت عددا من الحركات السياسية والدينية عبر التاريخ وحتى اليوم ، وبقيت كل تلك الأفكار هي المسيطر ، رغم ما حملت ما حملت من ويلات ، وأسالت دماء ملة الإسلام وغيرهم من الملل واعتدوا \"إن الله لا يحب المعتدين ، كتاب \"الإسلام والدولة\" للمفكر السوداني الشيخ النيّل عبدا لقادر أبو قرون يطرح فيه مؤلفه العديد من الأسئلة ولا يترك الإجابات فيما يتعلق بالموروث الإسلامي التقليدي الذي تقبلناه دون تمحيص واجتهاد وتفكير، حتى لو كان يسيء للإسلام نفسه، لان لا أحدا يجرا أن يجتهد بعيدا عما خطه من سبق ولو كان خطا ، ثم لقد أماط المؤلف في إجاباته اللثام عن كيفية تحول الإسلام في بداياته من دعوة إلى الله للناس كافة ، إلى دولة سياسية محددة تحاكم عباد الله باسم الله ، دون أن يكون لهذا الأمر أي مصدر في القرآن أو حياة النبي صلى الله عليه وآله وبارك ، أومن دعوة الأنبياء السابقين جميعا، ومن ذلك أيضا : هل جاء الإسلام ليلغي الديانات السابقة ويكفّر أصحابها أم مصدّقا لها ؟ وهل يجوز إجبار الناس على الدخول في الإسلام بحدّ السيف أم أن الحرية الدينية مكفولة فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر؟ثم إن التضليل الذي حدث بشأن ما أطلق عليه \"فتوحات إسلامية\" أو غزوات للنبي صلى الله وبارك عليه وآله ؟ من هم \" الذين آمنوا\" الذين خوطبوا مرارا في القرآن الكريم وما الفرق بينهم وبين الذين هادوا والنصارى؟ هذا غيض من فيض الأسئلة الجريئة التي تصدى لها الشيخ النيل أيوقرون في كتابه التجديدي هذا نافضا الغبار عن أربعة عشر قرنا من الأفكار والممارسات التي وجدنا عليها آباءنا وما تناقله السلف دون تمحيص، مستندا في حججه الدامغة إلى كتاب الله وعصمة نبيه محمد صلى الله وبارك عليه وآله .