واضح أن ائتلاف حكومة نتنياهو يقوم على المسلمات الصهيونية واهمها «أرض اسرائيل» الممتدة من البحر الى النهر. وطالما أن مشكل الفلسطينيين القاطنين على «أرض اسرائيل» غير قابل للحل بطردهم, أو باستيعابهم, فإن الاستيطان يبقى الشعرة التي تجعل من «العقيدة» حالة سياسية. فمن غير المعقول في كل الحسابات الداخلية الاسرائيلية الاعلان بوقف «كل الاستيطان» للدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين!!.
وبالمقابل, فقد بدأ الفلسطينيون المفاوضات المباشرة قبل سبعة عشر عاماً, كان اثناءها الاستيطان الصهيوني يبتلع القدس كلها, ويقسم الضفة الى ثلاثة اقسام, مما يجعل شعار الدولة الفلسطينية مجرد كلمة مفرغة من محتواها. فلم تبق ارض تقام عليها هذه الدولة.. ولذا فما الهدف من المفاوضات؟؟ ولماذا يقبل الفلسطينيون ملهاة أخرى تستمر سبعة عشر عاماً أخرى؟!.
هنا يأتي الدور الاميركي, والدور المصري والاردني بشكل خاص.. فالحكومة الاسرائيلية المتطرفة ترفض وضع شروط على استئناف المفاوضات, وخاصة شرط وقف الاستيطان, وهذا ما أرادته واشنطن في البداية, لكنها تراجعت عنه. فهي تريد حسم التفاوض في عامين على ان يبدأ التفاوض في حدود الدولة الفلسطينية, ووزيرة الخارجية تصر في كل مناسبة على أساس حدود 1967, والتفاوض على القدس.. وفي مدة لا تتجاوز عام 2011 أي بعد عامين. وبهذا فستكون قد حلت قضية الاستيطان!!.
منظمة التحرير تصر على وقف الاستيطان وتستعد للتفاوض بشأن الحدود والقدس.. أي الحل النهائي وهي بهذا تقبل, ضمنياً, بوجود المستوطنات وتعويضها على الارض بأرض مقابلها تصل بين الضفة وغزة وليس مجرد معابر.. معبرين او ثلاثة قابلة للسد في أي وقت, ولمصلحة أي مناورة اسرائيلية!!.
اذا كانت واشنطن تقول علناً بأن الاستيطان غير شرعي, أي أن وجود المستوطنات قابل للإزالة, فذلك مستبعد.. فبعد قرار مجلس الأمن الذي يعتبر الاستيطان غير شرعي, نتذكر قول الرئيس ريجان وقد سمعناه شخصياً: ان الاستيطان ليس غير شرعي, ولكنه يعرقل مسيرة السلام!!.
في هذه العقدة يبدأ الدور المصري والاردني والى حد ما السعودي, فعلى واشنطن اذا كانت جادة ان تأخذ موقفاً من الاستيطان وذلك بوقفه اولاً, ثم بتعريفه فيما اذا كان غير شرعي, او اذا كان يعرقل عملية السلام فقط!! وعلى وزير الخارجية الاردني ايضاح الصورة, فلا يكفي أن يعلن الموقف الرسمي الاردني وهو يقف الى جانب وزيرة الخارجية الاميركية.. وانما يجب أن نعرف تفسير الكلام على ارض الواقع. فالفلسطينيون غير مقتنعين بالذهاب الى المفاوضات.. لتتكرر طبخة الحصى مرة اخرى, وهم هذه المرة جادون كما يبدو!!.