هناك سؤال دائما كنت اطرحه على نفسي وأظن كل زوجة أو زوج يراوده هذا السؤال ألا وهو :
هل أصارحه بكل شيء أم أخفي عنه كل شيء؟.. سؤال معقد يطرحه كل طرف من طرفي العلاقة الزوجية على نفسه، يبحث عن إجابة تفك طلاسم حيرته وتقوده إلى حل سحري لصداع مزمن يؤرق عقله وقلبه.. هل أخبر شريك حياتي بكل تفاصيل حياتي أم أجعل لي عالمي الخاص الذي لا يشاركني فيه سواي؟!.
بالطبع الحيرة القاتلة هي التي تحكم سيطرتها على مفهوم الخصوصية بين الزوجين؛ فالبعض يرى أن الخصوصية مثل الماء والهواء يجب أن تتاح لكل إنسان، والبعض الآخر يرى أنها كلمة يجب إلغاؤها من قاموس الحياة الزوجية بأي شكل من الأشكال. وما بين الاختلاف والاتفاق يظهر رأي ثالث هو الأقرب إلى الصواب يرى أن التطرف في الخصوصية يدمر العلاقة الزوجية كما يدمرها أيضا التدخل الزائد في شئون الآخرين.. فإلى أي حد يجب أن تصل الخصوصية بين الزوجين؟.
أنانية الزوج
من وجهة نظر احد الأزواج يرى أن النساء ثرثارات بطبعهن ولديهن قدر من الفضول يجعلهن يرغبن في معرفة كل كبيرة وصغيرة عن الزوج، وبالنسبة للوضع الطبيعي فإننا ندرك جميعنا سيكولوجية المرأة وأن الكلمة الحلوة لها مفعول السحر فيها، لذلك فلذلك يجب الحرص على معالجة الأمر مع المرأة أو الزوجة بشكل يرضيها ويشبع فضولها بقدر ما تريد، ولكنني بكل صراحة لا أعترف بأن يكون للمرأة خصوصيتها؛ ممكن يسمى عدم السماح هذا أنانية ولكن مستحيل أن يسمح رجل أو زوج بأن تُخفي عني زوجته أمرا ما، صحيح أنه لا يتدخل في تفاصيل ما يدور بينها وبين أسرتها أو بين صديقاتها ولكن على الأقل لا يقبل أن يخرج الأمر عن هذا الإطار من الخصوصية.
هناك زوج آخر ) يؤكد على أن \"الخصوصية\" حق يستغله بشكل كامل قائلا: أعترف أنني غامض، ربما لأن طبيعتي منذ الصغر ألا أتحدث كثيرا، ومن الممكن أن يكون هذا الغموض منغصا على زوجتي ولكني ماذا أفعل؟
ويستطرد هذا الزوج قائلا: الخصوصية جزء أصيل داخل كل إنسان مهما كانت درجة حبه وثقته في زوجته، ولكن الأمر يبقى نسبيا، وفي تصوري أنه \"طالما\" لا ضرر من هذه الخصوصية فلا بأس بها.
الصراحة راحة
على العكس تماما يرى زوج اخر أن الصراحة مهمة في معظم الأمور بين الزوجين، \"طالما\" أن الخصوصية ليس فيها أي خطأ أو تجاوزات، فليحتفظ كلا الزوجين بخصوصياتهما في إطار المسموح، وإذا كان من حق الزوج أن يحتفظ بخصوصية خاصة به فلا بد أن يكون للمرأة مساحة من الخصوصية أيضا مع أسرتها وعائلتها وصديقاتها.
وعن قناعته الشخصية يرى احد الأزواج أن إخفاء الزوج عن زوجته شيئا ما عن عمد من شأنه أن يُعطي مؤشرا على مشكلة ما، ولكن إذا كان الأمر طبيعيا ولا يذكره الزوج من قبيل عدم الثرثرة، فإن الأمر يمكن تجاوزه.. وفيما عدا ذلك فإن الزوج يمكن أن يترك زوجته فريسة للشك والارتباك والحيرة وقد يكون بلا داع.
ويضيف: \"إن السرية التي لا ترقى لدرجة الخيانة ولا تحمل أي تعدٍّ على خصوصية الزوج المعنوية من الممكن أن يسمح بها البعض، ولكن شريطة ألا تحمل أي تجاوز مرفوض\".
الاعتدال أفضل
وبما أن المرأة هي الطرف المعني بالأمر أيضا باعتبارها طرفا شريكا في العلاقة الزوجية، فكان لزاما أن نتوقف عند رأيها في مسألة الخصوصية.
البداية كانت مع واحده من الزوجات واليكم ما قالت بهذا الصدد :والتي أكدت على أن \"مسألة الخصوصية\" تبدو بديهية غالبا بين الأزواج ولا يتم الاتفاق عليها مسبقا بين الزوجين، صحيح أن هناك مساحة من الثقة الكاملة ولكن هناك تفاصيل حياتية \"خاصة\" لكل طرف في الحياة الزوجية، مثل العلاقة داخل العائلة وبعض التفاصيل التي تبقى طي الأسرار والكتمان ولا بد أن تبقى بعيدة عن الزوج، وفي المقابل فمن حق الزوج أيضا أن يكون له صندوقه الأسود، وهذا شأن خاص تماما.
وتؤكد هذه الزوجة على أن الاعتدال في كل شيء مطلوب؛ فالصراحة المطلقة والتكتم المطلق كلاهما مرفوض، فالخصوصية حق لكل فرد ولكن في مؤسسة الزواج مطلوبة باعتدال.
لا للخصوصية
ومن جانبها تؤكد إحدى الباحثات (باحثة في مجال التنمية) على أن طبيعة العلاقة بين الزوجين هي التي تمثل مؤشرا لحجم ومساحة \"الخصوصية بين الزوجين، وبالتأكيد فإن العلاقة المرنة بين الزوجين ودرجة التفاهم هي التي تجعل مساحة الخصوصية أجمل وأرقى، والعكس تماما وهذا ما تعيشه كواقع، فمنذ أن تزوجت تجهل راتب زوجها تماما وبصراحة قالت تساورها الشكوك تجاه تصرفاته المالية ولكن للأسف زوجها يبدو -لطول الفترة التي أمضاها وحيدا- أنه اعتاد عليها، ويبدو أنه لم يعتد على شريك آخر رغم مضي خمس سنوات على زواجهما، ولكن رتابة العلاقة جعلت كلا منهما له خصوصياته، وهي تتمنى مع الأيام أن تتخلص منها وأن تحيى مع زوجها \"بلا خصوصية\".
المهم الثقة
الخصوصية هي منطقة حرة أسبح فيها بحرية بعيدا عن زوجي، دون أن أرتكب شيئا خطأ أو مخجلا... هذا ما عبرت عنه زوجه أخرى قائلة: من الطبيعي أن أسمح لزوجي ببعض الخصوصية، ما دام لا يسيء إلي ولا يجرحني، وهو أيضا بدوره يمنحني ذات المساحة؛ وذلك بناء على الثقة القائمة بيننا.
وتضيف: منذ اللحظة الأولى لزواجي تفاهمت وزوجي على أن يظل لكلينا مساحة خاصة في الحياة، صحيح أننا زوجان والحياة بيننا قوامها الثقة الكاملة ولكن علاقتي بصديقاتي وأسرارهن وأسرار أسرتي لا دخل لزوجي بها، كما أنه لا يتدخل فيها أصلا، والأمر ذاته ينطبق عليَّ؛ فعلاقة زوجي بأصدقائه ومشكلاتهم لا أتدخل فيها وهذا يدخل في نطاق أسراره وخصوصياته.
وتستطرد قائلة: في تصوري أن المكاشفة التامة بين الزوجين غير مطلوبة؛ لأنها قد تؤدي لعواقب غير محمودة، لذلك فإن الخصوصية \"طالما\" أنها لا تُسيء إلى الزوج أو الزوجة فلا بأس بها.
خطأ مدمر
ومن وجهة نظر زوجه أخرى قالت : أن ما يطلق عليه \"خصوصية\" بين الزوج والزوجة هو أحد أبرز الأخطاء التي قد تدمر الزواج؛ لأن الأمر يبدأ ببعض الأسرار والخصوصيات لكل من الزوج والزوجة، وقد يتطور الأمر مسببا كوارث لا تُحمد عقباها، والمبرر لذلك كما يردد البعض \"الخصوصية\" التي منحني إياها زوجي، \"الخصوصية\" التي منحتي إياها زوجتي.
وتعترف تلك الزوجة أن رأيها يبدو متأثرا بتجربة عائلية لمست أبعادها فتقول: السرية والخصوصية قد تصل أحيانا إلى درجة الخيانة التي تشكل خطرا على الحياة الزوجية؛ ففي إحدى الزيجات وعلى مدى سبع سنوات من الحرية والخصوصية اكتشفت الزوجة أن زوجها يخونها وتزوج بأخرى.
وفى بداية زواجهما اتفقا على أن يكون يوم الخميس والجمعة يوما خاصا للترفيه مع أصدقاء وصديقات كل طرف من الأطراف، وفي الوقت الذي كانت تتنزه فيه الزوجة مع صديقاتها وتقضي يوما آخر مع أسرتها بشكل خاص بعيدا عن الزوج، كان الزوج يقضي يومين مع زوجته الأخرى، ومبرره في ذلك مساحة الخصوصية التي سمحت بها له زوجته.
وبالصدفة اكتشفت الأمر، وعندما صارحت زوجها طالبها بألا تلومه لأنها هي التي منحته مساحة الخصوصية بعدم سؤاله عن أسراره وأين يقضي إجازته ومع من؟ حملت الزوجة أشلاء حياتها الزوجية وهي نادمة على الخصوصية التي منحتها لزوجها وأساء هو فهمها واستغلالها.
وهم كبير
وفى السياق ذاته، فإن طبيعة التنشئة الاجتماعية تلعب دورا بارزا في تأصيل مسألة \"الخصوصية\".. هذا ما عبرت عنه إحدى الزوجات أيضا قائلة: إن مسألة \"الخصوصية\" هي وهم كبير ربما تتداوله وسائل الإعلام والصحف والمجلات ولكن الواقع أمر مختلف تماما؛ ذلك لأن أصول التنشئة الاجتماعية في المجتمعات الشرقية تعتمد أساسا على التفرقة العنصرية بين الذكر والأنثى، وهذا أمر متعارف عليه، فالفتاة مطالبة بأن تكون كتابا مفتوحا ولا أسرار في حياتها ولا خصوصيات في حين أن الذكور يُمنحون كل الحريات والخصوصيات والأسرار، ولا يسألون أين كانوا ولا أين هم ذاهبون؟
وللأسف هذا واقع تربينا عليه وترسخ داخلنا، وبالتالي عندما تنتقل الفتاة من بيت والدها إلى بيت زوجها فإنها تحمل داخلها ذات الخضوع والخنوع، وأن تجلس دائما على كرسي الاعتراف حين تُسأل من زوجها، في حين من غير المقبول أن تسأل هي زوجها عن خصوصياته.. فأي ازدواجية تلك؟.
إيجابيات وسلبيات
ومن وجهة علم الاجتماع من حق الرجل والمرأة، الزوج والزوجة بأن يكون لكل منهما حقه الإنساني في أن يحظى بجزء من الخصوصية في علاقاته بأصدقائه وأسراره ومادياته أحيانا.. ولكن يبقى هناك فارق كبير بين المفترض والواقع المعاش؛ فالواقع الشرقي يطالب المرأة دائما بأن تكون كتابا مفتوحا أمام زوجها ولا تطالب الرجل بذات الشيء من منطلق أننا نعيش في مجتمع ذكوري.
لكن للأسف مفهوم الخصوصية أصلا عندما يتبادر إلى الذهن فإن النظرة السلبية هي التي تتبادر للذهن بمعنى الخيانة، ولكن الخصوصية تحمل في طياتها معاني ومفاهيم إيجابية عدة. وفى تصور علماء الاجتماع أيضا فإن الخصوصية المحدودة بين الزوجين لها إيجابياتها في حين انعكاساتها السلبية يمكن أن تشكل قوة ضاغطة على علاقة كل طرف بالآخر.
أسس العلاقة الزوجية
أما الطب النفسي فيؤكد على أن الزواج علاقة تُبنى على الثقة والتكافؤ والفهم بين الزوجين، ومتى توافرت هذه السمات الأساسية تكسرت كل الحواجز والجسور بين الزوجين. وبما أن الزواج هو سكن وراحة، فإن وجود سر لدى أحد الطرفين يؤدي لقلق الطرف الآخر.
وعن إمكانية إيجاد مساحة محدودة وآمنة من الخصوصية بين الزوجين يقول أحد الأطباء النفسيين : لنعترف أن الأمر يتوقف على حجم الأسرار ونوعها شريطة ألا يتعدى ذلك كرامة الزوجة أو الزوج.. لا سيما إن علمنا أن الزوج أو الزوجة قد يخفيان بعض الأسرار دون أن يكون ذلك بقصد؛ كصداقات الزوجين أو التصرفات المادية.
وعن الخلاف بين أسرار الزوج والزوجة يرى ذلك الطبيب: أن أسرار أو خصوصيات الزوج قد تشمل الصداقات أو السهرات مع الأصدقاء أو مساعدة الأهل ماديا. في حين نجد أن أسرار الزوجة أو خصوصياتها ترتبط بماضيها قبل الزواج أو مساندتها لأهلها ماديا.
وعن الانعكاسات السلبية النفسية لخصوصيات الزوجين يقول: إن الأزواج الذين لا يبوحون بأسرارهم لزوجاتهم يثيرون شكوكهن، وخاصة إن كان الأمر مثيرا للشك والريبة، ناهيك عن القلق الذي يصيبها؛ لذلك فإن الصراحة هي أفضل السبل لسد الذرائع ودرء الشبهات.
وباعتقادي الجازم من بعد ما سمعت وما شاهدت من خلال كتابتي وإعدادي لهذا الموضوع ...وأيضا من قناعتي الشخصية أن كل زوج أو زوجه أعرَف بظروفه وبشريكه الأخر ...والصراحة يجب أن تسود بين الزوجين وعلينا إذا أردنا أن نبوح بما لدينا سواء الزوج أو الزوجة أن يختارا لحظات الصفاء وأجواء الطمأنينة والسكينة بحيث في تلك اللحظة يستوعب كل منهما الأخر ...وأظن لا أسرار بين زوجين متحابين متفاهمين متمازجين ... وأظن كذلك بل اعتقد جازمة كاإمرأه أو كزوجه أن أسراري وخصوصياتي انتهت لحظة ارتباطي بزوجي ..فما أجمله من بوح من قلبك عزيزتي الزوجة إلى قلبك عزيزي الزوج فالكلام يحلو بتلك اللحظة والبوح يذيب ثلج العواطف ويدفئها ..لتشع أجمل الأحاسيس والمشاعر بينكما يا أسعد زوجين ....ولكن أود أن أشير لنقطه مهمة عزيزتي الزوجة واهمس بها بأذنك عزيزي الزوج إذا كان بوحكما لبعضكما يسبب ضيق أو مشكلات بينكما لا حل لها وهذا البوح كتمانه ليس فيه ضرر على حياتكما هنا الرجاء أن يبقى البوح طي الكتمان ومدفون بالقلوب أفضل ...لذلك هنا وبهذا الموقف وجب الستر أفضل وأخف ضررا ...وبآخر موضوعي هذا أحب أن أذكركم بالآية الكريمة لنحس من خلالها بعظمة الخالق ونستمتع بجمال الوصف ..قال تعالى (( وخلقنا لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها .وجعلنا بينكم مودة ورحمه))