زاد الاردن الاخباري -
مسألتان لا يمكن إسقاطهما من أي حساب عندما يتعلق الأمر بقراءة «وطنية» منتجة لحادثة «فتاة عجلون».
الأولى؛ الاتجاه فورا لتشخيص «المتهم» بهذه الجريمة وهو يحاول تحت وطأة تعقيدات البعد الاجتماعي والديني والمناطقي «الافلات» من العقاب والعدالة.
الثانية؛ عدم وجود اسم لما حصل إلّا «جريمة» بكل المعاني الانسانية والقانونية، بصرف النظر عن كل الاعتبارات اضافة لعدم وجود مشكلة عمليا اسمها «التعايش الديني» في مملكتنا الهاشمية.
وهي جريمة سحبت من رصيد الأردنيين الحضاري في العالم لان «بتول حداد» ضحية العنف الاجتماعي في عجلون لم تعد مجرد «قتيلة» بل سوطا يلهب ظهور الأردنيين ويقدم صورة سلبية عنهم للعالم.
المتهم بكل الأحوال هو تلك «النمطيات الاجتماعية» التي لا دِين ولا طائفة ولا جغرافيا تحكمها من حيث المبدأ.
المتهم الأبرز في حالة جريمة عجلون «التخلف الاجتماعي» الذي يتواطأ يوميا مع انحرافات «ذكورية» شملت عشرات الضحايا قبل «بتول» ومن كل الطوائف وفي المدن والأحياء والمخيمات قبل المحافظات والبوادي.
المجرم الرئيسي فار من وجه العدالة حتى اللحظة، وصحف العالم ووسائله تُسقط كل عقدها على الأردنيين وهي تراقب حادثة عجلون وتنحرف في قراءتها عن مسارها الحقيقي في خدمة مجانية قدمتها تلك النمطيات لكل خصم أو عدو أو متربص او حاقد أو موتور أو قارئ «غير علمي» لمشهد جزئي لا يمكنه أن يعكس حقيقة الأردنيين وتعايشهم. لا مبرر لاقلاق راحة بتول في ترابها عبر ممارسة لعبة القفز عن الوجع العائلي والوطني والمبالغة في اختطاف جثمانها أو تحديد كيفية دفنها أو عبر الاسترسال في التحدث عن الطابع «الديني» للجريمة. فقد قتلت عشرات الأردنيات لأسباب متعددة ومتنوعة وسخيفة.
وقصة بتول في أبعادها أعمق من إشهارها المحتمل لإسلامها أو من مسيحيتها او حتى من المساجلات التي شهدتها قرية الوهادنة عندما قرر بعض «جهالها» من الطرفين المشي في جنازة «قتيلة» شارك عمليا في إطفاء شمعتها الجميع بسبب التواطؤ الازلي مع نمطيات المجتمع المستقرة.
قاتل بتول المباشر سلم نفسه للقانون، وهو الآن بين يدي عدالة القضاء ودولة القانون. والمؤسسات هي وحدها التي تكفل «للجميع» قدرا من العدالة، في وقت ستحتضن العدالة الالهية المغدورة الشابة وستحاسب من قتلها بلا رحمة.
لكن المتهم الرئيسي ما زال هاربا، ولا بد من محاكمته من أجل الأردن ومستقبله.. ىفي الأثناء ينبغي أن تتوقف ماكينة النميمة واللطم التي تحترف إنتاج الطاقة السلبية في المجتمع، كما ينبغي توثيق الخلاصة التي عنوانها العريض: لا يوجد، وينبغي ألّا توجد مشكلة باسم «التعايش الديني» في بلادنا.
العرب اليوم