رغم الجهود التي بذلتها المؤسسات التي تُعنى بشؤون البادية الأردنية بتدخلاتها المباشرة في المشاريع التي ترى أنها تنموية، كمشروع المحمدية وغيرها من المشاريع، إلا أن النتائج كانت دون التوقعات المرجوة، ولم تحقق الغاية من إقامتها اقتصاديا ً.
ونتيجة لذلك، فقد شغل الحراك التنموي للبادية الأردنية بال العديد من أبنائها، وأصبح في صلب اهتماماتهم، وأتضح هذا من خلال المقالات التي تناولتها الصحافة الالكترونية، فهذه المقالات استندت إلى حقائق ملموسة، حيث أنها أخذت بعين الاعتبار الإمكانات الحقيقية للبادية، فجاءت الحلول التي اقترحتها واقعية وقدمت الأجوبة الشافية للإشكاليات المطروحة.
فالمشاريع التنموية التي ينبغي أن تقام في البادية يجب أن تكون مرتبطة بمدى قناعة سكان البادية بها، لأنهم أصبحوا يعيشون ظروفا ً صعبة ً قاسية ً من العيش ونسقا ً جديدا ً من العلاقات والتفكير والسلوك الاجتماعي، لهذا لا يمكن إيجاد حل لهذا الوضع إلا في الإطار الوطني الشمولي.
وفي ضوء ذلك، لا بد من الأخذ بالسياسات التنموية الآتية:
أولا ً: إشراك جميع الفاعلين بالبادية الأردنية وعدم إقصاء أي منهم، فالمشاريع التنموية يجب أن تخضع لعدة شروط موضوعية تحافظ على مصلحة سكان البادية، ولا تكون فجائية، بل لا بد من التريث وأخذ الوقت اللازم لتنفيذها، وذلك عن طريق ما يأتي:
- توفير الوسائل المادية والبشرية لخلق التعاونيات بالبادية، وأن تأخذ الصفة الجدية لتخدم مصالح أبناء البادية.
- تشجيع بعض الأنشطة، كتربية الأغنام وتدبير المراعي وإنشاء وحدات صناعية صغيرة مرتبطة بها، كتصنيع الحليب...الخ.
- تدعيم الأنشطة التي من شأنها تحسين البنيات الاجتماعية والسوسيواقتصادية في البادية.
- وقفة للتأمل وتقييم التجربة من أجل تجنب الهفوات والتغلب على مختلف الصعوبات التي تعيق التجربة ونقد الذات، وتجنب المشاريع التي أقيمت في البادية وكانت نتائجها غير مجدية، لاستنزافها للمياه الجوفية والطاقة بشكل كبير، التي تحتاج للمراجعة والتقييم المستمرين من أجل تعديل الخطط وتحديثها. (ويا حبذا لو كانت الجهات المسؤولة تتابع ذلك).
ثانيا ً: ربط نجاح المشاريع التنموية في البادية بالتوجه الديمقراطي للشؤون المحلية، والذي يتطلب إفراز تمثيل حقيقي للسكان ليأخذ منحنى أكثر ديمقراطية، حتى يصبح ابن البادية فاعلا ً ومشاركا ً بشكل رئيسي في العملية التنموية.
لقد حان الوقت، لكي تعترف تلك الجهات بعدم جدوى المشاريع التي خصصت لها مبالغ مالية كبيرة التي تم تنفيذها في البادية الأردنية. وإن أيجاد بدائل لتنمية البادية أمر في غاية الأهمية، لهذا، فإن أي تفكير يصب في هذا الاتجاه ينبغي أن يأخذ في الاعتبار حاجات سكان البادية، فقد حرموا كثيرا ً من مشاريع إنتاجية ذات جدوى اقتصادية.
وبناء على ما سبق، يمكن القول إن تبني مثل هذه السياسات يحتاج إلى قرارات تتسم بالحكمة والرؤية الصائبة لكي تسهم في أحداث التنمية المستدامة في البادية، كما أن هذه السياسات ستنقل البادية الأردنية إلى نظام سوسيواقتصادي جديد ستتغير معه مختلف الميكانيزمات Mechanisms (الآليات) المحددة للتنمية في البادية.
د. فيصل المعيوف السرحان
دكتوراه في التخطيط الإقليمي والتنمية
المفرق - سما السرحان
faisal_mayouf@yahoo.com