قبل أيام طالعت مقالا لمواطن أردني ساقه القدر ليزور شلالات الرميمين بعد أن سأله أبناءه ذلك لسماعهم عنها من خلال منهجهم الدراسي...حيث استجاب هذا المواطن لرغبات أبناءه وتوجه لزيارة هذا المعلم الطبيعي والجغرافي المميز حيث شكلته قواها وكأنها بأنامل فنان تأنى في عملية تشكيله وتفنن, ورسم أحلى اللوحات الساحرة بألوان الطيف, وجادت عليها أمنا الأرض بمياه تتدفق من ينابيعها الرقراقة, لتنحدر بحنو نحو مسقطها عند أحضان الوادي السحيق ,باعثة من هناك ترنيمة عشق تمتزج بصوت أجراس كنائس قريتها من علٍ,وتنشر رذاذ مائها ليتساقط بردا على الأشجار الحانية والقطوف الدانية وكأنها دوما في موسم ربيع...
هذه هي شلالات الرميمين قرية الورد وجارة القمر...أما ما نسمعه وما نقرأه وما نراه بأم أعيننا و ما آل اليه وضعها يجعلك تنظر حائرا وتقف واجما من هول ما ترى وتسمع وتقرأ؟؟ فهل هذه الشلالات هي التي كانت قبل سنين قضت تستقطب الأردنيين الطيبين وتأخذهم في ليلة صيف ليستحموا بماء غدرانها ويتنشفوا بنور شمسها ويستظلوا تحت أغصانها ممضين أحلى الهنيهات بين أحضانها الآمنة الودود, ناعمين بخرير ماءها العذب وهواءها العليل...
ماذا حصل لك أيتها البلدة الحنون؟؟؟ بنوا فوق أرضك السجون وجعلوا من واديك واحة لا تزورها إلا الخفافيش ولا تسمع فيها إلا نعيق غراب ينوح من فوق الوادي أن لا تعبثوا أكثر وينادي بصوته الحزين أن هذا المكان ما كان يوما إلا جنة الوديان مزروعا بالتين والرمان ودوالي عنبه كانت تأبى إلا أن تختلط بطهر مياهه قبل أن تغور في بطن الوادي وتسحب لتروي جيرانا لنا نحن نسقيهم من ماء العيون لكن الوادي لا يريد الرحيل مبكرا ويرفض أن تصدروا حكماً بإعدامه وإنهاءً لمجده ودوره في الحياة...
لقد أحزنني ما قرأت وما كتبه زائر الوادي الكريم عندما وضع عنوانا لمقالته ((شلالات الرميمين بين الاصالة والقذارة))وارتعدت عند قراءة المضمون وما ساءه من تغيير حال وتبدل أحوال..عذرته لما قال لكنني ترددت بقبول العنوان ,فكيف يا أخي للأصالة والقذارة أن يلتقيان؟؟فالأصالة هي من نسج العروق ولا تزول مهما تبدل الزمن,أما القذارة فهي شكل من أشكال الممارسة الدخيلة والبعيدة كل البعد عن الأصالة؟؟والرميمين وشلالاتها تأبى إلا أن تكون أصيلة كما هو حال الأردن بكل بواديه وحضره وفيافيه...فرسالة كل الأردنيين الشرفاء والغيورين, ونداء نوجهه لوزارة السياحة ولمحافظة البلقاء ومن ثم لمجلس بلديتنا الموقر أن رأفة ببلدتنا الوادعة الجميلة وواديها العتيق وشلالاتها الناضبة ...ولتضعوا المنطقة على خارطة الوطن السياحية من جديد,ولتدخل ضمن خططكم وبرامجكم المستقبلية ..فصدقا هي أهل لذلك وتستحق اهتمامكم أيها المسؤؤلون...